الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( علق ) العتاق أو الطلاق ولو ( الثلاث بشيئين [ ص: 364 ] حقيقة بتكرر الشرط أو لا ) كإن جاء زيد وبكر فأنت كذا ( يقع ) المعلق ( إن وجد ) الشرط ( الثاني في الملك وإلا لا ) لاشتراط الملك حالة الحنث والمسألة رباعية [ ص: 365 ] ( علق الثلاث أو العتق ) لأمته ( بالوطء ) حنث بالتقاء الختانين و ( لم يجب ) عليه ( العقر ) في المسألتين ( باللبث ) بعد الإيلاج لأن اللبث ليس بوطء ( و ) لذا ( لم يصر به مراجعا في ) الطلاق ( الرجعي إلا إذا أخرج ثم أولج ثانيا ) حقيقة أو حكما بأن حرك نفسه فيصير مراجعا بالحركة الثانية ، ويجب العقر لا الحد لاتحاد المجلس .

[ ص: 364 ]

التالي السابق


[ ص: 364 ] مطلب فيما لو تكرر الشرط بعطف أو بدونه

( قوله بتكرر الشرط ) وذلك بأن عطف شرطا على آخر وأخر الجزاء ، نحو : إذا قدم فلان وإذا قدم فلان فأنت طالق فإنه لا يقع حتى يقدما لأنه عطف شرطا محضا على شرط لا حكم له ثم ذكر الجزاء ، فيتعلق بهما فصارا شرطا واحدا فلا يقع إلا بوجودهما ، فإن نوى الوقوع بأحدهما صحت نيته بتقديم الجزاء على أحدهما وفيه تغليظ .

أو بأن كرر أداة الشرط بغير عطف كإن أكلت إن لبست فأنت طالق لا تطلق ما لم تلبس ثم تأكل وتقدم المؤخر ، والتقديم إن لبست ، فإن أكلت فأنت طالق وكذا كل امرأة أتزوجها إن كلمت فلانا فهي طالق يقدم المؤخر ، فيصير التقدير ، إن كلمت فلانا فكل امرأة أتزوجها طالق . وعلى هذا إذا قال : إن أعطيتك إن وعدتك إن سألتني فأنت طالق لا تطلق حتى تسأله أولا ثم يعدها ثم يعطيها لأنه شرط في العطية الوعد وفي الوعد السؤال ، فكأنه قال : إن سألتني إن وعدتك إن أعطيتك كذا في الفتح : وهذا إذا لم يكن الشرط الثاني مترتبا على الأول عادة وكان الجزاء متأخرا عن الشرطين أو متقدما عليهما وإلا كان كل شرط في موضعه ، كإن أكلت إن شربت فأنت حر ، حتى إذا شرب ثم أكل لم يعتق ، وكذا إن دعوتني إن أجبتك أو إن ركبت الدابة إن أتيتني يقر كل شرط في موضعه لأنهما إذا كانا مرتبين عرفا أضمرت كلمة ثم ، وكذا إن توسط الجزاء بين الشرطين يقر كل شرط في موضعه لأنه تخلل الجزاء بين الشرطين بحرف الوصل وهو الفاء ، فيكون الأول شرطا لانعقاد اليمين ، والثاني شرط الحنث كإن دخلت الدار فأنت طالق إن كلمت فلانا ويشترط قيام الملك عند الشرط الأول لأنه جعل شرط انعقاد اليمين كأنه قال عند الدخول إن كلمت فلانا فأنت طالق واليمين لا تنعقد إلا في الملك أو مضافة إليه ، فإن كانت في ملكه عند دخول الدار صحت اليمين المتعلقة بالكلام فإذا كلمت يقع وإلا بإن دخلت بعد الطلاق والعدة لم يصح وإن كلمت وإذا دخلت الدار في العدة وكلمت فيها طلقت .

مطلب لو تكررت أداة الشرط بلا عطف فهو على التقديم والتأخير

والحاصل أنه إذا كرر أداة الشرط بلا عطف توقف الوقوع على وجودهما ، لكن إن قدم الجزاء عليهما أو أخره فالملك يشترط عند آخرهما وهو الملفوظ به أولا على التقديم والتأخير ، وإن وسطه فلا بد من الملك عندهما وإن كان بالعطف توقف على أحدهما قدم الجزاء أو وسطه ، فإن أخره توقف عليهما ، وإن لم يكرر أداة الشرط فلا بد من وجود الشيئين قدم الجزاء عليهما أو أخره بحر ملخصا ، وتمامه فيه ( قوله أو لا ) عطف على حقيقة .

قال في البحر : وأما الثاني أعني ما ليسا شرطين حقيقة ، وهو أن يكون فعلا متعلقا بشيئين من حيث هو متعلق بهما نحو : إن دخلت هذه الدار وهذه ، أو إن كلمت أبا عمرو وأبا يوسف فكذا فإنهما شرط واحد إلا أن ينوي الوقوع بأحدهما فاشترط للوقوع قيام الملك عند آخرهما ، وكذا إذا كان فعلا قائما باثنين من حيث هو قائم بهما نحو : إن جاء زيد وعمرو فكذا فإن الشرط مجيئهما ا هـ ( قوله إن وجد الشرط الثاني في الملك ) احتراز عن الشرط الأول فإنه على التفصيل كما علمت . وأما أصل التعليق فشرط صحته الملك أو الإضافة إليه كما مر أول الباب فالكلام فيما بعد صحة التعليق ( قوله والمسألة رباعية ) لأنهما إما أن يوجدا في الملك أو خارجه أو الأول فقط في الملك أو العكس [ ص: 365 ]

فإن كان الثاني في الملك وقع الطلاق سواء كان الأول في الملك أو لا ، وإن كان الثاني خارج الملك لا يقع سواء كان الأول في الملك أو لا . ا هـ . ح . ففي قوله إذا جاء زيد وبكر فأنت طالق إذا جاءا معا وهي في ملكه أو طلقها وانقضت عدتها فجاء زيد ثم تزوجها فجاء عمرو طلقت ، وإن جاء بعد العدة قبل التزوج أو جاء زيد في العدة وعمرو بعدها قبل التزوج لا تطلق ( قوله ولم يجب عليه العقر ) أشار بنفي العقر فقط إلى ثبوت الحرمة باللبث فإن الواجب عليه النزع للحال . والعقر : بالضم مهر المرأة إذا وطئت بشبهة وبالفتح : الجرح كما في الصحاح بحر وقد مر الكلام عليه في باب المهر .

( قوله باللبث ) بفتح اللام وسكون الباء : المكث ، من لبث كسمع ، وهو نادر لأن المصدر من فعل بالكسر قياسه التحريك إذا لم يتعد بحر عن القاموس ( قوله لأن اللبث ليس بوطء ) لأن الوطء أي الجماع إدخال الفرج في الفرج وليس له دوام حتى يكون لدوامه حكم ابتدائه ، كمن حلف لا يدخل هذه الدار وهو فيها لا يحنث باللبث بحر ( قوله لم يصر به مراجعا ) أي عند محمد لأنه فعل واحد فليس لآخره حكم فعل على حدة وقال أبو يوسف يصير مراجعا لوجود المس بشهوة وهو القياس نهر . قال في البحر : وجزم المصنف بقول محمد دليل على أنه المختار ، وقيل ينبغي أن يصير مراجعا عند الكل لوجود المساس بشهوة ، كذا في المعراج . وينبغي تصحيح قول أبي يوسف لظهور دليله . ا هـ . ( قوله في الطلاق الرجعي ) أي فيما إذا كان المعلق على الوطء طلاقا رجعيا ( قوله حقيقة أو حكما إلخ ) لا يصح جعله تعميما لقوله ثم أولج ثانيا بعد قوله إذا أخرج لأنه بعد الإخراج لا يمكنه تحريك نفسه إلا بعد إيلاج ثان حقيقة فيصير مراجعا بالإيلاج الثاني لا بالتحريك ، فيتعين جعله تعميما لمجموع قوله أخرج ثم أولج ، وعلى كل فقوله فيصير مراجعا بالحركة الثانية لا وجه لتقييدها بالثانية إلا أن تصور المسألة بما إذا أولج فقال إن جامعتك فأنت طالق فإنه كما قال في البحر : إذا لم ينزع ولم يتحرك حتى أنزل لا تطلق ، فإن حرك نفسه طلقت ويصير مراجعا بالحركة الثانية ( قوله ويجب العقر ) أي فيما إذا علق الثلاث أو عتق الأمة ط لأن البضع المحترم لا يخلو عن عقد أو عقر بحر ( قوله لاتحاد المجلس ) أي لا يجب الحد بالإيلاج ثانيا وإن كان جماعا ، لما فيه من شبهة أنه جماع واحد بالنظر إلى اتحاد المقصود وهو قضاء الشهوة في المجلس الواحد ، وقد كان أوله غير موجب للحد فلا يكون آخره موجبا له وإن قال ظننت أنها علي حرام .

وبهذا اندفع ما يقال : إنه ينبغي أن يجب الحد في العتق لأنه وطء لا في ملك ولا في شبهته وهي العدة ، بخلاف الطلاق لوجود العدة ، أفاده في المعراج ، لكن روي عن محمد : لو زنى بامرأة ثم تزوجها في تلك الحالة ، فإن لبث على ذلك ولم ينزع وجب مهران : مهر بالوطء أي لسقوط الحد بالعقد ، ومهر بالعقد وإن لم يستأنف الإدخال لأن دوامه على ذلك فوق الخلوة بعد العقد . قال في النهر : وهذا يشكل على ما مر ، إذ قد جعل لآخر هذا الفعل الواحد حكما على حدة ا هـ وأجاب ح تبعا للحموي بأن هذا مروي عن محمد وذاك قوله فلا تنافي .

واعترضه ط بما في البحر عقب هذه المسألة من أن تخصيص الرواية بمحمد لا يدل على خلاف بل لأنها رويت عنه دون غيره ا هـ فتأمل .

قلت : والجواب الحاسم للإشكال من أصله أن اعتبار آخر الفعل هنا من جهة كونه لخلوة مقررة للمهر بل فوقها [ ص: 366 ] لا من جهة كونه وطئا ، ولا يمكن اعتبار ذلك في إيجاب الحد وثبوت الرجعة لأن الخلوة لا توجب ذلك فافهم




الخدمات العلمية