[ ص: 301 ] سورة فصلت
سورة فصلت .
مكية في قول الجميع .
وهي أربع وخمسون ، وقيل : ثلاث وخمسون آية .
بسم الله الرحمن الرحيم .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=2تنزيل من الرحمن الرحيم nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=4بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون .
nindex.php?page=treesubj&link=29012قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=1حم تنزيل من الرحمن الرحيم قال
الزجاج : تنزيل رفع بالابتداء وخبره
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3كتاب فصلت آياته وهذا قول
البصريين . وقال
الفراء : يجوز أن يكون رفعه على إضمار هذا . ويجوز أن يقال : كتاب بدل من قوله : تنزيل . وقيل : نعت لقوله : تنزيل . وقيل : حم أي : هذه حم كما تقول باب كذا ، أي : هو باب كذا ف " حم " خبر ابتداء مضمر أي : هو حم ، وقوله : تنزيل مبتدأ آخر ، وقوله : " كتاب " خبره .
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3فصلت آياته أي بينت وفسرت . قال
قتادة : ببيان حلاله من حرامه ، وطاعته من معصيته .
الحسن : بالوعد والوعيد .
سفيان : بالثواب والعقاب . وقرئ فصلت أي : فرقت بين الحق والباطل ، أو فصل بعضها من بعض باختلاف معانيها ، من قولك : فصل أي : تباعد من البلد .
[ ص: 302 ] nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3قرآنا عربيا في نصبه وجوه ، قال
الأخفش : هو نصب على المدح . وقيل : على إضمار فعل ، أي : اذكر
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3قرآنا عربيا . وقيل : على إعادة الفعل ، أي : فصلنا
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3قرآنا عربيا . وقيل : على الحال أي :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3فصلت آياته في حال كونه
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3قرآنا عربيا . وقيل : لما شغل فصلت بالآيات حتى صارت بمنزلة الفاعل انتصب قرآنا لوقوع البيان عليه . وقيل : على القطع .
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3لقوم يعلمون قال
الضحاك : أي : إن القرآن منزل من عند الله . وقال
مجاهد : أي : يعلمون أنه إله واحد في التوراة والإنجيل . وقيل : يعلمون العربية فيعجزون عن مثله ، ولو كان غير عربي لما علموه .
قلت : هذا أصح ، والسورة نزلت تقريعا وتوبيخا
لقريش في
nindex.php?page=treesubj&link=28741إعجاز القرآن .
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=4بشيرا ونذيرا حالان من الآيات ، والعامل فيه فصلت . وقيل : هما نعتان للقرآن بشيرا لأولياء الله نذيرا لأعدائه . وقرئ " بشير ونذير " صفة للكتاب . أو خبر مبتدأ محذوف
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=4فأعرض أكثرهم يعني
أهل مكة nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=4فهم لا يسمعون سماعا ينتفعون به . وروي أن
الريان بن حرملة قال : قال الملأ من
قريش وأبو جهل قد التبس علينا أمر
محمد ، فلو التمستم رجلا عالما بالشعر والكهانة والسحر فكلمه ثم آتانا ببيان من أمره ، فقال
عتبة بن ربيعة : والله لقد سمعت الكهانة والشعر والسحر ، وعلمت من ذلك علما لا يخفى علي إن كان كذلك . فقالوا : إيته فحدثه . فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له : يا
محمد أنت خير أم
قصي بن كلاب ؟ أنت خير أم
هاشم ؟ أنت خير أم
عبد المطلب ؟ أنت خير أم
عبد الله ؟ فبم تشتم آلهتنا ، وتضلل آباءنا ، وتسفه أحلامنا ، وتذم ديننا ؟ فإن كنت إنما تريد الرياسة عقدنا إليك ألويتنا فكنت رئيسنا ما بقيت ، وإن كنت تريد الباءة زوجناك عشر نساء من أي بنات
قريش شئت ، وإن كنت تريد المال جمعنا لك ما تستغني به أنت وعقبك من بعدك ، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا من الجن قد غلب عليك بذلنا لك أموالنا في طلب ما تتداوى به أو نغلب فيك . والنبي - صلى الله عليه وسلم - ساكت ، فلما فرغ قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831083قد فرغت يا أبا الوليد ؟ قال : نعم . فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831084يا ابن أخي اسمع قال : أسمع . قال : " بسم الله الرحمن الرحيم "
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=2تنزيل من الرحمن الرحيم .
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=13فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود فوثب
عتبة ووضع يده على فم النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وناشده الله والرحم ليسكتن ، ورجع إلى أهله ولم يخرج إلى
قريش فجاءه
أبو جهل ، فقال : أصبوت إلى
محمد ؟ أم أعجبك طعامه ؟ فغضب
عتبة وأقسم ألا يكلم
محمدا أبدا ، ثم قال : والله لقد تعلمون أني من أكثر
قريش مالا ، ولكني لما قصصت عليه القصة أجابني بشيء والله ما هو بشعر ولا كهانة ولا سحر ، ثم تلا عليهم ما سمع منه إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=13مثل صاعقة عاد وثمود وأمسكت بفيه وناشدته بالرحم أن
[ ص: 303 ] يكف ، وقد علمتم أن
محمدا إذا قال شيئا لم يكذب ، فوالله لقد خفت أن ينزل بكم العذاب ، يعني الصاعقة . وقد روى هذا الخبر
أبو بكر الأنباري في كتاب الرد له عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ حم فصلت حتى انتهى إلى السجدة فسجد
وعتبة مصغ يستمع ، قد اعتمد على يديه من وراء ظهره . فلما قطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القراءة قال له :
يا أبا الوليد قد سمعت الذي قرأت عليك فأنت وذاك فانصرف
عتبة إلى
قريش في ناديها فقالوا : والله لقد جاءكم
أبو الوليد بغير الوجه الذي مضى به من عندكم . ثم قالوا : ما وراءك
أبا الوليد ؟ قال : والله لقد سمعت كلاما من
محمد ما سمعت مثله قط ، والله ما هو بالشعر ولا بالكهانة ، فأطيعوني في هذه وأنزلوها بي ، خلوا
محمدا وشأنه واعتزلوه ، فوالله ليكونن لما سمعت من كلامه نبأ ، فإن أصابته العرب كفيتموه بأيدي غيركم ، وإن كان ملكا أو نبيا كنتم أسعد الناس به ; لأن ملكه ملككم وشرفه شرفكم . فقالوا : هيهات! سحرك
محمد يا
أبا الوليد . وقال : هذا رأيي لكم فاصنعوا ما شئتم .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه الأكنة جمع كنان وهو الغطاء . وقد مضى في " البقرة " . قال
مجاهد : الكنان للقلب كالجنة للنبل .
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5وفي آذاننا وقر أي صمم ، فكلامك لا يدخل أسماعنا ، وقلوبنا مستورة من فهمه .
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5ومن بيننا وبينك حجاب أي خلاف في الدين ، لأنهم يعبدون الأصنام وهو يعبد الله عز وجل . قال معناه
الفراء وغيره . وقيل : ستر مانع عن الإجابة . وقيل : إن
أبا جهل استغشى على رأسه ثوبا وقال : يا
محمد بيننا وبينك حجاب . استهزاء منه . حكاه
النقاش وذكره
القشيري . فالحجاب هنا الثوب .
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5فاعمل إننا عاملون أي اعمل في هلاكنا فإنا عاملون في هلاكك ، قاله
الكلبي . وقال
مقاتل : اعمل لإلهك الذي أرسلك ، فإنا نعمل لآلهتنا التي نعبدها . وقيل : اعمل بما يقتضيه دينك ، فإنا عاملون بما يقتضيه ديننا . ويحتمل خامسا : فاعمل لآخرتك فإنا نعمل لدنيانا ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي .
[ ص: 301 ] سُورَةُ فُصِّلَتْ
سُورَةُ فُصِّلَتْ .
مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ .
وَهِيَ أَرْبَعٌ وَخَمْسُونَ ، وَقِيلَ : ثَلَاثٌ وَخَمْسُونَ آيَةً .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=2تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=4بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ .
nindex.php?page=treesubj&link=29012قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=1حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ
الزَّجَّاجُ : تَنْزِيلٌ رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ وَهَذَا قَوْلُ
الْبَصْرِيِّينَ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَفْعُهُ عَلَى إِضْمَارِ هَذَا . وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : كِتَابٌ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ : تَنْزِيلٌ . وَقِيلَ : نَعْتٌ لِقَوْلِهِ : تَنْزِيلٌ . وَقِيلَ : حم أَيْ : هَذِهِ حم كَمَا تَقُولُ بَابُ كَذَا ، أَيْ : هُوَ بَابُ كَذَا فَ " حم " خَبَرُ ابْتِدَاءٍ مُضْمَرٍ أَيْ : هُوَ حم ، وَقَوْلُهُ : تَنْزِيلٌ مُبْتَدَأٌ آخَرُ ، وَقَوْلُهُ : " كِتَابٌ " خَبَرُهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَيْ بُيِّنَتْ وَفُسِّرَتْ . قَالَ
قَتَادَةُ : بِبَيَانِ حَلَالِهِ مِنْ حَرَامِهِ ، وَطَاعَتِهِ مِنْ مَعْصِيَتِهِ .
الْحَسَنُ : بِالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ .
سُفْيَانُ : بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ . وَقُرِئَ فُصِّلَتْ أَيْ : فَرَّقَتْ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ ، أَوْ فُصِلَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ بِاخْتِلَافِ مَعَانِيهَا ، مِنْ قَوْلِكَ : فُصِلَ أَيْ : تَبَاعَدَ مِنَ الْبَلَدِ .
[ ص: 302 ] nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3قُرْآنًا عَرَبِيًّا فِي نَصْبِهِ وُجُوهٌ ، قَالَ
الْأَخْفَشُ : هُوَ نَصْبٌ عَلَى الْمَدْحِ . وَقِيلَ : عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ ، أَيِ : اذْكُرْ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3قُرْآنًا عَرَبِيًّا . وَقِيلَ : عَلَى إِعَادَةِ الْفِعْلِ ، أَيْ : فَصَّلْنَا
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3قُرْآنًا عَرَبِيًّا . وَقِيلَ : عَلَى الْحَالِ أَيْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3فُصِّلَتْ آيَاتُهُ فِي حَالِ كَوْنِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3قُرْآنًا عَرَبِيًّا . وَقِيلَ : لَمَّا شُغِلَ فُصِّلَتْ بِالْآيَاتِ حَتَّى صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْفَاعِلِ انْتَصَبَ قُرْآنًا لِوُقُوعِ الْبَيَانِ عَلَيْهِ . وَقِيلَ : عَلَى الْقَطْعِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ قَالَ
الضَّحَّاكُ : أَيْ : إِنَّ الْقُرْآنَ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : أَيْ : يَعْلَمُونَ أَنَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ . وَقِيلَ : يَعْلَمُونَ الْعَرَبِيَّةَ فَيَعْجِزُونَ عَنْ مِثْلِهِ ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ عَرَبِيٍّ لَمَا عَلِمُوهُ .
قُلْتُ : هَذَا أَصَحُّ ، وَالسُّورَةُ نَزَلَتْ تَقْرِيعًا وَتَوْبِيخًا
لِقُرَيْشٍ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28741إِعْجَازِ الْقُرْآنِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=4بَشِيرًا وَنَذِيرًا حَالَانِ مِنَ الْآيَاتِ ، وَالْعَامِلُ فِيهِ فُصِّلَتْ . وَقِيلَ : هُمَا نَعْتَانِ لِلْقُرْآنِ بَشِيرًا لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ نَذِيرًا لِأَعْدَائِهِ . وَقُرِئَ " بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ " صِفَةٌ لِلْكِتَابِ . أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=4فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ يَعْنِي
أَهْلَ مَكَّةَ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=4فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ سَمَاعًا يَنْتَفِعُونَ بِهِ . وَرُوِيَ أَنَّ
الرَّيَّانَ بْنَ حَرْمَلَةَ قَالَ : قَالَ الْمَلَأُ مِنْ
قُرَيْشٍ وَأَبُو جَهْلٍ قَدِ الْتَبَسَ عَلَيْنَا أَمْرُ
مُحَمَّدٍ ، فَلَوِ الْتَمَسْتُمْ رَجُلًا عَالِمًا بِالشِّعْرِ وَالْكِهَانَةِ وَالسِّحْرِ فَكَلَّمَهُ ثُمَّ آتَانَا بِبَيَانٍ مِنْ أَمْرِهِ ، فَقَالَ
عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ : وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ الْكِهَانَةَ وَالشِّعْرَ وَالسِّحْرَ ، وَعَلِمْتُ مِنْ ذَلِكَ عِلْمًا لَا يَخْفَى عَلَيَّ إِنْ كَانَ كَذَلِكَ . فَقَالُوا : إِيَتِهِ فَحَدِّثْهُ . فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ : يَا
مُحَمَّدُ أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ
قُصَيُّ بْنُ كِلَابٍ ؟ أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ
هَاشِمٌ ؟ أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ
عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ؟ أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ
عَبْدُ اللَّه ؟ فَبِمَ تَشْتُمُ آلِهَتَنَا ، وَتُضَلِّلُ آبَاءَنَا ، وَتُسَفِّهُ أَحْلَامَنَا ، وَتَذُمُّ دِينَنَا ؟ فَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا تُرِيدُ الرِّيَاسَةَ عَقَدْنَا إِلَيْكَ أَلْوِيَتَنَا فَكُنْتَ رَئِيسَنَا مَا بَقِيتَ ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْبَاءَةَ زَوَّجْنَاكَ عَشْرَ نِسَاءٍ مِنْ أَيِّ بَنَاتِ
قُرَيْشٍ شِئْتَ ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ جَمَعْنَا لَكَ مَا تَسْتَغْنِي بِهِ أَنْتَ وَعَقِبُكَ مِنْ بَعْدِكَ ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي يَأْتِيكَ رِئْيًا مِنَ الْجِنِّ قَدْ غَلَبَ عَلَيْكَ بَذَلْنَا لَكَ أَمْوَالَنَا فِي طَلَبِ مَا تَتَدَاوَى بِهِ أَوْ نُغْلَبُ فِيكَ . وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَاكِتٌ ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831083قَدْ فَرَغْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ ؟ قَالَ : نَعَمْ . فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831084يَا ابْنَ أَخِي اسْمَعْ قَالَ : أَسْمَعُ . قَالَ : " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=2تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=13فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ فَوَثَبَ
عُتْبَةُ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَنَاشَدَهُ اللَّهَ وَالرَّحِمَ لَيَسْكُتَنَّ ، وَرَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى
قُرَيْشٍ فَجَاءَهُ
أَبُو جَهْلٍ ، فَقَالَ : أَصَبَوْتَ إِلَى
مُحَمَّدٍ ؟ أَمْ أَعْجَبَكَ طَعَامُهُ ؟ فَغَضِبَ
عُتْبَةُ وَأَقْسَمَ أَلَّا يُكَلِّمَ
مُحَمَّدًا أَبَدًا ، ثُمَّ قَالَ : وَاللَّهِ لَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي مِنْ أَكْثَرِ
قُرَيْشٍ مَالًا ، وَلَكِنِّي لَمَّا قَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ أَجَابَنِي بِشَيْءٍ وَاللَّهِ مَا هُوَ بِشِعْرٍ وَلَا كِهَانَةٍ وَلَا سِحْرٍ ، ثُمَّ تَلَا عَلَيْهِمْ مَا سَمِعَ مِنْهُ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=13مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ وَأَمْسَكْتُ بِفِيهِ وَنَاشَدْتُهُ بِالرَّحِمِ أَنْ
[ ص: 303 ] يَكُفَّ ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ
مُحَمَّدًا إِذَا قَالَ شَيْئًا لَمْ يَكْذِبْ ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ خِفْتُ أَنْ يَنْزِلَ بِكُمُ الْعَذَابُ ، يَعْنِي الصَّاعِقَةَ . وَقَدْ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ
أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ فِي كِتَابِ الرَّدِّ لَهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ حم فُصِّلَتْ حَتَّى انْتَهَى إِلَى السَّجْدَةِ فَسَجَدَ
وَعُتْبَةُ مُصْغٍ يَسْتَمِعُ ، قَدِ اعْتَمَدَ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ . فَلَمَّا قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقِرَاءَةَ قَالَ لَهُ :
يَا أَبَا الْوَلِيدِ قَدْ سَمِعْتَ الَّذِي قَرَأْتُ عَلَيْكَ فَأَنْتَ وَذَاكَ فَانْصَرَفَ
عُتْبَةُ إِلَى
قُرَيْشٍ فِي نَادِيهَا فَقَالُوا : وَاللَّهِ لَقَدْ جَاءَكُمْ
أَبُو الْوَلِيدِ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي مَضَى بِهِ مِنْ عِنْدِكُمْ . ثُمَّ قَالُوا : مَا وَرَاءَكَ
أَبَا الْوَلِيدِ ؟ قَالَ : وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ كَلَامًا مِنْ
مُحَمَّدٍ مَا سَمِعْتُ مِثْلَهُ قَطُّ ، وَاللَّهِ مَا هُوَ بِالشِّعْرِ وَلَا بِالْكِهَانَةِ ، فَأَطِيعُونِي فِي هَذِهِ وَأَنْزِلُوهَا بِي ، خَلُّوا
مُحَمَّدًا وَشَأْنَهُ وَاعْتَزِلُوهُ ، فَوَاللَّهِ لَيَكُونَنَّ لِمَا سَمِعْتُ مِنْ كَلَامِهِ نَبَأٌ ، فَإِنْ أَصَابَتْهُ الْعَرَبُ كُفِيتُمُوهُ بِأَيْدِي غَيْرِكُمْ ، وَإِنْ كَانَ مَلِكًا أَوْ نَبِيًّا كُنْتُمْ أَسْعَدَ النَّاسِ بِهِ ; لِأَنَّ مُلْكَهُ مُلْكُكُمْ وَشَرَفَهُ شَرَفُكُمْ . فَقَالُوا : هَيْهَاتَ! سَحَرَكَ
مُحَمَّدٌ يَا
أَبَا الْوَلِيدِ . وَقَالَ : هَذَا رَأْيِي لَكُمْ فَاصْنَعُوا مَا شِئْتُمْ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ الْأَكِنَّةُ جَمْعُ كِنَانٍ وَهُوَ الْغِطَاءُ . وَقَدْ مَضَى فِي " الْبَقَرَةِ " . قَالَ
مُجَاهِدٌ : الْكِنَانُ لِلْقَلْبِ كَالْجُنَّةِ لِلنَّبْلِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ أَيْ صَمَمٌ ، فَكَلَامُكَ لَا يَدْخُلُ أَسْمَاعَنَا ، وَقُلُوبُنَا مَسْتُورَةٌ مِنْ فَهْمِهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ أَيْ خِلَافٌ فِي الدِّينِ ، لِأَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ وَهُوَ يَعْبُدُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ . قَالَ مَعْنَاهُ
الْفَرَّاءُ وَغَيْرَهُ . وَقِيلَ : سَتْرُ مَانِعٌ عَنِ الْإِجَابَةِ . وَقِيلَ : إِنَّ
أَبَا جَهْلٍ اسْتَغْشَى عَلَى رَأْسِهِ ثَوْبًا وَقَالَ : يَا
مُحَمَّدُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ حِجَابٌ . اسْتِهْزَاءٌ مِنْهُ . حَكَاهُ
النَّقَّاشُ وَذَكَرَهُ
الْقُشَيْرِيُّ . فَالْحِجَابُ هُنَا الثَّوْبُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ أَيِ اعْمَلْ فِي هَلَاكِنَا فَإِنَّا عَامِلُونَ فِي هَلَاكِكَ ، قَالَهُ
الْكَلْبِيُّ . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : اعْمَلْ لِإِلَهِكَ الَّذِي أَرْسَلَكَ ، فَإِنَّا نَعْمَلُ لِآلِهَتِنَا الَّتِي نَعْبُدُهَا . وَقِيلَ : اعْمَلْ بِمَا يَقْتَضِيهِ دِينُكَ ، فَإِنَّا عَامِلُونَ بِمَا يَقْتَضِيهِ دِينُنَا . وَيَحْتَمِلُ خَامِسًا : فَاعْمَلْ لِآخِرَتِكَ فَإِنَّا نَعْمَلُ لِدُنْيَانَا ، ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15151الْمَاوَرْدِيُّ .