الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2105 - مسألة : دية الكلب

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : نا أحمد بن عمر نا أبو ذر الهروي نا أحمد بن عبدان الحافظ النيسابوري في داره بالأهواز [ ص: 187 ] نا محمد بن سهل المقرئ نا محمد بن إسماعيل البخاري نا أبو نعيم - هو الفضل بن دكين - قال لي قتيبة : نا هشيم عن يعلى بن عطاء عن إسماعيل - هو ابن جساس - أنه سمع عبد الله بن عمرو : قضى في كلب الصيد أربعين درهما .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن يعلى بن عطاء عن إسماعيل بن جساس قال : كنت عند عبد الله بن عمرو فسأله رجل ما عقل كلب الصيد ؟ قال : أربعون درهما ، قال : فما عقل كلب الغنم ؟ قال شاة من الغنم ، قال : فما عقل كلب الزرع ؟ قال : فرق من الزرع قال : فما عقل كلب الدار ؟ قال : فرق من تراب حق على القاتل أن يؤديه ، وحق على صاحبه أن يقبله ، وهو ينقص من الأجر - وفي الكلب الذي ينبح ، ولا يمنع زرعا ، ولا دارا - إن طلبه صاحبه ؟ ففرق من تراب ، والله إنا لنجد هذا في كتاب الله تعالى ؟ قال أبو محمد : فهذا حكم صاحب لا يعرف له من الصحابة - رضي الله عنه - مخالف إلا في الصائد خاصة لا فيما سواه كما روينا عن عقبة بن عامر قال : قتل رجل في خلافة عثمان كلبا لصيد لا يعرف مثله في الكلاب ، فقوم بثمانمائة درهم ، فألزمه عثمان تلك القيمة .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : وبقي كلب الغنم ، وكلب الزرع ، وكلب الدار ، لا نعرف مخالفا في شيء منه لعبد الله بن عمرو بن العاص ، وهم يعظمون خلاف الصاحب الذي لا يعرف له مخالف من الصحابة ولا سيما مثل هذا ، وهم قد خالفوا هاهنا عبد الله بن عمرو كما ترى بلا مئونة .

                                                                                                                                                                                          وأما نحن فلا حجة عندنا في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وليس في الكلب إلا كلب مثله ، قال تعالى { وجزاء سيئة سيئة مثلها } ، إلا أن يكون أسود ذا نقطتين فلا شيء فيه أصلا ، وقد أحسن من قتله . [ ص: 188 ]

                                                                                                                                                                                          وكذلك إن كان كلبا لا يغني زرعا ، ولا ضرعا ، ولا صيدا ، فلا شيء فيه أصلا ، لأن هذين ينهى عن اتخاذهما جملة - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية