الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6702 7119 - حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي ، حدثنا عقبة بن خالد ، حدثنا عبيد الله ، عن خبيب بن عبد الرحمن ، عن جده حفص بن عاصم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب ، فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا " .

                                                                                                                                                                                                                              قال عقبة : وحدثنا عبيد الله ، حدثنا أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله إلا أنه قال : "يحسر عن جبل من ذهب " . [مسلم : 2894 - فتح: 13 \ 78 ] .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق من حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى " .

                                                                                                                                                                                                                              وحديث عبيد الله ، عن خبيب بن عبد الرحمن ، عن جده حفص بن عاصم ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب ، فمن حضر فلا يأخذ منه شيئا " .

                                                                                                                                                                                                                              وعن عبيد الله ، ثنا أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . مثله إلا أنه قال : "يحسر عن جبل من ذهب " .

                                                                                                                                                                                                                              الشرح :

                                                                                                                                                                                                                              حديث أنس الأول أخرجه في مناقب الأنبياء عن ابن سلام ، عن [ ص: 398 ] الفزاري ، عن حميد ، عن أنس - رضي الله عنه - ، وروى حميد المروزي ، عن عبد الوهاب : ثنا عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن كعب قال : تخرج نار من قبل اليمن تحشر الناس تغدوا معهم إذا غدوا ، وتقيل معهم إذا قالوا ، وتروح معهم إذا راحوا ، فإذا سمعتم بها فاخرجوا إلى الشام . وكل ما ذكرناه في هذه الأحاديث من الأشراط فهي علامات قيام الساعة كخروج النار ، ومعناها واحد ، وقد جاء في حديث أن النار آخر أشراط الساعة . ورواه ابن عيينة عن فرات القزاز ، عن أبي الطفيل ، عن أبي سريحة حذيفة بن أسيد قال : أشرف علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غرفة فقال : "ما تذكرون ؟ " قلنا : نتذاكر الساعة . قال : "فإنها لا تقوم حتى تكون عشر آيات : الدجال ، والدخان ، والدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ، ويأجوج ومأجوج ، ونزول عيسى ، وثلاثة خسوف ؛ خسف : بالمشرق ؛ وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم " .

                                                                                                                                                                                                                              وذكر ابن أبي شيبة : ثنا محمد بن بشر ، عن أبي حيان ، عن أبي زرعة ، عن عبد الله بن عمر مرفوعا : " أول الآيات (خروجا ) طلوع الشمس من مغربها ، وخروج الدابة على الناس ضحى وأيهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها قريبا " .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 399 ] وحديث أنس أصح من هذه الأحاديث ، وقد روى حماد بن سلمة عن أبي المهزم يزيد بن سفيان -وهو ضعيف - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : خروج الآيات كلها في ثمانية أشهر . وقال أبو العالية : الآيات كلها في ستة أشهر .

                                                                                                                                                                                                                              فصل :

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن التين : يريد بقوله : "أول أشراط الساعة . . " إلى آخره أنها تخرج من اليمن حتى تؤديهم إلى بيت المقدس ، والأشراط : العلامات ، واحدها : شرط بفتح الشين والراء . ووجه حديث ابن عمر - رضي الله عنه - أول الآيات (خروجا ) طلوع الشمس من مغربها : إذا دنت الساعة وتقاربت علاماتها ، فجائز أن يقال لكل واحدة أول ؛ لتقارب بعضه من بعض ، وتقارب الزمن من انطواء السنين بقرب السنة والشهر والجمعة ، وتقصر عما كانت ، قاله كله أبو عبد الملك ، وقيل اقتراب الزمن إذا دنا قيام الساعة .

                                                                                                                                                                                                                              فصل :

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : "تضيء أعناق الإبل ببصرى " يعني : من آخرها ، تبلغ إلى الإبل التي تكون ببصرى وهي من أرض الشام ، تقول العرب : أصاب النار ، وأصاب النار غيرها ، ويوشك أي : يسرع ، ويحسر : يكشف .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : ("فلا يأخذ منه شيئا " ) . يريد ؛ لأنه للمسلمين ؛ فلا يؤخذ إلا بحقه ومن أخذه وكنز المال ندم لأخذه ما لا ينفعه ، وإذا ظهر جبل من ذهب كثر الذهب فلم يرد .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 400 ] فصل :

                                                                                                                                                                                                                              عبيد الله هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب ، أمه فاطمة بنت عمر بن عاصم (بن عمر ) وأم ابنته ميمونة بنت داود بن كليب ، أخي خبيب ابني يساف ، وخبيب هو ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن خبيب بن يساف ، قاله ابن سعد ، وكان لخبيب ابنان عبد الله وعبد الرحمن ، وقوله : (عن جده ) الضمير يعود إلى عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم الراوي عن خبيب ، بالخاء المعجمة .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية