الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              إذا أنكر الشيخ الحديث إنكار جاحد قاطع بكذب الراوي ولم يعمل به لم يصر الراوي مجروحا ; لأن الجرح ربما لا يثبت بقول واحد ولأنه مكذب شيخه كما أن شيخه مكذب له وهما عدلان ، فهما كبينتين متكاذبتين ، فلا يوجب الجرح . أما إذا أنكر إنكار متوقف وقال : " لست أذكره " فيعمل بالخبر ; لأن الراوي جازم أنه سمعه منه وهو ليس بقاطع بتكذيبه وهما عدلان فصدقهما إذا ممكن . وذهب الكرخي إلى أن نسيان الشيخ الحديث يبطل الحديث ، وبنى عليه اطراح خبر الزهري { أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها } ، واستدل بأنه الأصل ولأنه ليس للشيخ أن يعمل بالحديث والراوي فرعه ، فكيف يعمل به ؟ قلنا : للشيخ أن يعمل به إذا روى العدل له عنه ، فإن بقي شك له مع رواية العدل فليس له العمل به ، وعلى [ ص: 133 ] الراوي العمل إذا قطع بأنه سمع ، وعلى غيرهما العمل جمعا بين تصديقهما . والحاكم يجب عليه العمل بقول الشاهد المزور الظاهر العدالة ويحرم على الشاهد . ويجب على العامي العمل بفتوى المجتهد وإن تغير اجتهاده إذا لم يعلم تغير اجتهاده ، والمجتهد لا يعمل به بعد التغير لأنه علمه ، فعمل كل واحد على حسب حاله . وقد ذهب إلى العمل به مالك والشافعي وجماهير المتكلمين ; وهذا لأن النسيان غالب على الإنسان وأي محدث يحفظ في حينه جميع ما رواه في عمره ؟ فصار كشك الشيخ في زيادة في الحديث أو في إعراب في الحديث ، فإن ذلك لما لم يبطل الحديث لكثرة وقوع الشك فيه فكذلك أصل الحديث .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية