الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      3314 حدثنا الحسن بن علي حدثنا يزيد بن هارون حدثنا عبد الله بن يزيد بن مقسم الثقفي من أهل الطائف قال حدثتني سارة بنت مقسم الثقفي أنها سمعت ميمونة بنت كردم قالت خرجت مع أبي في حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت الناس يقولون رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت أبده بصري فدنا إليه أبي وهو على ناقة له معه درة كدرة الكتاب فسمعت الأعراب والناس يقولون الطبطبية الطبطبية فدنا إليه أبي فأخذ بقدمه قالت فأقر له ووقف فاستمع منه فقال يا رسول الله إني نذرت إن ولد لي ولد ذكر أن أنحر على رأس بوانة في عقبة من الثنايا عدة من الغنم قال لا أعلم إلا أنها قالت خمسين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل بها من الأوثان شيء قال لا قال فأوف بما نذرت به لله قالت فجمعها فجعل يذبحها فانفلتت منها شاة فطلبها وهو يقول اللهم أوف عني نذري فظفرها فذبحها حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن عمرو بن شعيب عن ميمونة بنت كردم بن سفيان عن أبيها نحوه مختصر منه شيء قال هل بها وثن أو عيد من أعياد الجاهلية قال لا قلت إن أمي هذه عليها نذر ومشي أفأقضيه عنها وربما قال ابن بشار أنقضيه عنها قال نعم

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( بنت كردم ) : بفتح الكاف والدال ( أبده بصري ) : من البدد يقال أبد يده أي مدها إلى الأرض ، وأبد العطاء بينهم أي أعطى كلا منهم بدته ، أي نصيبه . وقال في النهاية في حديث حنين إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبد يده إلى الأرض فأخذ قبضة أي مدها .

                                                                      وفي حديث وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فأبد بصره إلى السواك كأنه أعطاه بدته من النظر أي حظه . وفي حديث ابن عباس " دخلت على عمر وهو يبدني النظر " انتهى . وقال الخطابي : [ ص: 111 ] قوله : أبده بصري معناه أتبعه بصري وألزمه إياه لا أقطعه عنه ، يقال : أبد فلان فلانا بصره وأباده بصره بمعنى واحد ( درة ) : بكسر الدال وتشديد الراء السوط يضرب به ( الكتاب ) : بضم الكاف وتشديد التاء جمع الكاتب ، وموضع التعليم . كذا في كتاب اللغة ( الطبطبية ) : بفتح المهملتين وسكون الموحدة الأولى وكسر الثانية وبعدها ياء مشددة ، قيل هما كناية عن الدرة فإنها إذا ضربت بها حكت صوت طبطب ، وهي بالنصب على التحذير .

                                                                      قال الخطابي : والطبطبة حكاية عن وقع الأقدم . والحديث فيه دليل على أن من نذر طعاما أو ذبحا بمكة أو في غيرها من البلدان لم يجز أن يجعله لفقراء غير ذلك المكان وهذا على مذهب الشافعي ، وأجازه غيره لغير أهل ذلك المكان انتهى ، وتقدم ضبط هذا اللفظ وغيره الواقع في هذه الرواية في كتاب النكاح في باب تزويج من لم يولد فليرجع إليه ( فأقر له ) : أي اعترف برسالته ( في عقبة ) : بعين مهملة وقاف مفتوحة ( من الثنايا ) : قال أصحاب اللغة : العقبة ، مرقى صعب من الجبال والطريق في أعلى الجبال ، والثنية طريق العقبة ، وجمعه ثنايا . والحديث ليس في رواية اللؤلئي ، ولذا لم يذكره المنذري ، وإنما هو من رواية ابن داسة ولذا أورده الخطابي في المعالم ، ولم يذكره المزي في الأطراف ، وأخرجه ابن ماجه في الكفارات بمعناه . وتقدم هذا الإسناد بعينه في باب " تزويج من لم يولد " ، وساق فيه بعض مضمون هذا الحديث لكن ليس هناك قصة النذر بل هناك قصة التزويج والله أعلم .

                                                                      ( حدثنا محمد بن بشار ) : الحديث ليس في رواية اللؤلئي ، ولذا لم يذكره المنذري ، وإنما وجد في بعض النسخ الصحيحة ، وأيضا لم يذكره المزي في الأطراف . [ ص: 112 ] وقال الذهبي في تجريد أسماء الصحابة : كردم بن سفيان الثقفي روت عنه بنته ميمونة وعبد الله بن عمرو بن العاص انتهى . وفي الإصابة قال البخاري وابن السكن وابن حبان : له صحبة ، وأخرج أحمد من طريق ميمونة بنت كردم عن أبيها أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نذر نذره في الجاهلية فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ألوثن أو لنصب ؟ قال لا ولكن لله قال أوف بنذرك وأخرجه ابن أبي شيبة من هذا الوجه فقال عن ميمونة أن أباها لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي رديفة له فقال إني نذرت فذكر الحديث وأخرجه أحمد والبغوي مطولا ولفظه قال إني كنت نذرت في الجاهلية أن أذبح على بوانة عدة من الغنم فذكر القصة . انتهى .




                                                                      الخدمات العلمية