الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وتنتشر حرمة الرضاع من المرتضع إلى أولاده وأولاد أولاده ، وإن سفلوا فيصيرون أولادا لهما ولا تنتشر إلى من في درجته من إخوته وأخواته ولا من هو أعلى منه من آبائه وأمهاته وأعمامه وعماته وأخواله وخالاته ، فلا تحرم المرضعة على أبي المرتضع ، ولا أخيه ولا أم المرتضع ، ولا أخته على أبيه من الرضاع ، ولا أخيه ، وإن أرضعت بلبن ولدها من الزنا طفلا صار ولدا لها وتحرم على الزاني تحريم المصاهرة ولم تثبت حرمة الرضاع في حقه في ظاهر قول الخرقي . وقال أبو بكر : تثبت . قال أبو الخطاب : وكذلك الولد المنفي باللعان . ويحتمل ألا يثبت حكم الرضاع في حق الملاعن بحال ; لأنه ليس بلبنه حقيقة ، ولا حكما .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وتنتشر حرمة الرضاع من المرتضع إلى أولاده وأولاد [ ص: 162 ] أولاده ، وإن سفلوا فيصيرون أولادا لهما ) لأن الرضاع كالنسب ، والتحريم في النسب يشمل ولد الولد ، وإن سفل ، فكذا في الرضاع ( ولا تنتشر إلى من في درجته ) أي : المرتضع ( من إخوته وأخواته ) لأنها لا تنتشر في النسب ، فكذا في الرضاع ( ولا من هو أعلى منه من آبائه وأمهاته وأعمامه وعماته وأخواله وخالاته ) لأن الحرمة إذا لم تنتشر إلى من هو في الدرجة فلأن لا تنتشر إلى من هو أعلى منه بطريق الأولى . ( فلا تحرم المرضعة على أبي المرتضع ، ولا أخيه ولا أم المرتضع ، ولا أخته على أبيه من الرضاع ، ولا أخيه ) فيجوز للمرضعة نكاح أبي الطفل المرتضع وأخيه وعمه وخاله ، ولا يحرم على زوج المرضعة نكاح أم الطفل المرتضع ، ولا أخته ، ولا عمته ، ولا خالته ، ولا بأس أن يتزوج أولاد المرضعة وأولاد زوجها إخوة الطفل المرتضع وأخواته ، قال أحمد : لا بأس أن يتزوج الرجل أخت أخيه من الرضاع ليس بينهما رضاع ، ولا نسب ، وإنما الرضاع بين الجارية وأخيه ، وفي " الروضة " لو ارتضع ذكر وأنثى من امرأة صارت أما لهما ، فلا يجوز لأحدهما أن يتزوج بالآخر ، ولا بأخواته الحادثات بعده ، ولا بأس بتزويج أخواته الحادثات قبله ، ولكل منهما أن يتزوج أخت الآخر ( وإن أرضعت بلبن ولدها من الزنا طفلا صار ولدا لها ) لأنه رضع من لبنها حقيقة ( وتحرم على الزاني تحريم المصاهرة ) جزم به في " الوجيز " ; لأنه ولد موطوءته من الوطء الحرام ، وهو كالحلال ( ولم تثبت حرمة الرضاع في حقه في ظاهر قول الخرقي ) واختاره ابن حامد ; لأن من شرط ثبوت المحرمية بين المرتضع وبين الرجل [ ص: 163 ] الذي ثاب اللبن بوطئه أن يكون لبن حمل ينسب إلى الواطئ ، فأما ولد الزنا ونحوه ، فلا ( وقال أبو بكر : تثبت ) أي : تنشر الحرمة بينهما ، أي : بينه وبين الواطئ ; لأنه معنى " ينشر الحرمة " فاستوى مباحه ومحظوره كالوطء ، ولأنه رضاع ينشر الحرمة إلى المرضعة ، فنشرها إلى الواطئ كصورة الإجماع ، وفي مسائل صالح حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن عمرو ، عن أبي الشعثاء ، عن عكرمة في رجل فجر بامرأة فرآها ترضع جارية هل تحل له أم لا ؛ قال : لا ، قال أبي : وبهذا أقول أنا ، والأول أولى ويفرق بينهما وبين ابنته من الزنا ، فإنها من نطفته حقيقة ويفارق تحريم المصاهرة ، فإن التحريم لا يقف على ثبوت النسب ، ولهذا تحرم أم زوجته وابنتها من غير نسب ، وتحريم الرضاع مبني على النسب بقوله - عليه السلام - يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ( قال أبو الخطاب : وكذلك الولد المنفي باللعان ) هذا هو المذهب ، أي : حكمه حكم ولد الزنا لاشتراكهما في ارتضاعهما لبن امرأة الرجل وعدم ثبوت نسبهما منه ، فيكون فيه الخلاف السابق ( ويحتمل ألا يثبت حكم الرضاع في حق الملاعن بحال ; لأنه ليس بلبنه حقيقة ، ولا حكما ) بخلاف ولد الزنا ; لأن الولد من الزاني حقيقة ، فكان اللبن منه ، واللبن لم يثبت من الملاعن حقيقة ، ولا حكما ، فعلى الأول إن أرضعت أنثى حرمت عليهما بالصهرية ; لأنها بنت موطوءة الزاني وربيبة الملاعن ، وإن أرضعت ذكرا حرم عليه بنتاهما وأولادهما وتحرم بنته وبنتها عليهما ، وقيل : لا




                                                                                                                          الخدمات العلمية