الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                ضابط :

                اتحاد القابض ، والمقبض ممنوع لأنه إذا كان قابضا لنفسه احتاط لها ، وإذا كان مقبضا ، وجب عليه وفاء الحق من غير زيادة ، فلما تخالف الغرضان والطباع لا تنضبط امتنع الجمع ، ولهذا لو وكل الراهن المرتهن في بيع الرهن لأجل وفاء دينه لم يجز ; لأجل التهمة ، واستعجال البيع ، ولو قال لمستحق الحنطة من دينه : اقبض من زيد مالي عليك لنفسك ، ففعل ، لم يصح ، ويستثنى صور :

                الأولى : الوالد يتولى طرفي القبض في البيع ، لأن القبض لا يزيد على العقد ، وهو يملك الانفراد به .

                الثانية : وفي النكاح إذا أصدق في ذمته ، أو في مال ولد ولده لبنت ابنه .

                الثالثة : إذا خالعها على طعام في ذمتها ، بصيغة السلم ، وأذن لها في صرفه لولده منها فصرفته له ، بلا قبض ، برئت .

                الرابعة : مسألة الظفر إذا ظفر بغير جنس حقه ، أو بجنسه ، وتعذر استيفاؤه من المستحق عليه طوعا ، فأخذه يكون قبضا منه لحق نفسه ، فهو قابض مقبض .

                الخامسة : لو أجر دارا ، وأذن له في صرف الأجرة في العمارة ، جاز .

                السادسة : لو وكل الموهوب له الغاصب ، أو المستعير ، أو المستأجر : في قبض ما في يده من نفسه وقيل صح ، وبرئ الغاصب ، والمستعير إذا مضت مدة يتأتى فيها القبض ، كما نقله الرافعي في باب الهبة عن الشيخ أبي حامد ، وغيره ، ثم قال : وهذا يخالف الأصل المشهور : أن الواحد لا يكون قابضا ومقبضا .

                السابعة : نقل الجوري ، عن الشافعي : أن الساعي يأخذ من نفسه لنفسه .

                الثامنة : أكل الوصي الفقير مال اليتيم .

                قال الشيخ عز الدين : إن جعلناه قرضا ، اتحد المقرض ، والمقترض ، وإن لم نجعله قرضا ، فقد قبض من نفسه لنفسه .

                التاسعة : أو امتنع المشتري من قبض المبيع ، ناب القاضي عنه ، فإن فقد ، ففي [ ص: 282 ] وجه : أن البائع يقبض من نفسه للمشتري ، فيكون قابضا مقبضا والمشهور خلافه ، وأنه من ضمان البائع ، كما كان . قال الإمام : ولو صح ذلك الوجه لكان من عليه دين حال ، وأحضره إلى مستحقه وامتنع من قبضه ، يقبض من نفسه ، ويصير في يده أمانة ، وتبرأ ذمته ، ولم يقل بذلك أحد .

                العاشرة : لو أعطاه ثوبا ، وقال : بع هذا واستوف حقك من ثمنه ، فهو في يده أمانة . لا يضمنه لو تلف وهل يصح أن يقبض من نفسه في وجهان . قلت وسئلت عن رجل أذن لزوجته : أن تقترض عليه كل يوم مائة درهم ، تنفقها على نفسها ، فهل يصح ذلك فأجبت : نعم ، وبلغني أن بعض من لا علم عنده ولا تحقيق أنكره لأنه يلزم منه : اتحاد القابض والمقبض .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية