الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 274 ] كتاب الإجارات

                                                                                                        ( الإجارة عقد على المنافع بعوض ) ; لأن الإجارة في اللغة بيع المنافع ، والقياس يأبى جوازه ; لأن المعقود عليه المنفعة وهي معدومة ، وإضافة التمليك إلى ما سيوجد لا يصح إلا أنا جوزناه لحاجة الناس إليه وقد شهدت بصحتها الآثار ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام : { أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه }. [ ص: 275 - 276 ] وقوله عليه الصلاة والسلام : { من استأجر أجيرا فليعلمه أجره }وتنعقد ساعة فساعة على حسب حدوث المنفعة ، والدار أقيمت مقام المنفعة في حق إضافة العقد إليها ليرتبط الإيجاب بالقبول ، ثم عمله يظهر في حق المنفعة تملكا واستحقاقا حال وجود المنفعة

                                                                                                        [ ص: 274 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 274 ] كتاب الإجارات

                                                                                                        الحديث الأول : قال عليه السلام : { أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه }; قلت : روي من حديث ابن عمر ; ومن حديث أبي هريرة ; ومن حديث جابر ; ومن حديث أنس . فحديث ابن عمر : أخرجه ابن ماجه في " سننه في كتاب الأحكام في باب أجر الأجراء " عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أعطوا الأجير أجره ، قبل أن يجف عرقه } ، انتهى . وهو معلول بعبد الرحمن بن زيد .

                                                                                                        وأما حديث أبي هريرة : فرواه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " حدثنا إسحاق بن إسرائيل ثنا عبد الله بن جعفر أخبرني سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا ، نحوه سواء ، ورواه ابن عدي في " الكامل " ، وأعله بعبد الله بن جعفر هذا ، وهو والد علي بن المديني . وأسند تضعيفه عن النسائي ، والسعدي ، وابن معين ، والفلاس ، ولينه ابن عدي ، فقال : عامة ما يرويه لا يتابع عليه ، ومع ضعفه يكتب حديثه انتهى .

                                                                                                        ورواه أبو نعيم الحافظ في " كتاب الحلية في ترجمة سفيان الثوري " حدثنا محمد بن عمر بن مسلم ثنا أحمد بن الحسن بن إسماعيل اليشكري بالكوفة من كتابه ثنا أحمد بن بلال ثنا عبد العزيز بن أبان عن سفيان عن سهيل به ، وقال : غريب لم يكتبه إلا من هذا الوجه انتهى . ووهم شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره ، فعزاه للبخاري .

                                                                                                        [ ص: 275 ] وأما حديث أنس : فرواه أبو عبد الله الترمذي الحكيم في " كتاب نوادر الأصول " في الأصل الثاني عشر ، حدثنا موسى بن عبد الله بن سعيد الأزدي ثنا محمد بن زياد بن ريان الكلبي عن بشر بن الحسين الهلالي عن الزبير بن عدي عن أنس بن مالك مرفوعا ، نحوه سواء .

                                                                                                        { حديث آخر } :

                                                                                                        مرسل ، رواه أبو أحمد بن زنجويه النسائي في " كتاب الأموال " حدثنا مسلم بن إبراهيم ثنا عثمان بن عثمان الغطفاني عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أعطوا الأجير أجره } ، إلى آخره .

                                                                                                        وأما حديث جابر :

                                                                                                        فرواه الطبراني في " معجمه الصغير " حدثنا أحمد بن محمد بن الصلت البغدادي بمصر ثنا محمد بن زياد بن ريان الكلبي ثنا شرقي بن القطامي عن أبي الزبير عن جابر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره ، وقال : تفرد به محمد بن زياد ، قال ابن طاهر : هذا حديث روي من حديث ابن عمر ; ومن حديث أبي هريرة ; ومن حديث جابر . فحديث ابن عمر : رواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر ، وعبد الرحمن ضعيف .

                                                                                                        وحديث أبي هريرة : له طرق ، فرواه أبو إسحاق الكوري عن زيد بن أسلم عن عطاء عن أبي هريرة ، والكوري هذا ضعيف ; ورواه عبد الله بن جعفر المديني عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة ، وعبد الله هذا هو والد علي بن المديني ، وليس بشيء في الحديث ; ورواه محمد بن عمار المؤذن عن المقبري عن أبي هريرة ، والحديث يعرف بابن عمار هذا ، وليس بالمحفوظ ; وحديث جابر ، رواه محمد بن زياد بن ريان الطائي عن شرقي القطامي عن أبي الزبير عن جابر ، وشرقي منكر الحديث انتهى كلامه . ومعنى الحديث في " الصحيح " أخرجه البخاري . عن المقبري عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطى بي ، ثم غدر ، ورجل باع حرا ، [ ص: 276 ] فأكل ثمنه ، ورجل استأجر أجيرا ، فاستوفى منه ، ولم يعطه أجره }انتهى .

                                                                                                        الحديث الثاني : قال عليه السلام : { من استأجر أجيرا فليعلمه أجره }; قلت : رواه عبد الرزاق في " مصنفه في البيوع " حدثنا معمر ، والثوري عن حماد عن إبراهيم عن أبي هريرة ، وأبي سعيد الخدري ، أو أحدهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من استأجر أجيرا ، فليسم له أجرته }.

                                                                                                        قال عبد الرزاق : فقلت للثوري يوما : أسمعت حمادا يحدث عن إبراهيم عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من استأجر أجيرا فليسم له أجرته }؟ قال : نعم ، وحدث به مرة أخرى ، فلم يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم انتهى .

                                                                                                        ورواه محمد بن الحسن في " كتاب الآثار " أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي عن أبي سعيد الخدري ، وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من استأجر أجيرا فليعلمه أجره }انتهى .

                                                                                                        وعن عبد الرزاق رواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " ، فقال : أخبرنا عبد الرزاق ثنا معمر عن حماد عن إبراهيم عن الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من استأجر أجيرا فليبين له أجرته }انتهى .

                                                                                                        أخبرنا النضر بن شميل ثنا حماد بن سلمة عن حماد عن إبراهيم عن الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم { نهى أن يستأجر الرجل حتى يبين له أجره } ، [ ص: 277 ] انتهى .

                                                                                                        وبهذا اللفظ الأخير رواه أحمد في " مسنده " ، وأبو داود في " مراسيله " ، ومن جهة أبي داود ذكره عبد الحق في " أحكامه " ، قال : وإبراهيم لم يدرك أبا سعيد انتهى ، وسند أبي داود حدثنا موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان ، ورواه النسائي في " المزارعة " موقوفا على الخدري : { إذا استأجرت أجيرا فأعلمه أجره } ، ولم يذكره ابن عساكر في " أطرافه " : ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " موقوفا على الخدري ، وأبي هريرة ، فقال : حدثنا وكيع عن سفيان عن حماد عن إبراهيم عن أبي هريرة ، وأبي سعيد ، قالا : من استأجر أجيرا فليعلمه أجره انتهى .

                                                                                                        ذكره في " البيوع " قال ابن أبي حاتم في " كتاب العلل " : سألت أبا زرعة عن حديث رواه حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه { نهى أن يستأجر حتى يعلم أجره } ، ورواه الثوري عن حماد عن إبراهيم عن أبي سعيد موقوفا ، فقال أبو زرعة : الصحيح موقوف ، فإن الثوري أحفظ انتهى كلامه .

                                                                                                        [ ص: 278 - 280 ] أحاديث الباب :

                                                                                                        قال المصنف : وقد شهدت بصحتها الآثار يعني الإجارة ثم ذكر الحديثين المتقدمين ، وفيها أحاديث صحيحة : منها حديث أبي هريرة : { ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطى بي ثم غدر ، ورجل باع حرا فأكل ثمنه ، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ، ولم يعطه أجره }انتهى . رواه البخاري .

                                                                                                        { حديث آخر } :

                                                                                                        حديث اللديغ ، رواه الأئمة الستة في " كتبهم " ، وسيأتي قريبا . { حديث آخر } :

                                                                                                        أخرجه البخاري ، ومسلم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم { احتجم وأعطى الحجام أجره } ، انتهى . وسيأتي قريبا .

                                                                                                        { حديث آخر } :

                                                                                                        أخرجه البخاري عن عمرو بن يحيى عن جده عن أبي هريرة عن [ ص: 281 ] النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم ، فقال أصحابه : وأنت يا رسول الله ؟ قال : نعم ، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة }انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } :

                                                                                                        أخرجه البخاري أيضا عن عروة عن عائشة ، قالت : { استأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلا من الديل ، هاديا خريتا ، وهو على دين كفار قريش ، فدفعا إليه راحلتيهما ، ووعداه غار ثور ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث }انتهى . حديث آخر :

                                                                                                        أخرجه ابن حبان في " صحيحه " عن سويد بن قيس ، قال : { جلبت [ ص: 282 ] أنا ومخرمة العبدي بزا من هجر ، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فساومنا سراويل ، وعنده وزان يزن بالأجر ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : زن وأرجح }انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } :

                                                                                                        أخرجه ابن ماجه عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : { أصاب نبي الله صلى الله عليه وسلم خصاصة ، فبلغ ذلك عليا رضي الله عنه ، فخرج يلتمس عملا يصيب فيه شيئا ليغيث به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى بستانا لرجل من اليهود ، فاستقى له سبعة عشر دلوا ، كل دلو بتمرة ، ثم جاء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم }انتهى . وأعله في " التنقيح " بحنش ، قال : [ ص: 283 ] واسمه حسين بن قيس ، وقد ضعفوه إلا الحاكم ، فإنه وثقه ، وقد رواه أحمد في " مسنده " أخبرنا إسماعيل ثنا أيوب عن مجاهد ، قال : { قال علي رضي الله عنه : جعت مرة بالمدينة جوعا شديدا فخرجت أطلب العمل في عوالي المدينة ، فإذا أنا بامرأة تريد الماء ، فقاطعتها كل ذنوب بتمرة ، فمددت ستة عشر ذنوبا حتى قحلت يداي . ثم أتيتها فقلت بكفي هكذا بين يديها فعدت لي ست عشرة تمرة ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فأكل معي منها }انتهى .

                                                                                                        قال في " التنقيح " : فيه انقطاع ، قال أبو زرعة : مجاهد عن علي مرسل : وقال أبو حاتم : مجاهد أدرك عليا ، ولا نعلم له رواية ولا سماعا ، [ ص: 284 ] انتهى كلامه

                                                                                                        .



                                                                                                        الخدمات العلمية