الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1806 [ 951 ] وعنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ، الشهر هكذا وهكذا وهكذا وعقد الإبهام في الثالثة والشهر هكذا وهكذا وهكذا (يعني تمام الثلاثين) .

                                                                                              رواه أحمد (2 \ 43 و 52 )، ومسلم (1080) (15)، وأبو داود (2319)، والنسائي (5 \ 139) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله : ( فإن أغمي عليكم فاقدروا له ) ، في أغمي ضمير يعود على الهلال ، فهو المغمى عليه لا الناظرون . وتقديره : فإن أغمي الهلال عليكم . وأصل الإغماء : التغطية ، والغم . ومنه : المغمى عليه ; كأنه غطي عقله عن مصالحه . ويقال : أغمي الهلال ، وغمي - مشدد الميم - وكلاهما مبني لما لم يسم فاعله . ويقال أيضا : غم ، مبنيا لما لم يسم فاعله مشددا . وكذلك جاءت رواية أبي هريرة . فعلى هذا يقال : أغمي ، وغمي - مخففا ومشددا ، رباعيا وثلاثيا - ، وغم ، فهي أربع [ ص: 138 ] لغات . ويقال : قد غامت السماء ، تغيم ، غيمومة ، فهي غائمة ، وغيمة ، وأغامت ، وتغيمت ، وغيمت ، وأغمت ، وغمت .

                                                                                              وفي حديث أبي هريرة : ( فإن غمي ) ; أي : خفي . يقال : غمي علي الخبر ; أي : خفي . وقيل : هو مأخوذ من الغماء ، وهو السحاب الرقيق . وقد وقع للبخاري : (غبي) - بالباء ، وفتح الغين - ; أي : خفي . ومنه الغباوة .

                                                                                              وقوله : ( فاقدروا له ) ; أي : قدروا تمام الشهر بالعدد ثلاثين يوما . يقال : قدرت الشيء أقدره وأقدره - بالتخفيف - بمعنى : قدرته (بالتشديد) ; كما تقدم في أول كتاب الإيمان . وهذا مذهب الجمهور في معنى هذا الحديث . وقد دل على صحة ما رواه أبو هريرة مكان : فاقدروا له : (فأكملوا العدة ثلاثين) .

                                                                                              وهذا الحديث حجة على من حمل : (فاقدروا له) على معنى : تقدير المنازل القمرية ، واعتبار حسابها ، وإليه صار ابن قتيبة من اللغويين ، ومطرف بن عبد الله بن الشخير من كبراء التابعين .

                                                                                              ومن الحجة أيضا على هؤلاء قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ) ، فألغى الحساب ، ولم يجعله طريقا لذلك .




                                                                                              الخدمات العلمية