الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2095 - مسألة : من قال إن صوم الشهرين في كفارة قتل الخطأ عوض من الدية والعتق إن لم يجد ؟ قال علي : نا محمد بن سعيد بن نبات نا عبد الله بن نصر نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا سحنون نا موسى بن معاوية نا وكيع نا زكريا عن الشعبي قال : سئل مسروق عمن { قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله } إلى قوله تعالى { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين } عن الرقبة وحدها ، أم عن الدية والرقبة قال : من لم يجد فعن الدية والرقبة .

                                                                                                                                                                                          وبه - إلى وكيع نا إسرائيل عن جبر عن عامر قال : من لم يجد فعن الدية والرقبة .

                                                                                                                                                                                          قال علي : ذهب مسروق ، والشعبي هاهنا إلى قوله تعالى { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين } إن صح معناه فمن لم يجد الدية والرقبة ؟ قال علي : ولولا دليل نذكره - إن شاء الله تعالى - لكان القول قولهما ، وذلك لأنه عموم لا يجوز أن يخص إلا بدليل ، لكن لما علمنا أن الدية في قتل الخطأ ليست على القاتل وإنما هي على عاقلته بطل ما قال مسروق ، وعامر ، لأن الدية لا نبالي وجدها القاتل أو لم يجدها - فصح بذلك أن مراد الله تعالى بقوله { فمن لم يجد } إنما هو فيما ينظر فيه إلى وجود المكلف لا فيما لا ينظر فيه إلى وجوده ، وليس ذلك إلا في الرقبة التي هي واجبة عليه في صلب ماله ، فإن لم يجدها فالصيام ، كما أمر الله تعالى .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : وأما من لا عاقلة له فالدية واجبة في ذلك على كل مال لجميع المسلمين ، لأن الله تعالى افترض في قتل الخطأ دية مسلمة إلى أهل المقتول .

                                                                                                                                                                                          وقد قال تعالى { وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به } . [ ص: 164 ] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { رفع عن أمتي الخطأ والنسيان } .

                                                                                                                                                                                          ووجدنا الناس قد اختلفوا : هل دية الخطأ على القاتل المخطئ أم لا ؟ فوجب بقول الله تعالى { وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به } أنه لا يلزمه الدية .

                                                                                                                                                                                          وأيضا - فإن الله تعالى إذ أوجب الدية في ذلك لم يلزمها القاتل ، فلا سبيل إلى إلزامه دية لم يلزمه الله تعالى إياها ، ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا إجماع الأمة ; وقد صح النص ، والإجماع على : إلزامه الكفارة بالعتق ، أو الصيام ، فوقفنا عند النص ، والإجماع في ذلك وألزمنا الدية العاقلة بالنص الوارد في ذلك على ما نذكر في أبواب العاقلة - إن شاء الله تعالى - وألزمناها في كل مال .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية