الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          باب ، القطع في السرقة ولا يجب إلا بسبعة أشياء ، أحدها : السرقة ، وهي : أخذ المال على وجه الاختفاء ، ولا قطع على منتهب ، ولا مختلس ، ولا غاصب ، ولا خائن ، ولا جاحد وديعة ، ولا عارية ، وعنه : يقطع جاحد العارية ، ويقطع الطرار ، وهو : الذي يبط الجيب ، وغيره ، ويأخذ منه ، وعنه : لا يقطع .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          باب ، القطع في السرقة .

                                                                                                                          وهو ثابت بالإجماع ، وسنده قوله تعالى : والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ] المائدة : 38 [ ولقوله عليه السلام في حديث عائشة : تقطع اليد في ربع دينار إلى غيره من النصوص ( ولا يجب ) القطع ( إلا بسبعة أشياء ) يأتي حكمها .

                                                                                                                          ( أحدها : السرقة ) لأن الله تعالى أوجب القطع على السارق ، فإذا لم توجد السرقة لم يكن الفاعل سارقا ( وهي : أخذ المال ) أي : المحترم ( على وجه الاختفاء ) هذا بيان لمعنى السرقة ، ومنه استراق السمع ، ومسارقة النظر ، إذا كان يستخفي بذلك ، وشرطه أن يكون عالما به ، وبتحريمه من مالكه ، أو نائبه ، نص عليه ، وفي الانتصار : ولو بكونه في يده ، ولم يعلم أنه ملكه ، والأصح : ولو من غلة وقف ، وليس من مستحقه ، وهو مكلف مختار ، وعنه : أو مكره ( ولا قطع على منتهب ) لما روى جابر مرفوعا ، قال : ليس على المنتهب قطع . رواه أبو داود ، ( ولا مختلس ، ولا غاصب ، ولا خائن ) لقوله عليه السلام : ليس على الخائن والمختلس قطع . رواه أبو داود ، والترمذي ، وقال : لم يسمعه ابن جريج من أبي الزبير ، ولأن [ ص: 115 ] الاختلاس نوع من النهب ، وإذا لم يجب على الخائن ، والمختلس فالغاصب أولى ، وقال إياس بن معاوية : يقطع ، لأنه يستخفي بأخذه ، فيكون سارقا ، والمنقول عن علماء الأمصار خلافه ، لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ليس على خائن ، ولا منتهب ، ولا مختلس قطع . رواه أحمد ، والنسائي ، والترمذي ، وصححه ، والدارقطني ، وإسناده ثقات . قال أبو داود : بلغني عن أحمد بن حنبل أن ابن جريج إنما سمعه من ياسين الزيات ( ولا جاحد وديعة ) وفاقا لعموم قوله : لا قطع على خائن لأنه ليس بسارق ( ولا عارية ) ، ولا غيرها من الأمانات بغير خلاف نعلمه ( وعنه : يقطع جاحد العارية ) نص عليه في رواية صالح ، وعبد الله ، والكوسج ، والخوارزمي ، وأبي طالب ، وابن منصور ، وجزم بها ابن هبيرة ، وصاحب الوجيز ، ونصرها القاضي في الخلاف ، لما روت عائشة أن امرأة كانت تستعير المتاع وتجحده ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها . رواه مسلم . قال أحمد : لا أعرف شيئا يدفعه ، وقال في رواية الميموني : هو حكم من النبي صلى الله عليه وسلم ليس يدفعه شيء ، والأولى أصح ، والمرأة إنما قطعت يدها لسرقتها ، لا لجحودها ، بدليل قوله عليه السلام : إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، والذي نفسي بيده ، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها . وإنما عرفتها عائشة بجحدها العارية ، لشهرتها بذلك ، وفيما ذكرناه موافقة لظاهر الأحاديث ، والقياس ، وفقهاء الأمصار ، فيكون أولى ( ويقطع الطرار ، وهو : الذي يبط الجيب ، وغيره ، ويأخذ منه ) هذا هو الأشهر ، وجزم به في الوجيز ، وقدمه أكثر الأصحاب ، لأنه أخذ مال غيره [ ص: 116 ] على وجه الاختفاء ، أشبه السارق ، وسواء بط ما أخذ منه ، أو قطعه ، فأخذه ، فعلى هذا : لو بط جيبه ، فسقط منه نصاب ، فأخذه قطع ، نص عليه ( وعنه : لا يقطع ) لأنه لا يسمى سارقا كالمختلس .




                                                                                                                          الخدمات العلمية