الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 273 ] 8 - باب: لا يقول: ما شاء الله وشئت

                                                                                                                                                                                                                              وهل يقول: أنا بالله ثم بك؟

                                                                                                                                                                                                                              6653 - وقال عمرو بن عاصم ، حدثنا همام حدثنا إسحاق بن عبد الله ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي عمرة ، أن أبا هريرة حدثه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن ثلاثة في بني إسرائيل أراد الله أن يبتليهم ، فبعث ملكا فأتى الأبرص فقال: تقطعت بي الحبال، فلا بلاغ لي إلا بالله، ثم بك" . فذكر الحديث [انظر: 3464 - مسلم: 2964 - فتح: 11 \ 540]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              وقال عمرو بن عاصم : ثنا همام ، ثنا إسحاق بن عبد الله ، ثنا عبد الرحمن بن أبي عمرة ، أن أبا هريرة - رضي الله عنه - حدثه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن ثلاثة في بني إسرائيل أراد الله أن يبتليهم، فبعث إليهم ملكا فأتى الأبرص فقال: تقطعت بي الحبال، فلا بلاغ لي إلا بالله ثم بك" . فذكر الحديث في الأقرع والأعمى أيضا، المذكور في بني إسرائيل ، وهناك أسنده، فقال: حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا عمرو بن عاصم ، وحدثنا محمد ، ثنا عبد الله بن رجاء ، قالا: ثنا همام به.

                                                                                                                                                                                                                              قال المهلب : وإنما أراد البخاري أن يخبر بـ (ما شاء الله ثم شئت) استدلالا من قوله - عليه السلام - في حديث أبي هريرة : "فلا بلاغ لي إلا بالله ثم بك" وإنما لم يجز أن يقول: ما شاء الله وشئت; لأن الواو تشرك بين المشيئين جميعا. وقد روي هذا المعنى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يقولن أحدكم ما شاء الله وشاء فلان، ولكن ليقل: ما شاء الله ثم ما شاء فلان" وإنما جاز دخول (ثم) مكان الواو; لأن مشيئة الله [ ص: 274 ] تعالى متقدمة على مشيئة خلقه، قال تعالى: وما تشاءون إلا أن يشاء الله [الإنسان: 30] فهذا من الأدب، وذكر عبد الرزاق ، عن إبراهيم النخعي أنه (قال: لا نرى) بأسا أن يقول: ما شاء الله ثم شئت، وكان يكره أن يقول: أعوذ بالله وبك، حتى يقول: ثم بك. (والحديث في ذلك) رواه محمد بن بشار ، ثنا أبو أحمد الزبيري ، ثنا مسعر (عن) معبد بن خالد ، عن عبد الله بن يسار ، عن قتيلة -امرأة من جهينة - قالت: جاء يهودي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنكم تشركون، وإنكم تجعلون لله ندا، تقولون: والكعبة، وتقولون: ما شاء الله وشئت، فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: "ورب الكعبة " وأمرهم أن يقولوا: "ما شاء الله ثم شئت" .

                                                                                                                                                                                                                              وهذا الحديث رأي البخاري ، ولم يكن من شرطه، فترجم به، واستنبط معناه من حديث أبي هريرة .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 275 ] وقال الداودي : ليس في هذا نهي أن لا يقول: بالله وبك. قال تعالى: وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله [التوبة: 74] وقال: وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه [الأحزاب: 37] وقال: قل الأنفال لله والرسول [الأنفال: 1] والابتلاء: الاختبار.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: أن الملائكة تكلم غير الأنبياء ; إلا أن المتكلم ربما يعرف أن الذي يكلمه ملك. واعترضه ابن التين ، فقال: ما ذكره ليس بظاهر; لأن قوله: ما شاء الله وشئت، يشارك الله في مشيئه، وجعل الأمر مشتركا بينه وبين الله في المشيئة، وليس كذلك الآي التي ذكرها; لأنه إنما شاركه في الإنعام، أنعم الله على زيد بن حارثة بالإسلام، وأنعم عليه الشارع بالعتق، وإنما الذي يمنع أن تقول: ما شاء الله وشئت توقع المشاركة في المشيئة، وهي منفردة لله سبحانه حقيقة، ومجازا لغيره.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              قوله: ("تقطعت بي الحبال") الذي نحفظه بالحاء. قال ابن التين : رويناه "بالجبال" وفي رواية أخرى بالخاء، وهو أشبه).




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية