الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1093 174 - حدثنا مسدد، قال: حدثنا أبو الأحوص، قال: حدثنا منصور، عن أبي وائل، عن عبد الله رضي الله عنه قال: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقيل: ما زال نائما حتى أصبح، ما قام إلى الصلاة فقال: بال الشيطان في أذنه.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للباب في رواية الأكثرين ظاهرة، وفي رواية المستملي أظهر.

                                                                                                                                                                                  (ذكر رجاله) وهم خمسة ; قد ذكروا غير مرة، وأبو الأحوص : سلام بن سليم ، ومنصور : ابن المعتمر ، وأبو وائل: شقيق بن سلمة ، وعبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه.

                                                                                                                                                                                  (ذكر لطائف إسناده): فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين، وفيه الإخبار كذلك في موضع واحد، وفيه العنعنة في موضعين، وفيه القول في موضعين، وفيه أن شيخه بصري، وأبو الأحوص ومنصور وأبو وائل كوفيون .

                                                                                                                                                                                  (ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره): أخرجه البخاري أيضا في "صفة إبليس" عن عثمان بن أبي شيبة ، وأخرجه مسلم في "الصلاة" عن عثمان وإسحاق ، كلاهما عن جرير به، وأخرجه النسائي فيه عن إسحاق ، وعن عمرو بن علي ، عن عبد العزيز بن عبد الصمد عنه به، وأخرجه ابن ماجه فيه عن محمد بن الصباح ، عن جرير به.

                                                                                                                                                                                  (ذكر معناه): قوله: فقيل: ما زال نائما ، أي قال رجل ممن كان في المجلس: ما زال هذا الرجل نائما حتى أصبح، وفي رواية جرير ، عن منصور في بدء الخلق: رجل نام ليلة حتى أصبح .

                                                                                                                                                                                  قوله: ما قام إلى الصلاة: اللام فيه للجنس، ويجوز أن تكون للعهد، ويراد بها المكتوبة، وهو الظاهر كما قال سفيان الثوري حيث قال: هذا عندنا نام عن الفريضة، وأخرج ابن حبان من طريق سفيان ، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن ، حدثنا علي بن حرب ، أخبرنا الهاشم بن يزيد الحرمي ، عن سفيان الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل نام حتى أصبح [ ص: 196 ] قال: بال الشيطان في أذنه ، قوله: (في أذنه) بضم الذال وسكونها، وفي رواية جرير (في أذنيه) بالتثنية، واختلفوا في معنى قوله: (بال الشيطان)، فقيل: هو على حقيقته. قال القرطبي : لا مانع من حقيقته لعدم الإحالة فيه ; لأنه ثبت أنه يأكل ويشرب وينكح، فلا مانع من أن يبول. وقال الخطابي : هو تمثيل، شبه تثاقل نومه وإغفاله عن الصلاة بحال من يبال في أذنه فيثقل سمعه ويفسد حسه، قال: وإن كان المراد حقيقة عين البول من الشيطان نفسه فلا ينكر ذلك، إن كانت له هذه الصفة.

                                                                                                                                                                                  وقال الطحاوي : هو استعارة عن تحكمه فيه وانقياده له. وقال التوربشتي : يحتمل أن يقال: إن الشيطان ملأ سمعه بالأباطيل، فأحدث في أذنه وقرا عن استماع دعوة الحق، وقيل: هو كناية عن استهانة الشيطان والاستخفاف به، فإن من عادة المستخف بالشيء أن يبول عليه ; لأنه من شدة استخفافه به يتخذه كالكنيف المعد للبول. وقال ابن قتيبة : معناه أفسد، يقال: بال في كذا أي أفسد، والعرب تكني عن الفساد بالبول قال الراجز:


                                                                                                                                                                                  بال سهيل في الفضيخ ففسد



                                                                                                                                                                                  ووقع في رواية الحسن عن أبي هريرة في هذا الحديث عند أحمد . قال الحسن : إن بوله والله لثقيل، وروى محمد بن نصر من طريق قيس بن أبي حازم ، (عن ابن مسعود : حسب رجل من الخيبة والشر أن ينام حتى يصبح، وقد بال الشيطان في أذنه )، وهو موقوف صحيح الإسناد. (فإن قلت): لم خص الأذن بالذكر والعين أنسب بالنوم. (قلت): قال الطيبي : إشارة إلى ثقل النوم، فإن المسامع هي موارد الانتباه، وخص البول من الأخبثين ; لأنه أسهل مدخلا في التجاويف وأوسع نفوذا في العروق، فيورث الكسل في جميع الأعضاء.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية