الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ومن وجب عليه حد لله تعالى سوى ذلك ، فتاب قبل إقامته ، لم يسقط عنه ، وعنه : أنه يسقط بمجرد التوبة قبل إصلاح العمل ، ومن مات وعليه حد سقط عنه .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( ومن وجب عليه حد لله تعالى سوى ذلك ) كالزنا ، والسرقة ، وشرب الخمر ( فتاب قبل إقامته لم يسقط عنه ) ذكره أبو بكر المذهب ، وقاله أكثر العلماء : لعموم آية الزنا ، والسارق ، ولأنه - عليه السلام - رجم ماعزا ، والغامدية ، وقد جاءا تائبين ، ولأن الحد كفارة فلم يسقط بالتوبة ، ككفارة اليمين ، ولأنه مقدور عليه كالمحارب بعد القدرة عليه ( وعنه : أنه يسقط بمجرد التوبة ) نصره القاضي في " الخلاف " وصححه ، وقدمه في " المحرر " و " الفروع " ، وقال : اختاره الأكثر ، وجزم به في " الوجيز " لقوله تعالى : فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما ] النساء : 16 [ [ ص: 153 ] ولقوله : فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه ] المائدة : 39 [ وفي الخبر : التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، ولأنه خالص حق الله تعالى فسقط بالتوبة كحد المحارب ( قبل إصلاح العمل ) ، وكذا في " الوجيز " ، لأن الله تعالى علق الحكم على شرطين ، وأجاب القاضي بأن هذا على طريق التأكيد ، والمبالغة ، لقوله تعالى : والذين لا يدعون مع الله إلها آخر الآيات ] الفرقان : 68 ، [ ومعلوم أنه لا يعتبر صلاح العمل في توبة المشرك ، قال القاضي : لا يعتبر صلاح العمل ، وهو ظاهر كلام أحمد في رواية الميموني ، وأبي الحارث ، لأنها توبة مسقطة للحد أشبهت توبة المحارب قبل القدرة عليه كالإسلام ، فعلى هذا فلا بد من مضي مدة قبل ثبوته ، وقيل : قبل القدرة ، وقيل : قبل إقامته ، وفي بحث القاضي التفرقة بين علم الإمام بهم أو لا ، واختار الشيخ تقي الدين : ولو في الحد لا يكمل ، وإن هربه فيه توبة ، وعنه إن ثبت الحد بنفيه لم يسقط ، ذكرها ابن حامد وغيره ، وعليهما يسقط في حق محارب تاب قبل القدرة عليه ، ويحتمل لا ، كما قبل المحاربة ، وفي " المحرر " و " الوجيز " : لا يسقط بإسلام ذمي ، ومستأمن ، نص عليه ، وذكره ابن أبي موسى في ذمي ، ونقله فيه أبو داود ، وظاهر كلام جماعة : أن فيه الخلاف ( ومن مات وعليه حد سقط عنه ) لفوات محله ، كما يسقط غسل ما ذهب من أعضاء الطهارة .

                                                                                                                          تذنيب : إذا وجد رجلا يزني مع امرأته فقتله ، فلا قود ولا دية . رواه سعيد ، عن هشيم ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، عن عمر ، فإن ادعى ذلك لم يقبل في الحكم إلا ببينة ، وهي شاهدان في رواية اختارها أبو بكر ، وأربعة لقول علي ، [ ص: 154 ] وإن كانت مكرهة ضمنها وأثم ، وإن كانت مطاوعة ، فلا .

                                                                                                                          فائدة : من عرف بأذى الناس وأموالهم فإن لم ينزجر حبس ، وأطعم من بيت المال حتى يموت ، وكذا من ابتدع ببدعة وحمل الناس عليها حبس حتى يكف المسلمين عن بدعته ، نص عليه .




                                                                                                                          الخدمات العلمية