الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                الخامس : لا تجب فيه الزكاة إن كان ماشية ، وعللوه بأن السوم شرط وما في الذمة لا يوصف به . واستشكله الرافعي : بأن المسلم في اللحم يذكر أنه من راعية أو معلوفة ، فكما يثبت في الذمة لحم راعية ، فلتثبت الراعية نفسها وأجاب القونوي : بأن المدعى اتصافه بالسوم المحقق وثبوتها في الذمة سائمة أمر تقديري ولا يجب فيه أيضا إن كان معسرا ; لأن شرطه الزهو في ملكه ولم يوجد ، ولا إن كان دين [ ص: 332 ] كتابة أو دينا آخر على المكاتب لعدم لزومه .

                وأما إن كان عرضا ، ففي كتب الشيخين : أنه كالنقد . وسوى في التتمة بينه وبين الماشية ; لأن ما في الذمة : لا يتصور فيه التجارة وادعى نفي الخلاف . وبذلك أفتى البرهان الفزاري : أنه لو أسلم في عرض ، بنية التجارة لم تجب فيه الزكاة قال : لأنه لم يتملكه ملكا مستقرا . أما كونه غير مستقر ، فواضح . وأما كون الاستقرار شرط وجوب الزكاة ، فقولهم في الأجرة : لا يلزمه أن يخرج إلا زكاة ما استقر .

                قال : والسلم أولى بعدم الوجوب من الأجرة ; لأنها مقبوضة ، يملك التصرف فيها بخلافه . قال : وقول الرافعي : إن العرض تجب فيه الزكاة محمول على ما إذا ثبت في الذمة بالقرض انتهى .

                وفي البحر ، والحاوي : المسلم فيه للتجارة ، لا تجب زكاته ، قولا واحدا ، فإذا قبضه استأنف الحول . قال في الخادم : وإذا قلنا بوجوبه ، فلا يدفع حتى يقبض . وهل يقوم بحالة الوجوب أو القبض ؟ فيه نظر . والصواب : اعتبار أقل القيمتين كالأرش ، فإن الزكاة مواساة انتهى .

                وأما النقد : فالجديد : وجوب الزكاة فيه ، ثم إن كان حالا وتيسر أخذه - بأن كان على مليء مقر حاضر باذل وجب إخراجها في الحال وإن كان مؤجلا أو على معسر أو منكر ، أو مماطل ، لم تجب حتى يقبض .

                قال الزركشي : وهل يتعلق به تعلق شركة ، كالأعيان ، أو لا ؟ لم أر من صرح به ، فإن قلنا به ، فهل يسمع دعوى المالك بالكل ; لأن له ولاية القبض ، لأجل أداء الزكاة ؟ وإذا حلف ، فهل يحلف على الكل ؟ أو يقول : إنه باق في ذمته ، وإنه يستحق قبضه ؟ ينبغي الثاني .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية