الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1101 181 - حدثنا عباس بن الحسين، قال: حدثنا مبشر ، عن الأوزاعي، ح وحدثني محمد بن [ ص: 210 ] مقاتل أبو الحسن، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا الأوزاعي، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، قال: حدثني عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عبد الله لا تكن مثل فلان، كان يقوم من الليل فترك قيام الليل.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة في قوله: " يا عبد الله لا تكن مثل فلان " إلى آخره.

                                                                                                                                                                                  (ذكر رجاله) وهم ثمانية:

                                                                                                                                                                                  الأول: عباس بالباء الموحدة المشددة وبالسين المهملة ابن الحسين بالتصغير، أبو الفضل البغدادي القنطري ، مات سنة أربعين ومائتين.

                                                                                                                                                                                  الثاني: مبشر بلفظ اسم الفاعل ضد المنذر ابن إسماعيل الحلبي ، مات سنة مائتين.

                                                                                                                                                                                  الثالث: عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي .

                                                                                                                                                                                  الرابع: محمد بن مقاتل أبو الحسن المروزي المجاور بمكة .

                                                                                                                                                                                  الخامس: عبد الله بن المبارك .

                                                                                                                                                                                  السادس: يحيى بن أبي كثير .

                                                                                                                                                                                  السابع: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف .

                                                                                                                                                                                  الثامن: عبد الله بن عمرو بن العاص .

                                                                                                                                                                                  (ذكر لطائف إسناده): فيه إسنادان أحدهما عن عباس والآخر عن محمد بن مقاتل ، وفيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين، وبصيغة الإفراد في ثلاثة مواضع، وفيه الإخبار بصيغة الجمع في موضع واحد، وفيه العنعنة في موضع واحد، وفيه في سياق عبد الله التصريح بالتحديث في جميع الإسناد، فحصل الأمن من تدليس الأوزاعي وشيخه، وفيه القول في ستة مواضع، وفيه أن شيخه عباس بغدادي، ومبشر حلبي، والأوزاعي شامي، ومحمد بن مقاتل وشيخه عبد الله مروزيان، ويحيى بن أبي كثير يمامي طائي، واسم أبي كثير صالح ، وقيل: دينار ، وقيل غير ذلك، وأبو سلمة مدني، وفيه أن البخاري أخرج عن عباس بن الحسين هنا وفي الجهاد فقط، وفيه أن شيخه محمد بن مقاتل من أفراد البخاري .

                                                                                                                                                                                  (ذكر من أخرجه غيره): أخرجه مسلم في "الصوم" عن أحمد بن يوسف الأزدي ، عن عمرو بن أبي سلمة به، وأخرجه النسائي في "الصلاة" عن سويد بن نصر ، عن ابن المبارك به، وعن الحارث بن أسد ، عن بشر بن بكر ، عن الأوزاعي ، وأخرجه ابن ماجه عن محمد بن الصباح ، عن الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي .

                                                                                                                                                                                  (ذكر معناه):

                                                                                                                                                                                  قوله: " مثل فلان " لم يدر من هو، والظاهر أن الإبهام من أحد الرواة، وقال بعضهم: وكان إبهام مثل هذا لقصد الستر عليه، ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد شيخا معينا، وإنما أراد تنفير عبد الله بن عمرو من الصنيع المذكور. (قلت): كل ذلك غير موجه، أما قوله: الستر عليه فغير سديد ; لأن قيام الليل لم يكن فرضا على فلان المذكور، فلا يكون بتركه عاصيا حتى يستر عليه، وأما قوله: ويحتمل إلى آخره فأبعد من الأول على ما لا يخفى ; لأن الشخص إذا لم يكن معينا كيف ينفر غيره من صنيعه، وأما قوله: أراد تنفير عبد الله فكان الأحسن فيه أن يقال: أراد ترغيب عبد الله في قيام الليل حتى لا يكون مثل من كان قائما منه ثم تركه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " من الليل " وليس في رواية الأكثرين لفظ من موجودا، بل اللفظ كان يقوم الليل أي في الليل، والمراد في جزء من أجزائه، فتكون من بمعنى في نحو قوله تعالى: إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة أي في يوم الجمعة.

                                                                                                                                                                                  (ذكر ما يستفاد منه) قال ابن العربي : في هذا الحديث دليل على أن قيام الليل ليس بواجب ; إذ لو كان واجبا لم يكتف لتاركه بهذا القدر، بل كان يذمه أبلغ الذم. وقال ابن حبان : فيه جواز ذكر الشخص بما فيه من عيب إذا قصد بذلك التحذير من صنيعه ، وفيه استحباب الدوام على ما اعتاده المرء من الخير من غير تفريط، وفيه الإشارة إلى كراهة قطع العبادة وإن لم تكن واجبة.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية