باب الإحرام ( وإذا اغتسل أو توضأ والغسل أفضل ) لما روي أنه عليه الصلاة والسلام [ ص: 90 ] اغتسل لإحرامه إلا أنه للتنظيف حتى تؤمر به الحائض ، وإن لم يقع فرضا عنها ، فيقوم الوضوء مقامه كما في الجمعة ، لكن الغسل أفضل ; لأن معنى النظافة فيه أتم ، ولأنه عليه الصلاة والسلام اختاره . [ ص: 91 ] قال : ( ولبس ثوبين جديدين أو غسيلين إزارا ورداء ) لأنه عليه السلام ائتزر وارتدى عند إحرامه ولأنه ممنوع عن لبس المخيط ، ولا بد من ستر العورة ودفع الحر والبرد وذلك فيما عيناه ، والجديد أفضل لأنه أقرب إلى الطهارة . [ ص: 92 ] قال : ( ومس طيبا إن كان له ) وعن أراد الإحرام رحمه الله : أنه يكره إذا تطيب بما تبقى عينه بعد الإحرام ، وهو قول محمد مالك رحمهما اللهلأنه منتفع بالطيب بعد الإحرام ، ووجه المشهور حديث { والشافعي رضي الله عنهاقالت : كنت أطيب رسول الله عليه الصلاة والسلام لإحرامه قبل أن يحرم عائشة } ، والممنوع عنه التطيب بعد الإحرام ، والباقي كالتابع له لاتصاله به بخلاف الثوب لأنه مباين عنه .
[ ص: 93 - 95 ] قال : ( وصلى ركعتين ) لما روى رضي الله عنه أن { جابر بذي الحليفة ركعتين عند إحرامه . قال : وقال : اللهم إني أريد الحج فيسره لي وتقبله مني }لأن أداءه في أزمنة متفرقة وأماكن متباينة ، فلا يعرى عن المشقة عادة فيسأل التيسير ، وفي الصلاة لم يذكر مثل هذا الدعاء لأن مدتها يسيرة وأداؤها عادة متيسر . قال : ( ثم يلبي عقيب صلاته ) لما روي أن { النبي عليه الصلاة والسلام صلى } ، وإن لبى بعد ما استوت به راحلته جاز ، ولكن الأول أفضل لما روينا . النبي عليه الصلاة والسلام لبى [ ص: 96 ] في دبر صلاته
التالي
السابق
باب الإحرام
الحديث الأول : روي { } ، قلت : أخرجه أنه عليه السلام اغتسل لإحرامه الترمذي عن عبد الله بن يعقوب المدني عن عن أبيه عن ابن أبي الزناد عن أبيه خارجة بن زيد بن ثابت أنه رأى { زيد بن ثابت }انتهى . النبي عليه السلام تجرد لإهلاله واغتسل
وقال : [ ص: 90 ] حديث حسن غريب ، وأخرجه في " معجمه " ، الطبراني في " سننه " عن والدارقطني محمد بن موسى بن مسكين أبي غزية المديني القاضي حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه به ، ولفظهما : اغتسل لإحرامه ، ورواه بسند العقيلي ، وأعله الدارقطني بأبي غزية ، قال : عنده مناكير ، ولا يتابع عليه إلا من طريق فيها ضعف ، انتهى .
قال ابن القطان في " كتابه " : وإنما حسنه الترمذي ، ولم يصححه للاختلاف في عبد الرحمن بن أبي الزناد ، والراوي عنه عبد الله بن يعقوب المدني ، أجهدت نفسي في معرفته فلم أجد أحدا ذكره انتهى .
{ حديث آخر } : رواه في " معجمه الأوسط " حدثنا الطبراني عيسى بن محمد السمسار الواسطي ثنا محمد بن عمرويه الهروي ثنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي ثنا خالد بن إلياس عن صالح بن أبي حسان عن عن عبد الملك بن مروان { عائشة مكة اغتسل حين يريد أن يحرم } ، انتهى . أن النبي عليه السلام كان إذا خرج إلى
{ حديث آخر } : أخرجه في " المستدرك " عن الحاكم يعقوب بن عطاء بن أبي رباح عن أبيه عن ، قال : { ابن عباس ذا الحليفة صلى ركعتين ، ثم قعد على بعيره ، فلما استوى به على البيداء أحرم بالحج }انتهى . وقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لبس ثيابه ، فلما أتى يعقوب بن عطاء ممن جمع أئمة الإسلام حديثه انتهى .
أحاديث الباب : أخرج في " صحيحه " عن مسلم القاسم عن ، قال : { عائشة أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن تغتسل وتهل }انتهى . نفست [ ص: 91 ]
وفي حديث الطويل أيضا فخرجنا معه حتى أتينا جابر ذا الحليفة ، وأخرجه أيضا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن في حديث { جابر حين نفست أسماء بنت عميس بذي الحليفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر ، فأمرها أن تغتسل وتهل }انتهى .
{ حديث آخر } : رواه في " مصنفه " حدثنا ابن أبي شيبة سهل بن يوسف عن حميد عن عن بكر بن عبد الله المزني ، قال : من السنة أن يغتسل إذا أراد أن يحرم ، انتهى . ابن عمر
ورواه في " مسنده " ، البزار في " سننه " ، والدارقطني في " المستدرك " ، وقال : حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه انتهى . والحاكم
الحديث الثاني : روي { أنه عليه السلام اتزر ، وارتدى عند إحرامه } ، قلت : أخرجه في " صحيحه " عن البخاري عن كريب ، قال : { ابن عباس المدينة بعد ما ترجل وادهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه ، فلم ينه عن شيء من الأردية والأزر تلبس ، إلا المزعفرة التي تردع على الجلد ، فأصبح بذي الحليفة ، ركب راحلته حتى استوى على البيداء ، أهل هو وأصحابه وقلد بدنته ، وذلك لخمس بقين من ذي القعدة ، وقدم مكة لأربع ليال خلون من ذي الحجة ، فطاف بالبيت }. انطلق النبي عليه السلام من
الحديث الثالث : عن { ، قالت كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن [ ص: 92 ] يحرم عائشة } ، قلت : أخرجه ، البخاري عن ومسلم الأسود { أنها قالت : كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم عائشة } ، وفي لفظ لهما : كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم ، وفي لفظ عن : كأني أنظر إلى وبيص المسك في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يلبي ، وفي لفظ لهما : قالت : { لمسلم } ، انتهى . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يحرم يتطيب بأطيب ما يجد ، ثم أرى وبيص الطيب في رأسه ولحيته بعد ذلك
وأخرجا عن محمد بن المنتشر ، قال : { عن رجل يتطيب ، ثم يصبح محرما ، فقال : ما أحب أن أصبح محرما أنضح طيبا ، لأن أطلي بقطران أحب إلي من أن أفعل ذلك ، فدخلت على عبد الله بن عمر ، وأخبرتها بقوله . فقالت : أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فطاف في نسائه ، ثم أصبح محرما عائشة } ، وفي لفظ لهما : قالت : { سألت } ، انتهى . كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطوف على نسائه ، ثم يصبح محرما ، ينضح طيبا
[ ص: 93 ] { حديث آخر } : أخرجه أبو داود في " سننه " عن أن عائشة بنت طلحة حدثتها . قالت : { عائشة أم المؤمنين مكة ، فنضمد جباهنا بالمسك المطيب عند الإحرام ، فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها ، فيراه النبي عليه السلام ، فلا ينهانا }انتهى . كنا نخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى
أحاديث الخصوم : أخرج ، البخاري عن ومسلم ، قال : { يعلى بن أمية } ، زاد أتى النبي عليه السلام رجل متضمخ بطيب ، وعليه جبة ، فقال : يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم بعمرة في جبة بعد ما تضمخ بطيب ؟ فقال له النبي عليه السلام : أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات ، وأما الجبة فانزعها ، ثم اصنع في عمرتك ما تصنع في حجك في لفظ معلق : وقال البخاري : قلت ابن جريج : أراد الإنقاء حين أمره أن يغسله ثلاث مرات ؟ قال : نعم وفي لفظ لهما : { لعطاء } ، وفي لفظ وهو متضمخ بالخلوق ، فقال له : اغسل عنك أثر الخلوق : { لمسلم } ، وفي لفظ وهو مصفر لحيته ورأسه ، فقال له : اغسل عنك الصفرة : { للبخاري } ، قال اغسل عنك أثر الخلوق ، وأثر الصفرة في " مختصره " بعد ذكره حديث المنذري أبي داود المتقدم : فيه دليل على أن للمحرم أن يتطيب قبل إحرامه بطيب يبقى أثره بعد الإحرام ، ولا يضره بقاؤه ، وعليه أكثر الصحابة رضي الله عنهم ، واستدل من منعه بقوله عليه السلام : { } ، وحمل على أنه كان من زعفران ، يدل عليه رواية اغسل عنك أثر الخلوق ، وهو مصفر لحيته ورأسه ، وقد نهى الرجل عن التزعفر ، وقيل : إنه من خواصه عليه السلام ، وفيه نظر ، فقد رئي مسلم محرما وعلى رأسه مثل الرب من الغالية ، وقال ابن عباس مسلم بن صبيح : رأيت ، وهو محرم ، وفي رأسه ولحيته من الطيب ما لو كان لرجل أعد منه رأس مال انتهى . ابن الزبير
قلت رواية الزعفران عند في " مسنده " روى حديث أحمد ، وقال فيه : { يعلى بن أمية } ، الحديث . ثم دعاه عليه السلام ، فقال له : اخلع عنك هذه الجبة ، واغسل عنك هذا الزعفران ، ثم [ ص: 94 ] اصنع في عمرتك كما تصنع في حجك
حديث النهي عن التزعفر : أخرجه ، البخاري في " اللباس " عن ومسلم عن عبد العزيز بن صهيب { أنس }انتهى . أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن التزعفر
وفي لفظ : { لمسلم } ، ويشكل عليه حديث رواه نهى أن يتزعفر الرجل أبو داود في " سننه " حدثنا عبد الرحيم بن مطرف ثنا عمرو بن محمد العنقزي ثنا ابن أبي رواد عن عن نافع أن النبي عليه السلام { ابن عمر }انتهى . وصححه كان يلبس النعال السبتية ، ويصفر لحيته بالورس والزعفران ابن القطان في " كتابه " ، وقال : عمرو بن محمد العنقزي ثقة ، وعبد الرحيم أبو سفيان الرواسي أيضا ثقة انتهى .
وقال الحازمي في " كتاب الناسخ والمنسوخ " : واستدل بحديث الطحاوي : { عائشة } ، على وجوب كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطوف على نسائه ، ثم يصبح محرما ينضح طيبا ، لأن قوله : فيطوف على نسائه ، مشعر بأنه اغتسل ، ثم رده غسل الطيب قبل الإحرام الحازمي بأنه ليس فيه : أنه أصابهن ، وكان عليه السلام كثيرا ما يطوف على نسائه من غير إصابة ، كما في حديث : { عائشة }. قل يوم إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف علينا ، فيقبل ويلمس دون الوقاع ، فإذا جاء إلى التي هي يومها يبيت عندها
قال : ولو ثبت أنه اغتسل ، فحديث : كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرقه ، وهو محرم ، يدل على بقاء عينه بعد الإحرام ، أو يقول : إنها طيبته مرة ثانية بعد الغسل ، لأن وبيص الشيء بريقه ولمعانه ، ثم نقل عن الشافعي أنه قال : أمر النبي عليه السلام الأعرابي بغسل الطيب منسوخ ، لأنه كان في عام عائشة الجعرانة ، وهو سنة ثمان ، وحديث { : أنها طيبت النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم عائشة }هو ناسخه ، لأنه كان في حجة الوداع ، وهي سنة عشر ، قال الحازمي : وما رواه عن مالك عن نافع أن أسلم مولى عمر وجد ريح طيب من عمر وهو محرم ، فقال له معاوية : ارجع فاغسله ، فإن عمر لم يبلغه حديث عمر ، ولو بلغه لرجع إليه ، وإذا لم يبلغه فسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع انتهى كلامه . وحديث عائشة هذا رواه معاوية في " مسنده " ، وزاد : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { البزار }انتهى . [ ص: 95 ] الحاج : الشعث التفل
الحديث الرابع : روى { جابر بذي الحليفة بركعتين عند إحرامه } ، قلت : غريب عن أن النبي عليه السلام صلى ، والذي في حديث جابر الطويل أنه صلى في جابر مسجد ذي الحليفة ، ولم يذكر عددا ، ولكن أخرج في " باب التلبية " عن مسلم سالم عن ، قال : { ابن عمر بذي الحليفة ركعتين ، ثم إذا استوت به الناقة قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهل بهؤلاء الكلمات } ، الحديث . وأخرج كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركع أبو داود في " باب وقت الإحرام " عن عن ابن إسحاق خصيف بن عبد الرحمن الجزري عن عن سعيد بن جبير ، قال : { ابن عباس بذي الحليفة ركعتين أوجب في مجلسه ، فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه } ، مختصر . وسيأتي بتمامه في الحديث الذي بعد هذا ، ورواه خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجا ، فلما صلى في مسجده في " المستدرك " وقال : صحيح على شرط الحاكم انتهى . مسلم
، وابن إسحاق وخصيف فيهما مقال ، وأخرجه في " سننه " عن الدارقطني يعقوب بن عطاء عن أبيه عن ، قال : { ابن عباس ذا الحليفة صلى ركعتين ، ثم قعد على بعيره ، فلما استوى على البيداء أحرم بالحج } ، انتهى : اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لبس ثيابه ، فلما أتى ويعقوب بن عطاء ضعفه ، أحمد ، قاله الشيخ في " الإمام " . ويحيى بن معين
الحديث الخامس : روي { } ، قلت : أخرجه أنه عليه السلام لبى في دبر صلاته يعني ركعتي [ ص: 96 ] الإحرام الترمذي ، عن والنسائي عبد السلام بن حرب ثنا خصيف عن عن سعيد بن جبير { ابن عباس }انتهى . أن النبي عليه السلام أهل في دبر الصلاة
وقال في " الإمام " : وعبد السلام بن حرب أخرج له الشيخان في " صحيحيهما " ، وخصيف بن عبد الرحمن الجزري ضعفه بعضهم انتهى قوله : ولو جاز ، ولكن الأول أفضل لما روينا ، قلت : يشير إلى الحديث المذكور ، ولكن أحاديث : أنه لبى بعد ما استوت به راحلته واضح ، فأخرج لبى بعد ما استوت به راحلته ، البخاري عن ومسلم عن نافع { ابن عمر } ، وفي لفظ لهما عن أن النبي عليه السلام أهل حين استوت به راحلته قائمة سالم عنه : قال : { ذا الحليفة }مختصر ، وفي لفظ ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد يعني : قال : { لمسلم ذي الحليفة }انتهى . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وضع رجله في الغرز وانبعثت به راحلته قائمة أهل من
وفي لفظ عن لمسلم عبيد بن جريج عن ، قال : { ابن عمر } ، مختصر . وأخرجه لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث به راحلته عن البخاري عن محمد بن المنكدر ، قال : { أنس بن مالك بالمدينة أربعا ، وبذي الحليفة ركعتين ، ثم بات حتى أصبح ، فلما ركب راحلته واستوت به أهل }انتهى . صلى النبي عليه السلام
وأخرج أيضا عن عن عطاء أن { جابر ذي الحليفة حين استوت به راحلته }انتهى ، وأخرج إهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عن مسلم ، وفيه : { ابن عباس } ، مختصر . وفي سنن ثم ركب راحلته ، فلما استوت به على البيداء أهل بالحج أبي داود ما يجمع بين هذه الأحاديث ، وحديث : أهل في دبر صلاته أخرجه عن عن ابن إسحاق خصيف عن ، قال : قلت سعيد بن جبير : عجبت لاختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في إهلاله حين أوجب ، فقال : إني لأعلم الناس بذلك ، إنها إنما كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة واحدة ، فمن هناك اختلفوا ، خرج رسول [ ص: 97 ] الله صلى الله عليه وسلم حاجا ، فلما صلى في مسجده لعبد الله بن عباس بذي الحليفة ركعتيه أوجب في مجلسه ، فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه ، فسمع ذلك منه أقوام ، فحفظته عنه ، ثم ركب ، فلما استقلت به ناقته أهل ، وأدرك هذا أقوام ، وذلك أن الناس إنما كانوا يأتون أرسالا ، فسمعوه حين استقلت به ناقته يهل ، فقالوا : إنما أهل حين استقلت به ناقته ، ثم مضى عليه السلام ، فلما علا شرف البيداء أهل ، وأدرك ذلك أقوام ، فقالوا : إنما أهل حين علا على شرف البيداء ، وأيم الله لقد أوجب في مصلاه ، وأهل حين استقلت به ناقته ، وأهل حين علا على شرف البيداء ، فمن أخذ بقول ، أهل في مصلاه إذا فرغ من ركعتيه انتهى . ابن عباس
ورواه في " المستدرك " ، وقال : صحيح على شرط الحاكم ، مسلم فيه مقال ، وكذلك وابن إسحاق خصيف ، قال في " كتاب الضعفاء " : كان فقيها صالحا ، إلا أنه كان يخطئ كثيرا ، والإنصاف فيه قبول ما وافق فيه الأثبات ، وترك ما لم يتابع عليه ، وأنا أستخير الله في إدخاله في الثقات ، وكذلك احتج به جماعة من أئمتنا ، وتركه آخرون انتهى . ابن حبان
الحديث الأول : روي { } ، قلت : أخرجه أنه عليه السلام اغتسل لإحرامه الترمذي عن عبد الله بن يعقوب المدني عن عن أبيه عن ابن أبي الزناد عن أبيه خارجة بن زيد بن ثابت أنه رأى { زيد بن ثابت }انتهى . النبي عليه السلام تجرد لإهلاله واغتسل
وقال : [ ص: 90 ] حديث حسن غريب ، وأخرجه في " معجمه " ، الطبراني في " سننه " عن والدارقطني محمد بن موسى بن مسكين أبي غزية المديني القاضي حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه به ، ولفظهما : اغتسل لإحرامه ، ورواه بسند العقيلي ، وأعله الدارقطني بأبي غزية ، قال : عنده مناكير ، ولا يتابع عليه إلا من طريق فيها ضعف ، انتهى .
قال ابن القطان في " كتابه " : وإنما حسنه الترمذي ، ولم يصححه للاختلاف في عبد الرحمن بن أبي الزناد ، والراوي عنه عبد الله بن يعقوب المدني ، أجهدت نفسي في معرفته فلم أجد أحدا ذكره انتهى .
{ حديث آخر } : رواه في " معجمه الأوسط " حدثنا الطبراني عيسى بن محمد السمسار الواسطي ثنا محمد بن عمرويه الهروي ثنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي ثنا خالد بن إلياس عن صالح بن أبي حسان عن عن عبد الملك بن مروان { عائشة مكة اغتسل حين يريد أن يحرم } ، انتهى . أن النبي عليه السلام كان إذا خرج إلى
{ حديث آخر } : أخرجه في " المستدرك " عن الحاكم يعقوب بن عطاء بن أبي رباح عن أبيه عن ، قال : { ابن عباس ذا الحليفة صلى ركعتين ، ثم قعد على بعيره ، فلما استوى به على البيداء أحرم بالحج }انتهى . وقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لبس ثيابه ، فلما أتى يعقوب بن عطاء ممن جمع أئمة الإسلام حديثه انتهى .
أحاديث الباب : أخرج في " صحيحه " عن مسلم القاسم عن ، قال : { عائشة أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن تغتسل وتهل }انتهى . نفست [ ص: 91 ]
وفي حديث الطويل أيضا فخرجنا معه حتى أتينا جابر ذا الحليفة ، وأخرجه أيضا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن في حديث { جابر حين نفست أسماء بنت عميس بذي الحليفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر ، فأمرها أن تغتسل وتهل }انتهى .
{ حديث آخر } : رواه في " مصنفه " حدثنا ابن أبي شيبة سهل بن يوسف عن حميد عن عن بكر بن عبد الله المزني ، قال : من السنة أن يغتسل إذا أراد أن يحرم ، انتهى . ابن عمر
ورواه في " مسنده " ، البزار في " سننه " ، والدارقطني في " المستدرك " ، وقال : حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه انتهى . والحاكم
الحديث الثاني : روي { أنه عليه السلام اتزر ، وارتدى عند إحرامه } ، قلت : أخرجه في " صحيحه " عن البخاري عن كريب ، قال : { ابن عباس المدينة بعد ما ترجل وادهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه ، فلم ينه عن شيء من الأردية والأزر تلبس ، إلا المزعفرة التي تردع على الجلد ، فأصبح بذي الحليفة ، ركب راحلته حتى استوى على البيداء ، أهل هو وأصحابه وقلد بدنته ، وذلك لخمس بقين من ذي القعدة ، وقدم مكة لأربع ليال خلون من ذي الحجة ، فطاف بالبيت }. انطلق النبي عليه السلام من
الحديث الثالث : عن { ، قالت كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن [ ص: 92 ] يحرم عائشة } ، قلت : أخرجه ، البخاري عن ومسلم الأسود { أنها قالت : كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم عائشة } ، وفي لفظ لهما : كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم ، وفي لفظ عن : كأني أنظر إلى وبيص المسك في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يلبي ، وفي لفظ لهما : قالت : { لمسلم } ، انتهى . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يحرم يتطيب بأطيب ما يجد ، ثم أرى وبيص الطيب في رأسه ولحيته بعد ذلك
وأخرجا عن محمد بن المنتشر ، قال : { عن رجل يتطيب ، ثم يصبح محرما ، فقال : ما أحب أن أصبح محرما أنضح طيبا ، لأن أطلي بقطران أحب إلي من أن أفعل ذلك ، فدخلت على عبد الله بن عمر ، وأخبرتها بقوله . فقالت : أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فطاف في نسائه ، ثم أصبح محرما عائشة } ، وفي لفظ لهما : قالت : { سألت } ، انتهى . كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطوف على نسائه ، ثم يصبح محرما ، ينضح طيبا
[ ص: 93 ] { حديث آخر } : أخرجه أبو داود في " سننه " عن أن عائشة بنت طلحة حدثتها . قالت : { عائشة أم المؤمنين مكة ، فنضمد جباهنا بالمسك المطيب عند الإحرام ، فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها ، فيراه النبي عليه السلام ، فلا ينهانا }انتهى . كنا نخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى
أحاديث الخصوم : أخرج ، البخاري عن ومسلم ، قال : { يعلى بن أمية } ، زاد أتى النبي عليه السلام رجل متضمخ بطيب ، وعليه جبة ، فقال : يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم بعمرة في جبة بعد ما تضمخ بطيب ؟ فقال له النبي عليه السلام : أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات ، وأما الجبة فانزعها ، ثم اصنع في عمرتك ما تصنع في حجك في لفظ معلق : وقال البخاري : قلت ابن جريج : أراد الإنقاء حين أمره أن يغسله ثلاث مرات ؟ قال : نعم وفي لفظ لهما : { لعطاء } ، وفي لفظ وهو متضمخ بالخلوق ، فقال له : اغسل عنك أثر الخلوق : { لمسلم } ، وفي لفظ وهو مصفر لحيته ورأسه ، فقال له : اغسل عنك الصفرة : { للبخاري } ، قال اغسل عنك أثر الخلوق ، وأثر الصفرة في " مختصره " بعد ذكره حديث المنذري أبي داود المتقدم : فيه دليل على أن للمحرم أن يتطيب قبل إحرامه بطيب يبقى أثره بعد الإحرام ، ولا يضره بقاؤه ، وعليه أكثر الصحابة رضي الله عنهم ، واستدل من منعه بقوله عليه السلام : { } ، وحمل على أنه كان من زعفران ، يدل عليه رواية اغسل عنك أثر الخلوق ، وهو مصفر لحيته ورأسه ، وقد نهى الرجل عن التزعفر ، وقيل : إنه من خواصه عليه السلام ، وفيه نظر ، فقد رئي مسلم محرما وعلى رأسه مثل الرب من الغالية ، وقال ابن عباس مسلم بن صبيح : رأيت ، وهو محرم ، وفي رأسه ولحيته من الطيب ما لو كان لرجل أعد منه رأس مال انتهى . ابن الزبير
قلت رواية الزعفران عند في " مسنده " روى حديث أحمد ، وقال فيه : { يعلى بن أمية } ، الحديث . ثم دعاه عليه السلام ، فقال له : اخلع عنك هذه الجبة ، واغسل عنك هذا الزعفران ، ثم [ ص: 94 ] اصنع في عمرتك كما تصنع في حجك
حديث النهي عن التزعفر : أخرجه ، البخاري في " اللباس " عن ومسلم عن عبد العزيز بن صهيب { أنس }انتهى . أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن التزعفر
وفي لفظ : { لمسلم } ، ويشكل عليه حديث رواه نهى أن يتزعفر الرجل أبو داود في " سننه " حدثنا عبد الرحيم بن مطرف ثنا عمرو بن محمد العنقزي ثنا ابن أبي رواد عن عن نافع أن النبي عليه السلام { ابن عمر }انتهى . وصححه كان يلبس النعال السبتية ، ويصفر لحيته بالورس والزعفران ابن القطان في " كتابه " ، وقال : عمرو بن محمد العنقزي ثقة ، وعبد الرحيم أبو سفيان الرواسي أيضا ثقة انتهى .
وقال الحازمي في " كتاب الناسخ والمنسوخ " : واستدل بحديث الطحاوي : { عائشة } ، على وجوب كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطوف على نسائه ، ثم يصبح محرما ينضح طيبا ، لأن قوله : فيطوف على نسائه ، مشعر بأنه اغتسل ، ثم رده غسل الطيب قبل الإحرام الحازمي بأنه ليس فيه : أنه أصابهن ، وكان عليه السلام كثيرا ما يطوف على نسائه من غير إصابة ، كما في حديث : { عائشة }. قل يوم إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف علينا ، فيقبل ويلمس دون الوقاع ، فإذا جاء إلى التي هي يومها يبيت عندها
قال : ولو ثبت أنه اغتسل ، فحديث : كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرقه ، وهو محرم ، يدل على بقاء عينه بعد الإحرام ، أو يقول : إنها طيبته مرة ثانية بعد الغسل ، لأن وبيص الشيء بريقه ولمعانه ، ثم نقل عن الشافعي أنه قال : أمر النبي عليه السلام الأعرابي بغسل الطيب منسوخ ، لأنه كان في عام عائشة الجعرانة ، وهو سنة ثمان ، وحديث { : أنها طيبت النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم عائشة }هو ناسخه ، لأنه كان في حجة الوداع ، وهي سنة عشر ، قال الحازمي : وما رواه عن مالك عن نافع أن أسلم مولى عمر وجد ريح طيب من عمر وهو محرم ، فقال له معاوية : ارجع فاغسله ، فإن عمر لم يبلغه حديث عمر ، ولو بلغه لرجع إليه ، وإذا لم يبلغه فسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع انتهى كلامه . وحديث عائشة هذا رواه معاوية في " مسنده " ، وزاد : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { البزار }انتهى . [ ص: 95 ] الحاج : الشعث التفل
الحديث الرابع : روى { جابر بذي الحليفة بركعتين عند إحرامه } ، قلت : غريب عن أن النبي عليه السلام صلى ، والذي في حديث جابر الطويل أنه صلى في جابر مسجد ذي الحليفة ، ولم يذكر عددا ، ولكن أخرج في " باب التلبية " عن مسلم سالم عن ، قال : { ابن عمر بذي الحليفة ركعتين ، ثم إذا استوت به الناقة قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهل بهؤلاء الكلمات } ، الحديث . وأخرج كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركع أبو داود في " باب وقت الإحرام " عن عن ابن إسحاق خصيف بن عبد الرحمن الجزري عن عن سعيد بن جبير ، قال : { ابن عباس بذي الحليفة ركعتين أوجب في مجلسه ، فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه } ، مختصر . وسيأتي بتمامه في الحديث الذي بعد هذا ، ورواه خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجا ، فلما صلى في مسجده في " المستدرك " وقال : صحيح على شرط الحاكم انتهى . مسلم
، وابن إسحاق وخصيف فيهما مقال ، وأخرجه في " سننه " عن الدارقطني يعقوب بن عطاء عن أبيه عن ، قال : { ابن عباس ذا الحليفة صلى ركعتين ، ثم قعد على بعيره ، فلما استوى على البيداء أحرم بالحج } ، انتهى : اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لبس ثيابه ، فلما أتى ويعقوب بن عطاء ضعفه ، أحمد ، قاله الشيخ في " الإمام " . ويحيى بن معين
الحديث الخامس : روي { } ، قلت : أخرجه أنه عليه السلام لبى في دبر صلاته يعني ركعتي [ ص: 96 ] الإحرام الترمذي ، عن والنسائي عبد السلام بن حرب ثنا خصيف عن عن سعيد بن جبير { ابن عباس }انتهى . أن النبي عليه السلام أهل في دبر الصلاة
وقال في " الإمام " : وعبد السلام بن حرب أخرج له الشيخان في " صحيحيهما " ، وخصيف بن عبد الرحمن الجزري ضعفه بعضهم انتهى قوله : ولو جاز ، ولكن الأول أفضل لما روينا ، قلت : يشير إلى الحديث المذكور ، ولكن أحاديث : أنه لبى بعد ما استوت به راحلته واضح ، فأخرج لبى بعد ما استوت به راحلته ، البخاري عن ومسلم عن نافع { ابن عمر } ، وفي لفظ لهما عن أن النبي عليه السلام أهل حين استوت به راحلته قائمة سالم عنه : قال : { ذا الحليفة }مختصر ، وفي لفظ ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد يعني : قال : { لمسلم ذي الحليفة }انتهى . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وضع رجله في الغرز وانبعثت به راحلته قائمة أهل من
وفي لفظ عن لمسلم عبيد بن جريج عن ، قال : { ابن عمر } ، مختصر . وأخرجه لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث به راحلته عن البخاري عن محمد بن المنكدر ، قال : { أنس بن مالك بالمدينة أربعا ، وبذي الحليفة ركعتين ، ثم بات حتى أصبح ، فلما ركب راحلته واستوت به أهل }انتهى . صلى النبي عليه السلام
وأخرج أيضا عن عن عطاء أن { جابر ذي الحليفة حين استوت به راحلته }انتهى ، وأخرج إهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عن مسلم ، وفيه : { ابن عباس } ، مختصر . وفي سنن ثم ركب راحلته ، فلما استوت به على البيداء أهل بالحج أبي داود ما يجمع بين هذه الأحاديث ، وحديث : أهل في دبر صلاته أخرجه عن عن ابن إسحاق خصيف عن ، قال : قلت سعيد بن جبير : عجبت لاختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في إهلاله حين أوجب ، فقال : إني لأعلم الناس بذلك ، إنها إنما كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة واحدة ، فمن هناك اختلفوا ، خرج رسول [ ص: 97 ] الله صلى الله عليه وسلم حاجا ، فلما صلى في مسجده لعبد الله بن عباس بذي الحليفة ركعتيه أوجب في مجلسه ، فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه ، فسمع ذلك منه أقوام ، فحفظته عنه ، ثم ركب ، فلما استقلت به ناقته أهل ، وأدرك هذا أقوام ، وذلك أن الناس إنما كانوا يأتون أرسالا ، فسمعوه حين استقلت به ناقته يهل ، فقالوا : إنما أهل حين استقلت به ناقته ، ثم مضى عليه السلام ، فلما علا شرف البيداء أهل ، وأدرك ذلك أقوام ، فقالوا : إنما أهل حين علا على شرف البيداء ، وأيم الله لقد أوجب في مصلاه ، وأهل حين استقلت به ناقته ، وأهل حين علا على شرف البيداء ، فمن أخذ بقول ، أهل في مصلاه إذا فرغ من ركعتيه انتهى . ابن عباس
ورواه في " المستدرك " ، وقال : صحيح على شرط الحاكم ، مسلم فيه مقال ، وكذلك وابن إسحاق خصيف ، قال في " كتاب الضعفاء " : كان فقيها صالحا ، إلا أنه كان يخطئ كثيرا ، والإنصاف فيه قبول ما وافق فيه الأثبات ، وترك ما لم يتابع عليه ، وأنا أستخير الله في إدخاله في الثقات ، وكذلك احتج به جماعة من أئمتنا ، وتركه آخرون انتهى . ابن حبان