الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      3386 حدثنا محمد بن كثير العبدي أخبرنا سفيان حدثني أبو حصين عن شيخ من أهل المدينة عن حكيم بن حزام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معه بدينار يشتري له أضحية فاشتراها بدينار وباعها بدينارين فرجع فاشترى له أضحية بدينار وجاء بدينار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتصدق به النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له أن يبارك له في تجارته

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( فتصدق به ) : أي بالدينار . جعل جماعة من أهل العلم هذا أصلا فقالوا : من وصل إليه مال من شبهة وهو لا يعرف له مستحقا فإنه يتصدق به . ووجه الشبه هاهنا أنه لم يأذن لعروة ولا لحكيم بن حزام في بيع الأضحية ويحتمل أن يتصدق به لأنه قد خرج عنه للقربة لله تعالى في الأضحية فكره أكل ثمنها . قاله في النيل .

                                                                      قال الخطابي : هذا الحديث مما يحتج به أصحاب الرأي لأنهم يجيزون بيع مال زيد من عمرو بغير إذن منه أو توكيل به ، ويتوقف البيع على إجازة المالك ، فإذا أجازه صح ، إلا أنهم لم يجيزوا الشراء له بغير إذنه ، وأجاز مالك بن أنس الشراء والبيع معا . وكان الشافعي لا يجيز شيئا من ذلك لأنه غرر ولا يدرى هل يجيزه أم لا ، وكذلك لا يجيز النكاح الموقوف على رضى المنكوحة أو إجازة الولي ، غير أن الخبرين معا غير متصلين لأن في أحدهما وهو خبر حكيم بن حزام رجلا مجهولا لا يدرى من هو ، وفي خبر عروة أن الحي حدثوه ، وما كان هذا سبيله من الرواية لم تقم به الحجة . وقد ذهب بعض من لم يجز البيع الموقوف في تأويل هذا الحديث إلى أن وكالته وكالة تفويض وإطلاق ، وإذا كانت الوكالة مطلقة فقد حصل البيع والشراء عن إذن انتهى .

                                                                      [ ص: 190 ] قال المنذري : وفي إسناده مجهول ، وأخرجه الترمذي من حديث حبيب بن أبي ثابت عن حكيم بن حزام وقال : ولا نعرفه إلا من هذا الوجه . وحبيب بن أبي ثابت لم يسمع عندي من حكيم بن حزام . هذا آخر كلامه . وحكى المزني عن الشافعي أن حديث البارقي ليس بثابت عنده . قال أبو بكر البيهقي : وإنما ضعف حديث البارقي لأن شبيب بن غرقدة رواه عن الحي وهم غير معروفين وحديث حكيم بن حزام إنما رواه شيخ غير مسمى ، وقال في موضع آخر : الحي الذين أخبروا شبيب بن غرقدة عن عروة البارقي لا نعرفهم ، والشيخ الذي أخبر أبا حصين عن حكيم بن حزام لا نعرفه ، وليس هذا من شرط أصحاب الحديث في قبول الأخبار والله أعلم .

                                                                      وذكر الخطابي أن الخبرين معا غير متصلين ، لأن في أحدهما وهو خبر حكيم بن حزام رجلا مجهولا لا يدرى من هو ، وفي خبر عروة أن الحي حدثوه ، وما كان هذا سبيله من الرواية لم تقم به الحجة . هذا آخر كلامه . فأما تخريجه له في صدر حديث " الخير معقود بنواصي الخيل " فيحتمل أنه سمعه من علي ابن المديني على التمام فحدث به كما سمعه ، وذكر فيه إنكار شبيب بن غرقدة بسماعه من عروة حديث شراء الشاة ، وإنما سمعه من الحي عن عروة ، وإنما سمع من عروة قوله صلى الله عليه وسلم الخير معقود بنواصي الخيل ويشبه أن الحديث في الشراء لو كان على شرطه لأخرجه في كتاب البيوع وكتاب الوكالة كما جرت عادته في الحديث الذي يشتمل على أحكام أن يذكره في الأبواب التي تصلح له ولم يخرجه إلا في هذا الموضع ، وذكر بعده حديث الخيل من رواية عبد الله بن عمر وأنس بن مالك وأبي هريرة ، فدل ذلك على أن مراده حديث الخيل فقط إذ هو على شرطه . وقد أخرج مسلم حديث شبيب بن غرقدة عن عروة مقتصرا على ذكر الخيل ولم يذكر حديث الشاة .

                                                                      وقد أخرج الترمذي حديث شراء الشاة من رواية أبي لبيد لمازة بن زبار عن عروة ، وهو من هذه الطريق حسن والله أعلم انتهى كلام المنذري .




                                                                      الخدمات العلمية