الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل : الخامس : نذر التبرر ، كنذر الصيام ، والصلاة ، والصدقة ، والاعتكاف ، والحج ، والعمرة ، ونحوها من التقرب على وجه القربة ، سواء نذره مطلقا ، أو علقه بشرط يرجوه ، فقال : إن شفى الله مريضي أو سلم مالي ، فلله علي كذا ، فمتى وجد شرطه انعقد نذره ، ولزمه فعله .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          ( الخامس : نذر التبرر ) وهو التقرب ، يقال : تبرر تبررا ، أي : تقرب تقربا ( كنذر الصيام ، والصلاة ، والصدقة ، والاعتكاف ، والحج ، والعمرة ، ونحوها من التقرب على وجه القربة ) كعيادة مريض ونحوه ( سواء نذره مطلقا ، أو علقه بشرط يرجوه ) لشموله لهما ( فقال : إن شفى الله مريضي ، أو سلم مالي ، فلله علي كذا ، فمتى وجد شرطه انعقد نذره ، ولزمه فعله ) أقول نذر التبرر ، وهو نذر المستحب ، يتنوع أنواعا ، منها : ما إذا كان في مقابلة نعمة استجلبها ، أو نقمة استدفعها ، وتكون الطاعة الملتزمة مما له أصل في الشرع ، فلهذا يلزم الوفاء به إجماعا ، وكذا إن لم يكن كذلك كطلوع الشمس ، وقدوم الحاج ، قاله في المستوعب ، أو فعلت كذا لدلالة الحال ، ذكره ابن عقيل ، ونص أحمد في : إن قدم فلان تصدقت بكذا وكذا ، قال الشيخ تقي الدين فيمن قال : إن قدم فلان أصوم كذا : هذا نذر يجب الوفاء به مع القدرة ، ولا أعلم فيه نزاعا ، وقول القائل : لإن ابتلاني الله لأصبرن ، ولإن لقيت عدو الله لأجاهدن ، نذر معلق بشرط ، كقول الآخر : لئن آتانا من فضله الآية ] التوبة : 75 [ ومنها التزام طاعة من غير شرط ، كقوله ابتداء : لله علي صوم كذا ، فيلزم الوفاء [ ص: 333 ] به في قول أكثرهم ، وقال بعض العلماء : لا يلزم الوفاء به ، لقول أبي عمرو غلام ثعلب : النذر عند العرب وعد بشرط ، لأن ما التزمه الآدمي بعوض يلزمه كالبيع ، وما التزمه بغير عوض فلا يلزمه بمجرد العقد كالهبة ، ومنها نذر طاعة لا أصل لها في الوجوب ، كالاعتكاف وعيادة المريض ، فيلزم الوفاء به في قول العامة ، لقوله : من نذر أن يطيع الله فليطعه ولأنه تعالى ذم الذين ينذرون ولا يوفون ، ولأنه التزام على وجه القربة ، فلزمه لموضع الإجماع ، وكالعمرة فإنهم سلموها واجبة عندهم ، وما حكوه عن أبي عمرو لا يصح ، فإن العرب تسمي الملتزم نذرا ، وإن لم يكن بشرط ، والجعالة وعد بشرط ، وليست بنذر .

                                                                                                                          مسائل : إذا نذر الحج العام ، وعليه حجة الإسلام ، فعنه : يجزئه الحج عنهما ، وعنه : تلزمه حجة أخرى ، أصلهما : إذا نذر صوم يوم ، فوافق يوما من رمضان ، وإذا نذر صياما ، ولم ينو عددا ، أجزأه صوم يوم بلا خلاف ، وينويه ليلا ، اقتصر عليه في المحرر ، وصححه في الرعاية ، وإذا نذر صلاة مطلقة لزمه ركعتان على المذهب ، لأن الركعة لا تجزئ في فرض ، وعنه : تجزئه ركعة بناء على التنفل بها ، فدل أن في لزومها قائما الخلاف . وإن نذرها قائما لم تجز جالسا ، ولو عكس جاز ، فإن صلى جالسا لعجز كفى ، ذكره ابن عقيل ، هي بموضع غصب مع الصحة ، وله الصلاة قائما من نذر جالسا ، ويتوجه وجه ، كشرط تفريق صوم ، وفي النوادر : لو نذر أربعا بتسليمتين ، أو أطلق لم يجب ، ويتوجه عكسه إن عين ، لأنه أفضل ، والمنصوص لو حلف [ ص: 334 ] يقصد التقرب ، بأن قال : والله لإن سلم مالي لأتصدقن بكذا ، فوجد شرطه ، لزمه فعله ، ويجوز فعله قبله ، ذكره في التبصرة والفنون ، لوجود أحد سببيه ، ومنعه أبو الخطاب ، لأن تعليقه منع كونه سببا




                                                                                                                          الخدمات العلمية