الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ المسألة الثانية ]

[ انتهاء وقت الذبح ]

وأما آخر زمان الذبح فإن مالكا قال : آخره : اليوم الثالث من أيام النحر ، وذلك مغيب الشمس . فالذبح عنده هو في الأيام المعلومات : يوم النحر ، ويومان بعده ، وبه قال أبو حنيفة وأحمد وجماعة . وقال الشافعي والأوزاعي : الأضحى أربعة أيام : يوم النحر وثلاثة أيام بعده . وروي عن جماعة أنهم قالوا : الأضحى يوم واحد ، وهو يوم النحر خاصة . وقد قيل : الذبح إلى آخر يوم من ذي الحجة ، وهو شاذ لا دليل عليه . وكل هذه الأقاويل مروية عن السلف .

وسبب اختلافهم شيئان :

أحدهما : اختلافهم في الأيام المعلومات ما هي في قوله تعالى : ( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) ؟ فقيل : يوم النحر ويومان بعده وهو المشهور ، وقيل : العشر الأول من ذي الحجة .

[ ص: 359 ] والسبب الثاني : معارضة دليل الخطاب في هذه الآية لحديث جبير بن مطعم ، وذلك أنه ورد فيه عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : " كل فجاج مكة منحر ، وكل أيام التشريق ذبح " . فمن قال في الأيام المعلومات : إنها يوم النحر ويومان بعده في هذه الآية ; ورجح دليل الخطاب فيها على الحديث المذكور قال " لا نحر إلا في هذه الأيام " . ومن رأى الجمع بين الحديث والآية وقال لا معارضة بينهما إذ الحديث اقتضى حكما زائدا على ما في الآية ، مع أن الآية ليس المقصود منها تحديد أيام الذبح ; والحديث المقصود منه ذلك قال : يجوز الذبح في اليوم الرابع إذ كان باتفاق من أيام التشريق .

ولا خلاف بينهم أن الأيام المعدودات هي أيام التشريق ، وأنها ثلاثة بعد يوم النحر ، إلا ما روي عن سعيد بن جبير أنه قال : يوم النحر من أيام التشريق . وإنما اختلفوا في الأيام المعلومات على القولين المتقدمين .

وأما من قال : يوم النحر فقط فبناء على أن المعلومات هي العشر الأول . قال : وإذا كان الإجماع قد انعقد أنه لا يجوز الذبح منها إلا في اليوم العاشر ، وهي محل الذبح المنصوص عليها ; فواجب أن يكون الذبح إنما هو يوم النحر فقط .

التالي السابق


الخدمات العلمية