الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        5371 - حدثنا يزيد بن سنان وأبو أمية ، قالا : ثنا بشر بن عمر الزهراني ، قال : ثنا مالك بن أنس ، عن ابن شهاب ، عن مالك بن أوس النضري ، قال : أرسل إلي عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : ( إنه قد حضر المدينة أهل أبيات قومك ، وقد أمرنا لهم برضخ ، فاقسمه بينهم ) .

                                                        فبينا أنا كذلك إذ جاءه حاجبه يرفأ ، فقال : هذا عثمان ، وعبد الرحمن ، وسعد ، والزبير ، وطلحة يستأذنون عليك ، فقال : " إيذن لهم " .

                                                        ثم مكثنا ساعة ، فقال : هذا العباس وعلي يستأذنان عليك ، فقال " إيذن لهما " .

                                                        فدخل العباس ، قال : يا أمير المؤمنين ، اقض بيني وبين هذا الرجل ، وهما - حينئذ - فيما أفاء الله على رسوله من أموال بني النضير .

                                                        فقال القوم : اقض بينهما يا أمير المؤمنين وأرح كل واحد منهما عن صاحبه .

                                                        [ ص: 281 ] فقال عمر رضي الله عنه : أنشدكم الله الذي بإذنه تقوم السماوات والأرض ، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا نورث ، ما تركنا صدقة ؟ قالوا : قد قال ذلك ، ثم قال لهما مثل ذلك ، فقالا : نعم .

                                                        قال : فإني سأخبركم عن هذا الفيء ، إن الله خص نبيه بشيء لم يعطه غيره ، فقال : وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ، فوالله ما احتازها دونكم ، ولا استأثر بها عليكم ، ولقد قسمها بينكم ، وبثها فيكم ، حتى بقي منها هذا المال ، وكان ينفق منه على أهله رزق سنة ، ثم يجمع ما بقي مجمع مال الله
                                                        .

                                                        أفلا ترى أن قوله عز وجل : وما أفاء الله على رسوله منهم هو على فيء تملكه رسول الله صلى الله عليه وسلم دون سائر الناس ، ليس على مفتاح الكلام الذي يجب له به ملك .

                                                        فكذلك ما أضافه إليه أيضا في آية الفيء ، وفي آية الغنيمة اللتين قدمنا ذكرهما في صدر هذا الكتاب ، هو على التمليك منه ، ليس له على افتتاح الكلام الذي لا يجب له به ملك .

                                                        فثبت بما ذكرنا أن الفيء والخمس من الغنائم ، قد كانا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرفان في خمسة أوجه ، لا في أكثر منها ، ولا فيما دونها .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية