الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب من رأى القراءة إذا لم يجهر الإمام بقراءته

                                                                      828 حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا شعبة ح و حدثنا محمد بن كثير العبدي أخبرنا شعبة المعنى عن قتادة عن زرارة عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر فجاء رجل فقرأ خلفه سبح اسم ربك الأعلى فلما فرغ قال أيكم قرأ قالوا رجل قال قد عرفت أن بعضكم خالجنيها قال أبو داود قال الوليد في حديثه قال شعبة فقلت لقتادة أليس قول سعيد أنصت للقرآن قال ذاك إذا جهر به قال ابن كثير في حديثه قال قلت لقتادة كأنه كرهه قال لو كرهه نهى عنه [ ص: 42 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 42 ] ( عن زرارة ) بضم الزاي المعجمة هو ابن أوفى الحرشي بفتح المهملتين ثم شين معجمة أبو حاجب البصري قاضيها عن عمران بن حصين بن المغيرة بن شعبة وعبد الله بن سلام وأبي هريرة ، وعنه قتادة وعلي بن زيد بن جدعان وأيوب وعوف بن أبي جميلة ، وثقه النسائي وابن سعد ( فجاء رجل فقرأ ) أي جهرا ( قالوا ) أي الصحابة - رضي الله عنهم - ( قال ) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( قد عرفت أن بعضكم خالجنيها ) أي نازعنيها ، ومعنى هذا الكلام الإنكار عليه في جهره أو رفع صوته بحيث أسمع غيره لا عن أصل القراءة ، بل فيه أنهم كانوا يقرءون بالسورة في الصلاة السرية ، وفيه إثبات قراءة السورة في الظهر للإمام والمأموم .

                                                                      قال النووي : وهكذا الحكم عندنا ولنا وجه شاذ ضعيف أنه لا يقرأ المأموم السورة في السرية كما لا يقرؤها في الجهرية ، وهذا غلط لأنه في الجهرية يؤمر بالإنصات وهنا لا يسمع فلا معنى لسكوته من غير استماع ، ولو كان بعيدا عن الإمام لا يسمع قراءته . فالصحيح أنه يقرأ السورة لما ذكرناه . انتهى .

                                                                      وظاهر الأحاديث المنع من قراءة ما عدا الفاتحة من القرآن من غير فرق بين أن يسمع المؤتم الإمام أو لا يسمعه لأن قوله - صلى الله عليه وسلم - : فلا تقرءوا بشيء من القرآن . إذا جهرت يدل على النهي عن القراءة عند مجرد وقوع الجهر من الإمام وليس فيه ولا في غيره ما يشعر باعتبار السماع كذا في النيل .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه مسلم والنسائي ( قال شعبة فقلت لقتادة أليس قول سعيد ) ابن المسيب ( أنصت للقرآن ) ولا تقرأ حال قراءة الإمام . فالإنصات للقرآن على قول سعيد بن المسيب يشتمل للصلاة الجهرية والسرية وفي حديث عمران أن الرجل قرأ في صلاة الظهر خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبح اسم ربك الأعلى ، ففي الظاهر قول سعيد يخالف حديث عمران . هذا معنى قول شعبة ( قال ) قتادة مجيبا لقول شعبة ( ذاك ) أي قول سعيد أنصت للقرآن ( إذا جهر ) الإمام ( به ) أي بالقرآن ، أي مراد سعيد [ ص: 43 ] بن المسيب بهذا القول الإنصات للقرآن في الصلاة الجهرية وقت قراءة الإمام دون فيما يخافت ( وقال ابن كثير في حديثه قال ) شعبة ( قلت لقتادة كأنه ) أي النبي - صلى الله عليه وسلم - ( كرهه ) أي كره النبي - صلى الله عليه وسلم - قراءة الرجل خلفه بسبح اسم ربك الأعلى ( قال ) قتادة ( لو كرهه ) أي كره النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك ( نهى ) النبي - صلى الله عليه وسلم - ( عنه ) عن ذلك الفعل أي القراءة ولم ينه فدل على عدم الكراهة قال البيهقي في المعرفة : وقد روي عن الحجاج بن أرطاة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن عمران بن حصين قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - ينهى عن القراءة خلف الإمام " وفي سؤال شعبة وجواب قتادة في هذه الرواية الصحيحة تكذيب من قلب هذا الحديث وأتى فيه بما لم يأت به الثقات من أصحاب قتادة . انتهى .




                                                                      الخدمات العلمية