الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( وإن أقام كل واحد منهما البينة على الشراء من الآخر ) قال : وهذا [ ص: 180 ] عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله. وعلى قول محمد يقضي بالبينتين ويكون للخارج ; لأن العمل بهما ممكن ، فيجعل كأنه اشترى ذو اليد من الآخر وقبض ثم باع الدار لأن القبض دلالة السبق على ما مر ، ولا يعكس الأمر لأن البيع قبل القبض لا يجوز وإن كان في العقار عنده . ولهما : أن الإقدام على الشراء إقرار منه بالملك للبائع فصار كأنهما قامتا على الإقرارين وفيه التهاتر بالإجماع كذا هاهنا ، ولأن السبب يراد لحكمه وهو الملك وهاهنا لا يمكن القضاء لذي اليد إلا بملك مستحق فبقي القضاء له بمجرد السبب وأنه لا يفيده ، ثم لو شهدت البينتان على نقد الثمن فالألف بالألف قصاص عندهما إذا استويا لوجود قبض مضمون من كل جانب وإن لم يشهدوا على نقد الثمن فالقصاص مذهب محمد رحمه الله للوجوب عنده . ولو شهد الفريقان بالبيع والقبض تهاترتا بالإجماع ; لأن الجمع غير ممكن عند محمد رحمه الله لجواز كل واحد من البيعين بخلاف الأول وإن وقتت البينتان في العقار ولم تثبتا قبضا ووقت الخارج أسبق يقضى لصاحب اليد عندهما ، فيجعل كأن الخارج اشترى أولا ثم باع قبل القبض من صاحب اليد ، وهو جائز في العقار عندهما . وعند محمد رحمه الله يقضى للخارج لأنه لا يصح بيعه قبل القبض فبقي على ملكه ، وإن أثبتا قبضا يقضى لصاحب اليد لأن البيعين جائزان على القولين ، وإن كان وقت صاحب اليد أسبق يقضى للخارج في الوجهين فيجعل كأنه اشتراها ذو اليد وقبض ثم باع ولم يسلم أو سلم ثم وصل إليه بسبب آخر .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية