الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      4375 حدثنا جعفر بن مسافر ومحمد بن سليمان الأنباري قالا أخبرنا ابن أبي فديك عن عبد الملك بن زيد نسبه جعفر إلى سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل عن محمد بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( نسبه ) : أي عبد الملك بن زيد ( جعفر ) : أي ابن مسافر ( إلى سعيد بن زيد ابن عمرو بن نفيل ) والحاصل أن جعفر بن مسافر قال في روايته هكذا عن عبد الملك بن زيد بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل .

                                                                      وأما محمد بن سليمان فلم يقل هكذا بل قال عن عبد زيد ولم ينسبه إلى سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ( أقيلوا ) : أمر من الإقالة أي اعفوا ( ذوي الهيئات ) : أي أصحاب المروءات والخصال الحميدة .

                                                                      قال ابن الملك : الهيئة الحالة التي يكون عليها الإنسان من الأخلاق المرضية ( عثراتهم ) : بفتحتين أي زلاتهم ( إلا الحدود ) : أي إلا ما يوجب الحدود ، والخطاب مع الأئمة وغيرهم من ذوي الحقوق ممن يستحق المؤاخذة والتأديب عليها ، وأراد من العثرات ما يتوجه فيه التعزير لإضاعة حق من حقوق الله ، ومنها ما يطالب به من جهة العبد فأمر الفريقين بذلك ندب واستحباب بالتجافي عن زلاتهم ، ثم إن أريد بالعثرات الصغائر وما يندر عنهم من الخطايا فالاستثناء منقطع أو الذنوب مطلقا وبالحدود ما يوجبها من الذنوب فهو متصل قاله القاري .

                                                                      قال في مرقاة الصعود : هذا الحديث أحد الأحاديث التي انتقدها الحافظ سراج الدين القزويني ، وكانت انتهت إليه رياسة معرفة الحديث ببغداد على المصابيح للبغوي وزعم أنها موضوعة ، فرد عليه الحافظ ابن حجر في كراسة .

                                                                      وقال ابن عدي : هذا الحديث منكر بهذا الإسناد ولم يروه غير عبد الملك وقال المنذري : عبد الملك ضعيف .

                                                                      [ ص: 31 ] قال الحافظ ابن حجر لم ينفرد به بل روي من حديث غيره أخرجه النسائي من طريق عطاف بن خالد عن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة ، وعطاف فيه ضعف لكنه ليس بمتروك ، فيتقوى أحد الطريقين بالآخر ، وقد رواه النسائي من طريق آخر عن عمرة ، وفيها اختلاف في الوصل والإرسال ، وبدون هذا يرتفع الحديث عن أن يكون متروكا فضلا عن أن يكون موضوعا .

                                                                      وقال الحافظ صلاح الدين العلائي : عبد الملك بن زيد هذا قال فيه النسائي لا بأس به ووثقه ابن حبان ، فالحديث حسن إن شاء الله تعالى لا سيما مع إخراج النسائي له ، فإنه لم يخرج في كتابه منكرا ولا واهيا ولا عن رجل متروك . قال الحافظ سعد الدين الزنجاني : إن لأبي عبد الرحمن شرطا في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم فلا يجوز نسبة هذا الحديث إلى الوضع انتهى . وقال البيضاوي : المراد بذوي الهيئات أصحاب المروءات والخصال الحميدة ، وقيل ذوو الوجوه من الناس .

                                                                      انتهى ما في مرقاة الصعود .

                                                                      قال المنذري : وفي إسناده عبد الملك بن زيد العدوي وهو ضعيف الحديث وذكر ابن عدي أن هذا الحديث منكر بهذا الإسناد لم يروه غير عبد الملك بن زيد .

                                                                      قلت : وقد روي هذا الحديث من وجه آخر ليس منها شيء يثبت انتهى كلام المنذري .




                                                                      الخدمات العلمية