الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
4726 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16300عبد الأعلى بن حماد nindex.php?page=showalam&ids=12166ومحمد بن المثنى nindex.php?page=showalam&ids=15573ومحمد بن بشار nindex.php?page=showalam&ids=14348وأحمد بن سعيد الرباطي قالوا حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17282وهب بن جرير قال أحمد كتبناه من نسخته وهذا لفظه قال حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15627أبي قال سمعت nindex.php?page=showalam&ids=12563محمد بن إسحق يحدث عن nindex.php?page=showalam&ids=17386يعقوب بن عتبة عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم عن nindex.php?page=showalam&ids=16932أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=67جده قال nindex.php?page=hadith&LINKID=676024أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال يا رسول الله جهدت الأنفس وضاعت العيال ونهكت الأموال وهلكت الأنعام فاستسق الله لنا فإنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحك أتدري ما تقول وسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه ثم قال ويحك nindex.php?page=treesubj&link=32226_33134_28726_28723_30379إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه شأن الله أعظم من ذلك ويحك أتدري ما الله إن عرشه على سماواته لهكذا وقال بأصابعه مثل القبة عليه وإنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب قال nindex.php?page=showalam&ids=15573ابن بشار في حديثه إن الله فوق عرشه وعرشه فوق سماواته وساق الحديث و قال nindex.php?page=showalam&ids=16300عبد الأعلى nindex.php?page=showalam&ids=12166وابن المثنى nindex.php?page=showalam&ids=15573وابن بشار عن nindex.php?page=showalam&ids=17386يعقوب بن عتبة وجبير بن محمد بن جبير عن nindex.php?page=showalam&ids=16932أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=67جده والحديث بإسناد أحمد بن سعيد هو الصحيح وافقه عليه جماعة منهم nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين nindex.php?page=showalam&ids=16604وعلي بن المديني ورواه جماعة عن ابن إسحق كما قال أحمد أيضا وكان سماع عبد الأعلى وابن المثنى وابن بشار من نسخة واحدة فيما بلغني
( قال أحمد ) هو ابن سعيد ( كتبناه ) أي الحديث ( من نسخته ) أي من نسخة nindex.php?page=showalam&ids=17282وهب بن جرير ( وهذا لفظه ) أي لفظ أحمد ( عن أبيه ) هو محمد بن جبير ( عن جده ) هو جبير [ ص: 10 ] بن مطعم ( جهدت ) بصيغة المجهول أي : أوقعت في المشقة ( وضاعت العيال ) عيال الرجل بالكسر من يعوله ويمونه من الزوجة والأولاد والعبيد وغير ذلك .
( ونهكت ) بصيغة المجهول أي نقصت ( وهلكت الأنعام ) جمع نعم محركة الإبل والبقر والغنم ( فاستسق الله لنا ) أي اطلب لنا السقيا من الله تعالى ( فإنا نستشفع ) أي نطلب الشفاعة ( بك ) أي بوجودك وحرمتك وبعظمتك ( ويحك ) بمعنى ويلك إلا أن الأول فيه معنى الشفقة عن المزلة والمزلقة .
والثاني [ ص: 11 ] دعاء عليه بالهلكة والعقوبة ، قاله القاري ( وسبح ) أي قال سبحان الله . قال الأردبيلي : فيه دلالة على nindex.php?page=treesubj&link=24453_33134جواز أن يقال سبحان الله أو لا إله إلا الله على وجه التعجب والإنكار ولا كراهة فيه ، انتهى .
( حتى عرف ذلك ) بصيغة المجهول أي حتى تبين أثر ذلك التغير ( في وجوه أصحابه ) لأنهم فهموا من تكرير تسبيحه أنه - صلى الله عليه وسلم - غضب من ذلك فخافوا من غضبه فتغيرت وجوههم خوفا من الله تعالى ( إنه ) أي الشأن ( لا يستشفع ) بصيغة المجهول ( شأن الله أعظم من ذلك ) أي من أن يستشفع به على أحد .
[ ص: 12 ] قال الطيبي : استشفعت بفلان على فلان ليشفع لي إليه فشفعه أجاب شفاعته ، ولما قيل إن الشفاعة هي الانضمام إلى آخر ناصرا له وسائلا عنه إلى ذي سلطان عظيم منع - صلى الله عليه وسلم - أن يستشفع بالله على أحد ، وقوله ذلك إشارة إلى أثر هيبة أو خوف استشعر من قوله سبحان الله تنزيها عما نسب إلى الله تعالى من الاستشفاع به على أحد وتكراره مرارا .
( إن عرشه على سماواته ) قال الأردبيلي : هذا يدل على أن السماوات واقفة غير متحركة ولا دائرة كما قال المسلمون وأهل الكتاب خلافا للمنجمين والفلاسفة . انتهى .
( لهكذا ) بفتح اللام الابتدائية دخلت على خبر إن تأكيدا للحكم ( وقال بأصابعه ) أي أشار بها ( مثل القبة عليه ) قال القاري : حال من العرش أي مماثلا لها على ما في جوفها .
[ ص: 13 ] قال الطيبي : هو حال من المشار به ، وفي قال معنى الإشارة أي أشار بأصابعه إلى مشابهة هذه الهيئة ، وهي الهيئة الحاصلة للأصابع الموضوعة على الكف مثل حالة الإشارة . انتهى .
( وإنه ) أي العرش ( ليئط ) بكسر الهمزة وتشديد المهملة أي يصوت ( به ) أي بالله تعالى ( أطيط الرحل ) أي كصوته ، والرحل كور الناقة ( بالراكب ) أي الثقيل .
[ ص: 14 ] وفي النهاية : أي إن العرش ليعجز عن حمله وعظمته إذ كان معلوما أن أطيط الرجل بالراكب إنما يكون لقوة ما فوقه وعجزه عن احتماله . انتهى .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : هذا الكلام إذا أجري على ظاهره كان فيه نوع من الكيفية ، والكيفية عن الله تعالى وعن صفاته منفية ، فعقل أن ليس المراد منه تحقيق هذه الصفة ولا تحديده على هذه الهيئة وإنما هو كلام تقريب أريد به تقرير عظمة الله وجلاله - جل جلاله سبحانه - وإنما قصد به إفهام السائل من حيث أدركه فهمه إذا كان أعرابيا جلفا لا علم له لمعاني ما دق من الكلام وما لطف منه عن درك الأفهام . وفي الكلام حذف وإضمار ، فمعنى قوله أتدري ما الله فمعناه أتدري ما عظمته وجلاله .
[ ص: 15 ] وقوله : " إنه ليئط به " معناه أنه ليعجز عن جلاله وعظمته حتى يئط به ، إذ كان معلوما أن أطيط الرجل بالراكب إنما يكون لقوة ما فوقه ولعجزه عن احتماله .
فقرر بهذا النوع من التمثيل عنده معنى عظمة الله وجلاله وارتفاع عرشه ؛ ليعلم أن الموصوف بعلو الشأن وجلالة القدر وفخامة الذكر لا يجعل شفيعا إلى من هو دونه في القدر وأسفل منه في الدرجة ، وتعالى الله أن يكون مشبها بشيء أو مكيفا بصورة خلق أو مدركا بحس ليس كمثله شيء وهو السميع البصير . انتهى .
قلت : كلام الإمام nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي فيه تأويل بعيد خلاف للظاهر لا حاجة إليه ، وإنما الصحيح nindex.php?page=treesubj&link=28707المعتمد في أحاديث الصفات إمرارها على ظاهرها من غير تأويل ولا تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل كما عليه السلف الصالحون ، والله أعلم .
( وقال عبد الأعلى وابن المثنى وابن بشار عن يعقوب بن عتبة وجبير بن محمد بن جبير ) أي قالوا في روايتهم بالواو بين يعقوب وجبير ، وأما أحمد بن سعيد فقال في روايته بعن بينهما كما مر ( وافقه عليه ) أي وافق أحمد بن سعيد على إسناده .
( وكان سماع عبد الأعلى إلخ ) أي فلأجل ذلك اتفق هؤلاء الثلاثة كلهم على ما هو غير الصحيح حيث [ ص: 16 ] قالوا عن يعقوب بن عتبة وجبير بن محمد إلخ بالواو .
قال المنذري : قال nindex.php?page=showalam&ids=13863أبو بكر البزار وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من جهة من الوجوه إلا من هذا الوجه ، ولم يقل فيه محمد من إسحاق حدثني يعقوب بن عتبة . هذا آخر كلامه .
nindex.php?page=showalam&ids=16903ومحمد بن إسحاق مدلس ، وإذا قال المدلس عن فلان ولم يقل حدثنا أو سمعت أو أخبرنا لا يحتج بحديثه ، وإلى هذا أشار البزار مع ابن إسحاق إذا صرح بالسماع اختلف الحفاظ في الاحتجاج بحديثه فكيف إذا لم يصرح به ، وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين وغيره فلم يذكر فيه لفظة : به .
وقال الحافظ أبو القاسم الدمشقي : وقد تفرد به nindex.php?page=showalam&ids=17386يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس الثقفي الأخنسي عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم القرشي النوفلي وليس لهما في صحيح أبي عبد الله محمد بن [ ص: 17 ] إسماعيل البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080وأبي الحسن مسلم بن الحجاج النيسابوري رواية ، وانفرد به محمد بن إسحاق بن يسار عن يعقوب nindex.php?page=showalam&ids=12563وابن إسحاق لا يحتج بحديثه وقد طعن فيه غير واحد من الأئمة وكذبه جماعة منهم .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933أبو بكر البيهقي : التشبيه بالقبة إنما وقع على العرش ، وهذا حديث ينفرد به محمد بن إسحاق بن يسار عن يعقوب بن عتبة وصاحبا الحديث الصحيح لم يحتجا بهما . هذا آخر كلامه ، وقد تأوله الأئمة على تقدير صحته ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=13428الأستاذ أبو بكر محمد بن الحسين بن فورك ، وذلك لا يرجع إلى العرش وليس فيه ما يدل على أن الله تعالى مماس له مماسة الراكب الرحل ، بل فائدته أنه nindex.php?page=treesubj&link=28726_31748_28728يسمع للعرش أطيط فضرب كأطيط الرجل إذا ركب ، ويحتمل تأويلا آخر أيضا وهو أن يقول معناه أطيط الملائكة وضجتهم بالتسبيح حول العرش ، والمراد به الطائفون به وهذا شائع كما قال :
[ ص: 18 ]
واستب بعدك يا كليب المجلس
إنما للمراد أهل المجلس ، وكذلك تقول العرب اجتمعت اليمامة والمراد أهلها ، وكذلك يقولون بنو فلان هم الطريق ، والمراد به الواطئون الطريق .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : فمعنى قوله أتدري ما الله معناه : أتدري ما nindex.php?page=treesubj&link=28721_33677عظمة الله وجلاله ، وأشار إلى أن ظاهر الحديث فيه نوع من الكيفية ، والكيفية عن الله وعن صفاته منفية ، وإنما هو كلام تقريب أريد به تقريب عظمة الله وجلاله سبحانه .
[ ص: 19 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في كتاب الأسماء والصفات : هذا حديث ينفرد به محمد بن إسحاق بن يسار عن يعقوب بن عتبة ، وصاحبا الصحيح لم يحتجا به ، إنما استشهد مسلم بن الحجاج nindex.php?page=showalam&ids=16903بمحمد بن إسحاق في أحاديث معدودة أظنهن خمسة قد رواهن غيره ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الشواهد ذكرا من غير رواية ، وكان مالك بن أنس لا يرضاه ، nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى بن سعيد القطان لا يروي عنه ، nindex.php?page=showalam&ids=17336ويحيى بن معين يقول ليس هو بحجة ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل يقول يكتب عنه هذه الأحاديث يعني المغازي ونحوها فإذا جاء الحلال والحرام أردنا قوما هكذا يريد أقوى منه .
فإذا كان لا يحتج به في الحلال والحرام فأولى أن لا يحتج به في صفات الله سبحانه وتعالى ، وإنما نقموا عليه في روايته عن أهل الكتاب ثم عن ضعفاء الناس وتدليسه أساميهم ، فإذا روى عن ثقة وبين سماعه منه فجماعة من الأئمة لم يروا به بأسا . وهو إنما روى هذا الحديث عن يعقوب بن عتبة وبعضهم يقول عنه وعن جبير بن محمد بن جبير ولم يبين سماعه منهما واختلف عليه في لفظه .
[ ص: 20 ] وقد جعله أبو سليمان الخطابي ثابتا واشتغل بتأويله . انتهى كلام nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي . ثم ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي كلام nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي الذي تقدم آنفا .
وقال بعض العلماء ممن ذهب إلى nindex.php?page=treesubj&link=28712_28713تأويل أحاديث الصفات : حديث العباس ضعيف من وجوه ومعارض بالإجماع والأحاديث ، أما الضعف فمن جهة محمد بن إسحاق ، وأما الإجماع فإنه مخالف لما عليه المفسرون في المساحة والمسافة وفي صفة حملة العرش ، وأما الأحاديث فإنها جاءت في مسيرة خمس مائة واشتهرت عن أبي ذر وأبي سعيد وأبي بردة وغيرهم . انتهى .
[ ص: 21 ] وأما قولهم إنه معارض للإجماع الذي عليه المفسرون فهذه دعوى من غير بينة ، فإن المفسرين بأجمعهم لم يجمعوا على خلاف معنى حديث العباس - رضي الله عنه - وذهاب بعض المفسرين المتأخرين بل من المتقدمين أيضا إلى خلاف ذلك لا يفيد الإجماع ، وقد جمع بين الروايتين ، أي رواية المسافة بقدر مسيرة خمسمائة عام كما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وغيره وبين رواية العباس هذه الحافظ nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في كتاب الأسماء والصفات ، فقال بعد إخراج رواية nindex.php?page=showalam&ids=3أبى هريرة ما نصه : هذه الرواية في مسيرة خمسمائة عام اشتهر فيما بين الناس وروينا عن ابن مسعود من قوله مثلها ، ويحتمل أن يختلف ذلك باختلاف قوة السير وضعفه وخفته وثقله ، فيكون بسير القوي أقل وبسير الضعيف أكثر . انتهى .
[ ص: 22 ] وقال ابن القيم : وأما اختلاف مقدار المسافة في حديثي العباس nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة فهو مما يشهد بتصديق كل منهما للآخر ، وأن المسافة تختلف تقديرها بحسب اختلاف السير الواقع فيها ، فسير البريد مثلا يقطع بقدر سير ركاب الإبل سبع مرات ، وهذا معلوم بالواقع ، فما يسيره الإبل سيرا قاصدا في عشرين يوما يقطعه البريد في ثلاثة .
وقد جاءت في صفة حملة العرش ألوان ذكرها nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي فأنى يصح الإجماع ، والله أعلم .
[ ص: 23 ] قال الحافظ ابن القيم في تهذيب السنن : أما حملكم فيه على ابن إسحاق فجوابه أن ابن إسحاق بالموضع الذي جعله الله من العلم والأمانة .
قال nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني : حديثه عندي صحيح ، وقال شعبة بن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث ، وقال أيضا هو صدوق .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني أيضا لم أجد له سوى حديثين منكرين ، وهذا في غاية الثناء والمدح إذ لم يجد له على كثرة ما روى إلا حديثين منكرين .
وقال علي أيضا : سمعت ابن عيينة يقول : ما سمعت أحدا يتكلم في ابن إسحاق إلا في قوله في القدر ، ولا ريب أن أهل عصره أعلم به ممن تكلم فيه بعدهم .
وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يقول : قال الزهري لا يزال بهذه الحرة علم ما دام بها ذلك الأحول يريد ابن إسحاق .
[ ص: 24 ] وقال يعقوب بن شيبة : سألت nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين : كيف nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق؟ قال : ليس بذاك ، قلت : ففي نفسك من حديثه شيء؟ قال : لا كان صدوقا .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون : سمعت شعبة يقول : لو كان لي سلطان لأمرت ابن إسحاق على المحدثين .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي : قد فتشت أحاديث ابن إسحاق الكثير فلم أجد في أحاديثه شيئا أن يقطع عليه بالضعف وربما أخطأ أو وهم كما يخطئ غيره ، ولم يتخلف في الرواية عنه الثقات والأئمة وهو لا بأس به . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14765أحمد بن عبد الله العجلي : ابن إسحاق ثقة .
وقد استشهد مسلم بخمسة أحاديث ذكرها nindex.php?page=showalam&ids=12563لابن إسحاق في صحيحه .
[ ص: 25 ] وقد روى الترمذي في جامعه من حديث ابن إسحاق حدثنا سعيد بن عبيد بن السباق عن أبيه عن سهل بن حنيف قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=3508663كنت ألقى من المذي شدة فأكثر الاغتسال منه الحديث .
قال الترمذي : هذا حديث صحيح لا نعرفه إلا من حديث ابن إسحاق ، فهذا حكم قد تفرد به ابن إسحاق في الدنيا وقد صححه الترمذي .
فإن قيل فقد كذبه مالك فقال أبو قلابة الرقاشي حدثني nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود سليمان بن داود قال : قال nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن القطان : أشهد أن محمد بن إسحاق كذاب ، قلت : وما يدريك؟ قال : قال لي وهيب ، فقلت لوهيب : وما يدريك؟ قال : قال لي مالك بن أنس فقلت لمالك وما يدريك؟ قال : قال لي nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، قال قلت لهشام وما يدريك؟ قال حدث عن امرأتي فاطمة بنت المنذر ودخلت عليها [ أدخلت علي ] وهي بنت تسع وما رآها رجل حتى لقيت الله .
قيل : هذه الحكاية وأمثالها هي التي غرت من اتهمه بالكذب ، وجوابها من وجوه : أحدها : أن سليمان بن داود راويها عن يحيى هو الشاذكوني ، وقد اتهم بالكذب ، فلا يجوز القدح في الرجل بمثل رواية الشاذكوني .
[ ص: 26 ] الثاني : أن في الحكاية ما يدل على أنها كذب فإنه قال دخلت عليها وهي بنت تسع وفاطمة أكبر من هشام بثلاث عشرة سنة ، ولعلها لم تزف إليه إلا وقد زادت على العشرين ، ولما أخذ عنها ابن إسحاق كان لها نحو بضع وخمسين سنة .
الثالث : أن هشاما إنما نفى رؤيته لها ولم ينف سماعه منها ، ومعلوم أنه لا يلزم من انتفاء الرؤية انتفاء السماع .
قال الإمام أحمد : لعله سمع منها في المسجد أو دخل عليها فحدثته من وراء حجاب ، فأي شيء في هذا وقد كانت امرأة قد كبرت وأسنت .
[ ص: 27 ] قال يعقوب بن شيبة : سألت ابن المديني عن ابن إسحاق قال : حديثه عندي صحيح ، قلت : فكلام مالك فيه؟ قال : مالك لم يجالسه ولم يعرفه وأي شيء حدث بالمدينة . قلت : nindex.php?page=showalam&ids=17245فهشام بن عروة قد تكلم فيه ، قال : الذي قال هشام ليس بحجة ، لعله دخل على امرأته وهو غلام فسمع منها ، فإن حديثه يستبين فيه الصدق يروي حدثني أبو الزناد ومرة ذكر أبو الزناد ، ويقول حدثني الحسن بن دينار عن أيوب عن عمرو بن شعيب في سلف وبيع وهو أروى الناس عن عمرو بن شعيب .
وأما قولكم إنه لم يصرح بسماعه من يعقوب بن عتبة فعلى تقدير ثبوت العلم بهذا النفي لا يخرج الحديث عن كونه حسنا ، فإنه قد لقي يعقوب وسمع منه ، وفي الصحيح قطعة من الاحتجاج بعنعنة المدلس nindex.php?page=showalam&ids=11862كأبي الزبير عن جابر وسفيان عن nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ونظائره كثيرة لذلك .
[ ص: 28 ] وأما قولكم تفرد به يعقوب بن عتبة ولم يرو عنه أحد من أصحاب الصحيح فهذا ليس بعلة باتفاق المحدثين ، فإن يعقوب ثقة لم يضعفه أحد ، وكم من ثقة قد احتج به وهو غير مخرج عنه في الصحيحين ، وهذا هو الجواب عن تفردمحمد بن جبير عنه فإنه ثقة .
وأما قولكم إن ابن إسحاق اضطرب فيه فقد اتفق ثلاثة من الحفاظ عبد الأعلى وابن المثنى وابن بشار على nindex.php?page=showalam&ids=17282وهب بن جرير عن أبيه عن ابن إسحاق أنه حدث به عن يعقوب بن عتبة وجبير بن محمد عن أبيه ، وخالفهم أحمد بن سعيد الدمياطي فقال عن nindex.php?page=showalam&ids=17282وهب بن جرير عن أبيه سمعت محمد بن إسحاق يحدث عن يعقوب بن عتبة عن جبير ، فإما أن تكون الثلاثة أولى ، وإما أن يكون يعقوب رواه عن جبير بن محمد فسمعه منه ابن إسحاق ثم سمعه من جبير نفسه فحدث به على الوجهين .
[ ص: 29 ] وقد قيل إن الواو غلط وإن الصواب عن يعقوب بن عتبة عن جبير بن محمد عن أبيه .
وأما قولكم إنه اختلف لفظه فبعضهم قال ليئط به وبعضهم لم يذكر لفظة به ، فليس في هذا اختلاف يوجب رد الحديث ، فإذا زاد بعض الحفاظ لفظة لم ينفها غيره ولم يرو ما يخالفها فإنها لا تكون موجبة لرد الحديث ، فهذا جواب المنتصرين لهذا الحديث .
[ ص: 30 ] قالوا : وقد روي هذا المعنى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير حديث ابن إسحاق ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=17099محمد بن عبد الله الكوفي المعروف بمطين حدثنا عبد الله بن الحكم وعثمان قالا حدثنا يحيى عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن خليفة عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=3508664أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة فقالت : ادع الله أن يدخلني الجنة فعظم أمر الرب ثم قال إن كرسيه فوق السماوات والأرض وإنه يقعد عليه فما يفصل منه مقدار أربع أصابع ثم قال بأصابعه فجمعها ، وإن له أطيطا كأطيط الرحل " الحديث .
[ ص: 31 ] فإن قيل عبد الله بن الحكم وعثمان لا يعرفان ، قيل : بل هما ثقتان مشهوران nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة وعبد الله بن الحكم القطواني ، وهما من رجال الصحيح .
وفي الصحيحين من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد عن nindex.php?page=showalam&ids=13724الأعرج عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=3508665لما قضى الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق عرشه إن رحمتي غلبت غضبي .
وفي لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " وهو وضع عنده على العرش " .
[ ص: 32 ] وفي لفظ له أيضا : " فهو مكتوب فوق العرش " ووضع بمعنى موضوع مصدر بمعنى المفعول كنظائره . انتهى كلام ابن القيم رحمه الله تعالى .
وقد أطال الكلام في ترجمة محمد بن إسحاق الحافظ الذهبي في " ميزان الاعتدال " ، والحافظ فتح الدين بن سيد الناس اليعمري في " عيون الأثر في المغازي والسير " ، فعليك بمراجعتهما .