الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                12715 ( وأخبرنا ) أبو الحسين بن الفضل القطان ، أنا عبد الله بن جعفر ، ثنا يعقوب بن سفيان ، ثنا إبراهيم بن محمد الشافعي ، حدثني جدي محمد بن علي ، عن زيد بن علي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هاشم والمطلب كهاتين . وضم أصابعه وشبك بين أصابعه [ ص: 366 ] لعن الله من فرق بينهما ، ربونا صغارا وحملناهم كبارا .

                                                                                                                                                ( قال الشيخ ) : وإنما تكلم فيه عثمان وجبير - رضي الله عنهما - لأن عثمان هو ابن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، وجبير هو ابن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف ، وهاشم والمطلب وعبد شمس ونوفل كانوا إخوة ، فأعطى سهم ذي القربى بني هاشم وبني المطلب دون بني عبد شمس وبني نوفل ، وقال : إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام ، وإنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد . وفي الرواية المرسلة : ربونا صغارا وحملناهم - أو قال : وحملونا - كبارا . وإنما قال ذلك - والله أعلم - لأن هاشم بن عبد مناف تزوج سلمى بنت عمرو بن لبيد بن حرام من بني النجار بالمدينة ، فولدت له شيبة الحمد ، ثم توفي هاشم وهو معها ، فلما أيفع وترعرع ، خرج إليه عمه المطلب بن عبد مناف ، فأخذه من أمه ، وقدم به مكة ، وهو مردفه على راحلته ، فقيل : عبد ملكه المطلب ، فغلب عليه ذلك الاسم ، فقيل : عبد المطلب ، وحين بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة ، آذاه قومه ، وهموا به ، فقامت بنو هاشم وبنو المطلب مسلمهم وكافرهم دونه ، وأبوا أن يسلموه ، فلما عرفت قريش أن لا سبيل إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - معهم ، اجتمعوا على أن يكتبوا فيما بينهم على بني هاشم وبني المطلب : أن لا ينكحوهم ، ولا ينكحوا إليهم ، ولا يبايعوهم ، ولا يبتاعوا منهم ، وعمد أبو طالب فأدخلهم الشعب - شعب أبي طالب - في ناحية من مكة ، وأقامت قريش على ذلك من أمرهم في بني هاشم وبني المطلب سنتين أو ثلاثا ، حتى جهدوا جهدا شديدا ، ثم إن الله تعالى برحمته أرسل على صحيفة قريش الأرضة ، فلم تدع فيها اسما لله إلا أكلته ، وبقي فيها الظلم والقطيعة والبهتان ، وأخبر بذلك رسوله ، وأخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا طالب ، واستنصر به أبو طالب على قومه ، وقام هشام بن عمرو بن ربيعة - في جماعة ذكرهم ابن إسحاق في المغازي - بنقض ما في الصحيفة وشقها ، فلذلك جمع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في سائر العطية بين بني هاشم وبني المطلب ، وقدمهما على بني عبد شمس وبني نوفل ، وإنما وقعت البداية ببني عبد شمس قبل نوفل ، لأن هاشما والمطلب وعبد شمس كانوا إخوة لأب وأم ، وأمهم عاتكة بنت مرة ، ونوفل كان أخاهم لأبيهم ، وأمه واقدة بنت حرمل ، وعبد مناف وعبد العزى وعبد الدار بنو قصي كانوا إخوة ، والبداية بعد بني عبد مناف إنما وقعت ببني عبد العزى ، لأنها كانت قبيلة خديجة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنها بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى ، قال : وفيهم أنهم من المطيبين .

                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                الخدمات العلمية