الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وما يحمله كل واحد من العاقلة غير مقدر ، ولكن يرجع فيه إلى اجتهاد الحاكم ، فيحمل كل إنسان منهم ما يسهل ولا يشق ، وقال أبو بكر : يجعل على الموسر نصف دينار ، وعلى المتوسط ربعا ، وهل يتكرر ذلك في الأحوال الثلاثة أو لا ؛ على وجهين ، ويبدأ بالأقرب فالأقرب ، فمتى اتسعت أموال الأقربين لها ، لم يتجاوزهم ، وإلا انتقل إلى من يليهم ، وإن تساوى جماعة في القرب وزع القدر الذي يلزمهم بينهم .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وما يحمله كل واحد من العاقلة غير مقدر ) لأن التقدير من الشرع ، ولم يرد به ( ولكن يرجع فيه إلى اجتهاد الحاكم ) لأنه لا نص فيه ، فوجب الرجوع في تقديره إلى اجتهاد الحاكم كتقدير النفقات ( فيحمل كل إنسان منهم ما يسهل ولا يشق ) نص عليه لأن التحمل على سبيل المواساة للقاتل والتخفيف عنه ، ولا [ ص: 24 ] يخفف عن الجاني ما يثقل على غيره ويجحف به كالزكاة ، ولأن الإجحاف لو كان مشروعا كان الجاني أحق به ، فإذا لم يشرع في حقه فغيره أولى ( وقال أبو بكر : يجعل على الموسر ) وهو مالك نصاب عند حلول الحول فاضلا عنه كحج وكفارة ظهار ( نصف دينار ) لأنه أقل ما يتقدر في الزكاة ( وعلى المتوسط ربعا ) قوله رواية عن أحمد ، لأن ما دون ذلك تافه لا تقطع اليد فيه ( وهل يتكرر ذلك في الأحوال الثلاثة أو لا ؛ على وجهين ) كذا في المحرر والفروع ، أحدهما : يتكرر ، لأنه حق يتعلق بالحول على سبيل المواساة ، فيتكرر بتكرار الحول كالزكاة ، والثاني : لا ، إلى إيجاب أكثر من أقل الزكاة ، فيكون مضرا ، فعلى الأول يجب على الموسر دينار ونصف ، وعلى المتوسط ثلاثة أرباع لتكرره ، وعلى الثاني نصف على الموسر وربع على المتوسط ، لأنه لا يتكرر ( ويبدأ بالأقرب فالأقرب ) كالميراث سواء ( فمتى اتسعت أموال الأقربين لها ، لم يتجاوزهم ) لأنه حق يستحق بالتعصيب ، فقدم الأقرب فالأقرب ، ويقدم من يدلي بأبوين على من يدلي بأب في الأشهر كالميراث ، وفي الآخر سواء ، لأنه لا يستفاد بالتعصيب ، وذكر ابن عقيل في مساواة أخ لأبوين روايتين ، وخرج منها مساواة بعيد لقريب ويؤخذ من بعيد لغيبة قريب ، وقيل : يكتب الإمام إلى قاضي بلد الأقرب الغائب ليطالبه بها ( وإلا ) أي : وإن لم تتسع أموال الأقربين لها ( انتقل إلى من يليهم ) لأن الأقربين لم يكونوا موجودين فعلقت الدية بمن يليهم ، وكذا إذا تحمل الأقربون ما وجب عليهم وبقيت بقية ( وإن تساوى جماعة وزع القدر الذي يلزمهم بينهم ) نص عليه ، لأنهم استووا في [ ص: 25 ] القرابة ، فكانوا سواء كما لو قتلوا ، وكالميراث ، وقال ابن حمدان : ويحتمل أن يأخذ الإمام ممن شاء .




                                                                                                                          الخدمات العلمية