الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        6110 - حدثنا فهد ، قال : ثنا أبو اليمان ، قال : أخبرنا شعيب بن أبي حمزة عن الزهري ، قال : أخبرني عمارة بن خزيمة الأنصاري أن عمه حدثه ، وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتاع فرسا من أعرابي فاستتبعه ليقبضه ثمن فرسه .

                                                        فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم المشي ، وأبطأ الأعرابي ؛ فطفق رجال يعترضون الأعرابي فيساومونه بالفرس لا يشعرون أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاعه ، حتى زاد بعضهم الأعرابي في السوم على ثمن الفرس الذي ابتاعه به النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                        فنادى الأعرابي النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فقال : إن كنت مبتاعا لهذا الفرس فابتعه ، وإلا بعته .

                                                        فقال النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع نداء الأعرابي ؛ فقال : أوليس قد ابتعته منك ؟ فقال الأعرابي : لا والله ما بعتك .

                                                        فقال النبي صلى الله عليه وسلم : بلى قد ابتعته منك .

                                                        فطفق الناس يلوون بالنبي صلى الله عليه وسلم والأعرابي ، وهما يتراجعان ، وطفق الأعرابي يقول : هلم شهيدا يشهد لك أني قد بايعتك ، ممن جاء من المسلمين ؛ قالوا للأعرابي : ويلك إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقول إلا حقا . حتى جاء خزيمة فاستمع لمراجعة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومراجعة الأعرابي ، وهو يقول : هلم شهيدا يشهد لك أني قد بايعتك .

                                                        فقال خزيمة : أنا أشهد أنك قد بايعته .

                                                        فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على خزيمة ؛ فقال : بم تشهد ؟ فقال : بتصديقك يا رسول الله .

                                                        فجعل رسول الله شهادة خزيمة بشهادة رجلين
                                                        .

                                                        فلما كان ذلك الشاهد الذي قد ذكرنا قد يجوز أن يكون هو خزيمة بن ثابت فيكون المشهود له بشهادته وحده مستحقا لما شهد له كما يستحق غيره بالشاهدين مما شهدا له به ، فادعى المدعى عليه الخروج من ذلك الحق إلى المدعي ، فاستحلفه له النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك ، وأريد بنقل هذا الحديث ليعلم أن المدعي إذا أقام البينة على دعواه ، وادعى المدعى عليه الخروج من ذلك الحق إليه - أن عليه اليمين مع بينته .

                                                        فهذه وجوه يحتملها ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من قضائه باليمين مع الشاهد .

                                                        فلا ينبغي لأحد أن يأتي إلى خبر قد احتمل هذه التأويلات فيعطفه على أحدها بلا دليل يدله على ذلك [ ص: 147 ] من كتاب أو سنة أو إجماع ، ثم يزعم أن من خالف ذلك مخالف لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                        وكيف يكون مخالفا لما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد تأول ذلك على معنى يحتمل ما قال ؟

                                                        بل ما خالف إلا تأويل مخالفه بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يخالف شيئا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية