الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      1020 حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال قال عبد الله صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إبراهيم فلا أدري زاد أم نقص فلما سلم قيل له يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء قال وما ذاك قالوا صليت كذا وكذا فثنى رجله واستقبل القبلة فسجد بهم سجدتين ثم سلم فلما انفتل أقبل علينا بوجهه صلى الله عليه وسلم فقال إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به ولكن إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني وقال إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم ليسجد سجدتين حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بهذا قال فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين ثم تحول فسجد سجدتين قال أبو داود رواه حصين نحو حديث الأعمش [ ص: 242 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 242 ] ( فلا أدري زاد أم نقص ) بالشك . قال في المرقاة : الرواية التي فيها فقيل له أزيد في الصلاة من رواية زاد أو نقص بالشك ( فإذا نسيت فذكروني ) فكان حقهم أن يذكروه بالإشارة أو نحوها عند إرادة قيامه إلى الخامسة ( فليتحر ) التحري طلب الحري وهو اللائق والحقيق والجدير أي فليطلب بغلبة ظنه واجتهاده . قال الطيبي : التحري القصد والاجتهاد في الطلب والعزم على تحصيل الشيء بالفعل ، والضمير البارز في ( فليتم عليه ) راجع إلى ما دل عليه فليتحر ، والمعنى فليتم على ذلك ما بقي من صلاته بأن الضم إليه ركعة أو ركعتان أو ثلاث ، وليقعد في موضع يحتمل القعدة الأولى وجوبا ، وفي مكان يحتمل القعدة الأخرى فرضا . وبقي حكم آخر ، وهو أنه إذا لم يحصل له اجتهاد وغلبة ظن فليبن على الأقل المستيقن كما سبق في حديث أبي سعيد . كذا في المرقاة ( ثم ليسلم ثم ليسجد سجدتين ) وثم لمجرد التعقيب ، وفيه إشارة إلى أنه ولو وقع تراخ يجوز ما لم يقع منه مناف كذا في المرقاة . وقال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه .

                                                                      ( عن عبد الله بهذا قال ) النبي - صلى الله عليه وسلم - ( ثم تحول ) النبي - صلى الله عليه وسلم - ( فسجد سجدتين ) أي للسهو ( رواه حصين نحو الأعمش ) أي من غير ذكر الجملة إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه فحصين والأعمش ما ذكرا هذه الجملة عن [ ص: 243 ] إبراهيم وأما منصور فذكرها عن إبراهيم ، وحديث منصور أخرجه الأئمة الستة بهذه الزيادة إلا الترمذي فإنه لم يخرجه أصلا وإلا النسائي فإنه لم يذكر هذه الجملة وذكره أبو داود ، بلفظ البخاري . قال البيهقي في المعرفة : وأخرجه البخاري من حديث جرير عن منصور وقال : فليتحر الصواب . وهذا اللفظ في جملة حديث رواه عبد الله بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين سها فصلى خمسا . وقد روى الحكم بن عتيبة والأعمش تلك القصة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله دون لفظ التحري ، ورواها إبراهيم بن سويد عن علقمة عن عبد الله دون لفظ التحري ورواها الأسود بن يزيد عن عبد الله دون لفظ التحري . فذهب بعض أهل المعرفة بالحديث إلى أن الأمر بالتحري في هذا الحديث مشكوك فيه فيشبه أن يكون من جهة ابن مسعود أو من دونه فأدرج في الحديث . وذهب غيره إلى تصحيح الحديث بأن منصور بن المعتمر من حفاظ الحديث وثقاتهم ، وقد روى القصة بتمامها وروى فيها لفظ التحري غير مضاف إلى غير النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ورواها عنه جماعة من الحفاظ مسعر والثوري وشعبة ووهب بن خالد وفضيل بن عياض وجرير بن عبد الحميد وغيرهم ، والزيادة من الثقة مقبولة إذا لم يكن فيها خلاف رواية الجماعة .

                                                                      والجواب عنه ما ذكره الشافعي رحمه الله وهو أن قوله فليتحر الصواب معناه فليتحر الذي يظن أنه نقصه فيتمه حتى يكون التحري أن يعيد ما شك فيه ويبني على حال يستيقن فيها . وقال الخطابي : إن التحري يكون بمعنى اليقين قال الله تعالى فأولئك تحروا رشدا انتهى كلام البيهقي مختصرا .




                                                                      الخدمات العلمية