الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      4451 حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ الحراني حدثني محمد يعني ابن سلمة عن محمد بن إسحق عن الزهري قال سمعت رجلا من مزينة يحدث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال زنى رجل وامرأة من اليهود وقد أحصنا حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وقد كان الرجم مكتوبا عليهم في التوراة فتركوه وأخذوا بالتجبيه يضرب مائة بحبل مطلي بقار ويحمل على حمار وجهه مما يلي دبر الحمار فاجتمع أحبار من أحبارهم فبعثوا قوما آخرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا سلوه عن حد الزاني وساق الحديث فقال فيه قال ولم يكونوا من أهل دينه فيحكم بينهم فخير في ذلك قال فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم [ ص: 110 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 110 ] ( حين قدم ) : ظرف لقوله زنى ( رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ) : ليس أنه وقع واقعة الزنا حين قدم صلى الله عليه وسلم المدينة على الفور لما في الروايات الصحيحة على ما قال الحافظ أنهم تحاكموا إليه وهو في المسجد بين أصحابه والمسجد لم يكن بناؤه إلا بعد مدة من دخوله صلى الله عليه وسلم ( بحبل مطلي ) : اسم مفعول بوزن مرمي أي بحبل ملطخ ( بقار ) : قال في القاموس : القير بالكسر والقار شيء أسود يطلى به السفن والإبل أو هما الزفت انتهى ( فاجتمع أحبار ) : جمع حبر بمعنى العالم أي علماء من علمائهم ( فقالوا ) : أي الأحبار للذين بعثوهم ( ولم يكونوا من أهل دينه ) : صلى الله عليه وسلم لأنهم كانوا يهود ( فخير ) : بصيغة المجهول من التخيير ( في ذلك ) : أي في الحكم ( قال ) : أي أبو هريرة أو دونه قال الله تعالى ( فإن جاءوك ) : أي جاءك اليهود وتحاكموا إليك ( فاحكم بينهم ) : أي اقض بينهم ( أو أعرض عنهم ) : أي عن الحكم والقضاء بينهم . وفيه تخيير لرسول الله صلى الله عليه وسلم بين الحكم بينهم وبين الإعراض عنهم .

                                                                      وقد استدل به على أن حكام المسلمين مخيرون بين الأمرين .

                                                                      وقد أجمع العلماء على أنه يجب على حكام المسلمين أن يحكموا بين المسلم والذمي إذا ترافعا إليهم ، واختلفوا في أهل الذمة إذا ترافعوا فيما بينهم ، فذهب قوم إلى التخيير ، وبه قال الحسن والشعبي والنخعي والزهري وبه قال أحمد .

                                                                      وذهب آخرون إلى الوجوب وقالوا إن هذه الآية منسوخة بقوله وأن احكم بينهم بما أنزل الله وبه قال ابن عباس وعطاء ومجاهد وعكرمة والزهري وعمر بن عبد العزيز والسدي وهو الصحيح من قولي الشافعي وحكاه القرطبي عن أكثر العلماء وليس في هذه السورة منسوخ إلا هذا وقوله ولا آمين البيت انتهى .

                                                                      قال المنذري : وفيه أيضا مجهول .




                                                                      الخدمات العلمية