الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ثفر ]

                                                          ثفر : الثفر - بالتحريك - : ثفر الدابة . ابن سيده : الثفر السير الذي في مؤخر السرج ، وثفر البعير والحمار والدابة مثقل ; قال امرؤ القيس :


                                                          لا حميري وفى ولا عدس ولا است عير يحكها ثفره

                                                          وأثفر الدابة : عمل لها ثفرا أو شدها به . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر المستحاضة أن تستثفر وتلجم إذا غلبها سيلان الدم ، وهو أن تشد فرجها بخرقة عريضة أو قطنة تحتشي بها ، وتوثق طرفيها في شيء تشده على وسطها فتمنع سيلان الدم ، وهو مأخوذ من ثفر الدابة الذي يجعل تحت ذنبها ; وفي نسخة : وتوثق طرفيها ثم تربط فوق ذلك رباطا تشد طرفيه إلى حقب تشده كما تشد الثفر تحت ذنب الدابة ; قال : ويحتمل أن يكون مأخوذا من الثفر أريد به فرجها ، وإن كان أصله للسباع ، وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          لا سلم الله على سلامه     زنجية كأنها نعامه
                                                          مثفرة بريشتي حمامه

                                                          [ ص: 25 ] أي كأن أسكتيها قد أثفرتا بريشتي حمامة . والمثفار من الدواب : التي ترمي بسرجها إلى مؤخرها . والاستثفار : أن يدخل الإنسان إزاره بين فخذيه ملويا ثم يخرجه . والرجل يستثفر بإزاره عند الصراع إذا هو لواه على فخذيه ثم أخرجه بين فخذيه فشد طرفيه في حجزته . واستثفر الرجل بثوبه إذا رد طرفه بين رجليه إلى حجزته . واستثفر الكلب إذا أدخل ذنبه بين فخذيه حتى يلزقه ببطنه ، وهو الاستثفار ; قال النابغة :


                                                          تعدو الذئاب على من لا كلاب له     وتتقي مربض المستثفر الحامي

                                                          ومنه حديث ابن الزبير في صفة الجن : فإذا نحن برجال طوال كأنهم الرماح مستثفرين ثيابهم ، قال : هو أن يدخل الرجل ثوبه بين رجليه كما يفعل الكلب بذنبه . والثفر والثفر - بسكون الفاء - أيضا ، لجميع ضروب السباع ولكل ذات مخلب كالحياء للناقة ، وفي المحكم : كالحياء للشاة ; وقيل : هو مسلك القضيب فيها ، واستعاره الأخطل فجعله للبقرة ، فقال :


                                                          جزى الله فيها الأعورين ملامة     وفروة ثفر الثورة المتضاجم

                                                          المتضاجم : المائل ; قال : إنما هو شيء استعاره فأدخله في غير موضعه كقولهم : مشافر الحبش ، وإنما المشفر للإبل ; وفروة : اسم رجل ، ونصب الثفر على البدل منه ، وهو لقبه ، كقولهم عبد الله قفة ، وإنما خفض المتضاجم ، وهو من صفة الثفر على الجوار ، كقولك : جحر ضب خرب ; واستعاره الجعدي أيضا للبرذونة فقال :


                                                          بريذينة بل البراذين ثفرها     وقد شربت من آخر الصيف إبلا

                                                          واستعاره آخر فجعله للنعجة ، فقال :


                                                          وما عمرو إلا نعجة ساجسية     تخزل تحت الكبش والثفر وارد

                                                          ساجسية : منسوبة ، وهي غنم شامية حمر صغار الرءوس ; واستعاره آخر للمرأة فقال :


                                                          نحن بنو عمرة في انتساب     بنت سويد أكرم الضباب
                                                          جاءت بنا من ثفرها المنجاب

                                                          وقيل : الثفر والثفر للبقرة أصل لا مستعار . ورجل مثفر ومثفار : ثناء قبيح ونعت سوء ، وزاد في المحكم : وهو الذي يؤتى .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية