الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4603 [ ص: 5 ] باب : خير القرون قرن الصحابة ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم

                                                                                                                              وهو في النووي ، (في الباب المتقدم) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص87 ،88 ج16 المطبعة المصرية (عن زهدم بن مضرب عن عمران بن حصين يحدث ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : "إن خيركم قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم" . -قال عمران : فلا أدري : أقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "بعد قرنه" : مرتين ، أو ثلاثة- "ثم يكون بعدهم قوم يشهدون ، ولا يستشهدون . ويخونون ، ولا يؤتمنون . وينذرون ، ولا يوفون . ويظهر فيهم السمن" ) .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عمران بن حصين رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : "إن خيركم قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم") .

                                                                                                                              "القرن" بفتح القاف : أهل زمان واحد متقارب ، اشتركوا في أمر من الأمور المقصودة . ويطلق على "مدة من الزمان" . واختلف في تحديده ؛

                                                                                                                              ذكر الحربي الاختلاف في قدره بالسنين : من عشر سنين ، إلى مائة [ ص: 6 ] وعشرين . ثم قال : وليس منه شيء واضح . ورأى أن القرن : "كل أمة هلكت ، فلم يبق منها أحد" .

                                                                                                                              وقال الحسن ، وغيره ؛ "القرن" : عشر سنين .

                                                                                                                              وقتادة : "سبعون" .

                                                                                                                              والنخعي : "أربعون" .

                                                                                                                              وزرارة بن أبي أوفى : "مائة وعشرون" .

                                                                                                                              وعبد الملك بن عمير : "مائة" .

                                                                                                                              وقال ابن الأعرابي : هو الوقت .

                                                                                                                              قال عياض : واختلفوا في المراد بالقرن هنا ؛

                                                                                                                              فقال المغيرة : "قرنه" : أصحابه . والذين يلونهم : "أبناؤهم" . والثالث : "أبناء أبنائهم" .

                                                                                                                              وقال شهر : "قرنه" : ما بقيت عين رأته . والثاني : ما بقيت عين رأت من رآه . ثم كذلك .

                                                                                                                              وقال غير واحد : "القرن" : كل طبقة مقترنين في وقت .

                                                                                                                              وقيل : هو لأهل مدة بعث فيها نبي ، طالت مدته أم قصرت .

                                                                                                                              قال النووي : والصحيح أن قرنه صلى الله عليه وآله وسلم : الصحابة . والثاني : التابعون . والثالث : تابعوهم .

                                                                                                                              وقال القسطلاني رحمه الله : المراد بهم هنا : الصحابة ، ثم الذين يقربون منهم "وهم التابعون" . . ثم الذين يلونهم "وهم أتباع التابعين" .

                                                                                                                              [ ص: 7 ] قال : وهذا صريح في أن الصحابة أفضل من التابعين . وأن التابعين : أفضل من تابعي التابعين .

                                                                                                                              قال : وهذا مذهب الجمهور . وذهب ابن عبد البر إلى أنه : قد يكون فيمن يأتي -بعد الصحابة- أفضل ممن كان في جملة الصحابة . وأن قوله صلى الله عليه وآله وسلم : "خير الناس قرني" ليس على عمومه ، بدليل ما يجمع القرن بين الفاضل والمفضول . وقد جمع قرنه صلى الله عليه وآله وسلم : جماعة من المنافقين -المظهرين للإيمان- ، وأهل الكبائر ، الذين أقام عليهم ، أو على بعضهم : الحدود .

                                                                                                                              وقد روى أبو أمامة ، أنه صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : "طوبى لمن رآني ، وآمن بي . وطوبي سبع مرات لمن لم يرني ، وآمن بي" .

                                                                                                                              وفي مسند أبي داود الطيالسي : (عن عمر رضي الله عنه ، قال : كنت جالسا ، عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : "أتدرون : أي الخلق أفضل إيمانا ؟ فقلنا : الملائكة . قال : "وحق لهم . بل غيرهم" قلنا : الأنبياء . قال : "وحق لهم . بل غيرهم" ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم : "أفضل الخلق إيمانا : قوم في أصلاب الرجال ، يؤمنون بي ، ولم يروني . فهم أفضل الخلق إيمانا" .

                                                                                                                              لكن روى أحمد ، والدارمي : بإسناد حسن . وصححه الحاكم : [ ص: 8 ] (قال أبو عبيدة : يا رسول الله ! هل أحد خير منا ؟ أسلمنا معك ، وجاهدنا معك . قال : قوم يكونون من بعدكم ، يؤمنون بي ، ولم يروني") .

                                                                                                                              قال : والحق ما عليه الجمهور ؛ لأن الصحبة لا يعدلها شيء . وحديث "للعامل منهم أجر خمسين منكم" : لا دلالة فيه على أفضلية غير الصحابة ، على الصحابة . لأن مجرد زيادة الأجر : لا يستلزم ثبوت الأفضلية المطلقة . وإسناد حديث أبي داود السابق : ضعيف . فلا حجة فيه . وكلام ابن عبد البر : ليس على إطلاقه في حق جميع الصحابة . فإنه صرح في كلامه : باستثناء أهل بدر ، والحديبية .

                                                                                                                              والذي يظهر : أن "محل النزاع" يتمحض فيمن لم يحصل له ، إلا مجرد المشاهدة . أما من قاتل معه ، أو في زمانه بأمره ، أو أنفق شيئا من ماله بسببه ، أو سبق إليه بالهجرة والنصرة ، وضبط الشرع المتلقى عنه ، وبلغه لمن بعده : فلا يعدله في الفضل أحد بعده ، كائنا من كان .

                                                                                                                              هذا آخر كلام القسطلاني ، في "إرشاد الساري" .

                                                                                                                              ولا شك : أن أحدا ، لا يبلغ أحدا من الصحابة ، في فضيلة الصحبة ، التي هي من أشرف الفضائل ، وأكمل الشمائل ، وأعظم الخصال ، وأكرم الخلال . وأما كثرة الأجور ، ووفرة العلوم ، وشدة الرياضة : فقد يمكن أن يربو على بعضهم ، ويشاركهم في الإيمان ، [ ص: 9 ] ومراتب الإسلام والإحسان . وهذا الفضل الجزئي : لا يستلزم الفضل الكلي على بعضهم ، فضلا عن كلهم .

                                                                                                                              فالذي ذهب إليه الجمهور : هو المذهب المختار المنصور . وفيه : الصون كل الصون ، عن تطرق وهم النقص إلى جنابهم الرفيع ، والحفظ تمام الحفظ عن خيال المفضولية إلى مكانهم المنيع . فمجموعهم : لا شك أفضل من مجموع الأمة المتأخرة ، وإن كانت لها فضائل ، ومكارم ، وأجور كثيرة ، وعلوم ، ومناقب غزيرة . فإنهم هم ، ونحن نحن . وما للذرات والشموس ؟ وقد قيل في المثل السائر : ولا عطر بعد عروس .

                                                                                                                              قال النووي : اتفق العلماء ، على أن خير القرون : قرنه صلى الله عليه وآله وسلم . والمراد : أصحابه . والصحيح الذي عليه الجمهور : أن كل مسلم رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم -ولو ساعة- : فهو من أصحابه . ورواية "خير الناس" : على عمومها . والمراد منه : جملة القرن . ولا يلزم منه : تفضيل الصحابي على الأنبياء ، عليهم السلام . ولا أفراد النساء : على مريم ، وآسية ، وغيرهما . بل المراد : جملة القرن -بالنسبة إلى كل قرن بجملته- والله أعلم .

                                                                                                                              (قال عمران : فلا أدري : أقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم -بعد قرنه- : مرتين ، أو ثلاثا ؟) .

                                                                                                                              وفي حديث عائشة ، عند مسلم ؛ (قال رجل : يا رسول الله ! أي [ ص: 10 ] الناس خير ؟ قال : "القرن الذي أنا فيه . ثم الثاني . ثم الثالث") فلم يشك كأكثر طرق الحديث .

                                                                                                                              وفي رواية عبيدة السلماني ، عن عبد الله يرفعه : "خير أمتي : القرن الذين يلونهم . ثم الذين يلونهم إلخ" . وهذا صريح ، في أن المراد "بقرنه" صلى الله عليه وآله وسلم : هم الصحابة ، لا مدة حياته صلى الله عليه وآله وسلم فقط .

                                                                                                                              وفي أخرى ، عنه ؛ "سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أي الناس خير ؟ قال : قرني . ثم الذين يلونهم . ثم الذين يلونهم" .

                                                                                                                              وفي حديث أبي هريرة ، يرفعه : "خير أمتي : القرن الذين بعثت فيهم . ثم الذين يلونهم" والله أعلم : أذكر الثالث أم لا . إلخ .

                                                                                                                              ورواه عمران بن حصين ، بلفظ : "خير هذه الأمة : القرن الذي بعثت فيهم إلخ" .

                                                                                                                              هذه الروايات ، أخرجها مسلم في صحيحه . وفيها نص على خيرية القرون الثلاثة ؛ وهي قرن الصحابة ، والتابعين ، وأتباعهم .

                                                                                                                              [ ص: 11 ] واختار الشيخ أحمد "ولي الله" ، المحدث الدهلوي ؛ في (إزالة الخفاء) : أن المراد بقرنه صلى الله عليه وآله وسلم : زمان حياته .

                                                                                                                              والثاني : قرن الشيخين "أبي بكر وعمر رضي الله عنهما .

                                                                                                                              والثالث : مدة خلافة عثمان ، إلى أن استشهد .

                                                                                                                              بدليل قوله صلى الله عليه وآله وسلم : "قرني" ، فإنه أضاف القرن إلى نفسه الشريفة ، ثم عطف عليه "قرنين آخرين" . وأقل قدر سني القرن" : عشرة سنين .

                                                                                                                              وقد أقام هو صلى الله عليه وآله وسلم ، بالمدينة : هذا القدر .

                                                                                                                              ومثله : زمان خلافة الصديق مع خلافة الفاروق ، مع شيء زائد يسير جدا . نحو عامين ونصف .

                                                                                                                              ثم هكذا مدة إمارة "ذي النورين" ، مع زيادة قليلة على مدتهما . فانحصرت القرون الثلاثة ، التي شهد لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالخيرية : إلى آخر حياة عثمان ، حتى قتل . ثم صار الأمر ملكا عضوضا .

                                                                                                                              وهذا الذي ذهب إليه "هذا الشيخ العظيم" : قول غريب جدا ، لم أقف عليه لغيره .

                                                                                                                              وفهم الجمهور ، من السلف ، والخلف - من حديث الباب ، وما في معناه- : أن المراد بقرنه صلى الله عليه وآله وسلم : قرن الصحابة إلى آخرهم موتا .

                                                                                                                              [ ص: 12 ] ثم الثاني كذلك ، إلى موت آخر التابعين .

                                                                                                                              ثم هكذا ، إلى وفاة آخر أتباعهم . بل ذهب بعضهم : إلى اعتبار أتباع الأتباع لهم . وهو القرن الرابع .

                                                                                                                              لكن لم تثبت رواية "رابعة" : ثبوتا يوجب المصير إليها .

                                                                                                                              وهذه القرون الثلاثة ، هي التي يعبر عن أهلها : "بالسلف" . وعمن بعدهم ، أو بعد القرن الرابع : بالخلف -في عرف العلماء واصطلاحهم- . وإلا ، فكل متقدم من الناس : سلف . والمتأخر منهم : خلف (في اللغة ، والمحاورة الحديثية ، وغيرها) .

                                                                                                                              وكل من ذهب إلى تحديد السلف الصالح وزمنهم ، والخلف وعصرهم ، إلى غير ما ذكرنا : فإنه لم يأت بفائدة واضحة ، ولم يعد بعائدة زائدة ، بيد القال والقيل . فاشدد يديك على هذا . والله أعلم .

                                                                                                                              (ثم يكون بعدهم : قوم يشهدون ، ولا يستشهدون) .

                                                                                                                              وفي رواية أخرى : "يشهدون ، قبل أن يستشهدوا" .

                                                                                                                              والمعنى : يتحملون الشهادة ، من غير تحميل ، أو يؤدونها ، من غير طلب الأداء .

                                                                                                                              وهذا في ظاهره ، مخالف للحديث الآخر : "خير الشهود : الذي يأتي بالشهادة ، قبل أن يسألها"

                                                                                                                              [ ص: 13 ] قال العلماء : الجمع بينهما ؛ أن الذم في ذلك ، لمن بادر بالشهادة في حق الآدمي ، هو عالم بها قبل أن يسألها صاحبها .

                                                                                                                              وأما المدح ؛ فهو لمن كانت عنده شهادة الآدمي ، ولا يعلم بها صاحبها ، فيخبره بها : ليستشهده بها عند القاضي ، إن أراد .

                                                                                                                              ويلتحق به : من كانت عنده شهادة حسبة ، وهي الشهادة بحقوق الله تعالى . فيأتي القاضي ويشهد بها . وهذا ممدوح ، إلا إذا كانت الشهادة بحد ، ورأى المصلحة في الستر .

                                                                                                                              قال النووي : هذا الجمع بين الحديثين ؛ هو مذهب الشافعية ، ومالك ، وجماهير العلماء . وهو الصواب . وقيل فيه أقوال ضعيفة ؛

                                                                                                                              منها : قول من قال بالذم مطلقا ، ونابذ حديث المدح .

                                                                                                                              ومنها : قول من حمله على شهادة الزور .

                                                                                                                              ومنها : قول من حمله على الشهادة بالحدود . وكلها فاسدة .

                                                                                                                              واحتج عبد الله بن شبرمة بهذا الحديث لمذهبه : في منعه الشهادة على الإقرار ، قبل أن يستشهد . ومذهب الشافعية والجمهور : قبولها .

                                                                                                                              وفي بعض طرق هذا الحديث ، عند مسلم : "ثم يجيء قوم ، تسبق شهادة أحدهم يمينه ، ويمينه شهادته" .

                                                                                                                              وفي لفظ : "تبدر شهادة أحدهم يمينه ، وتبدر يمينه شهادته" .

                                                                                                                              وهذا : ذم لمن يشهد ، ويحلف مع شهادته .

                                                                                                                              [ ص: 14 ] واحتج به بعض المالكية ، في رد شهادة من حلف معها .

                                                                                                                              وجمهور العلماء : أنها لا ترد .

                                                                                                                              ومعنى الحديث : أنه يجمع بين اليمين والشهادة ؛ فتارة تسبق هذه . وتارة هذه .

                                                                                                                              ومعنى "تبدر" : تسبق .

                                                                                                                              قال إبراهيم : كانوا ينهوننا -ونحن غلمان- عن العهد والشهادات . أي الجمع بين اليمين والشهادة .

                                                                                                                              وقيل : المراد : النهي عن قوله "علي عهد الله" ، أو "أشهد بالله" .

                                                                                                                              وفي رواية أخرى : "فلا أدري : في الثالثة ، أو في الرابعة ، قال : "ثم يتخلف بعدهم خلف ، تسبق شهادة أحدهم يمينه ، ويمينه شهادته " . هكذا الرواية : "خلف" بإسكان اللام ، خلف سوء .

                                                                                                                              قال أهل اللغة : "الخلف" : ما صار عوضا عن غيره . ويستعمل فيمن خلف بخير ، أو شر . لكن يقال في الخير : "بفتح اللام ، وإسكانها" . لغتان . الفتح : أشهر ، وأجود . وفي الشر : بإسكانها ، عند الجمهور . وحكي فتحها أيضا .

                                                                                                                              (ويخونون ولا يتمنون) . هكذا في أكثر النسخ : بتشديد النون .

                                                                                                                              وفي بعضها : "يؤتمنون" .

                                                                                                                              [ ص: 15 ] ومعناه : يخونون خيانة ظاهرة ، بحيث لا يبقى معها أمانة . بخلاف من خان بحقير مرة واحدة ، فإنه يصدق عليه : أنه خان . ولا يخرج به عن الأمانة ، في بعض المواطن .

                                                                                                                              (وينذرون) بفتح الياء ، وضم الذال . وبكسرها . لغتان .

                                                                                                                              (ولا يوفون) . وفي رواية : "يفون" .

                                                                                                                              قال النووي : وهما صحيحان . يقال : "وفى ، وأوفى" .

                                                                                                                              وفيه : وجوب الوفاء بالنذر . وهو واجب بلا خلاف . وإن كان ابتداء النذر ، منهيا عنه ، كما سبق في بابه .

                                                                                                                              (ويظهر فيهم السمن) بكسر السين ، وفتح الميم . أي : يعظم حرصهم على الدنيا ، والتمتع بلذاتها ، حتى تسمن أجسادهم .

                                                                                                                              وفي رواية : "ثم يخلف قوم ، يحبون السمانة" .

                                                                                                                              قال النووي : "السمانة ، بفتح السين ، هي "السمن" .

                                                                                                                              قال جمهور العلماء -في معنى هذا الحديث- : المراد بالسمن هنا : كثرة اللحم . أي : أنه يكثر ذلك فيهم . وليس معناه : أن يتمحضوا سمانا .

                                                                                                                              قالوا : والمذموم منه : من يستكسبه .

                                                                                                                              وأما من هو فيه خلقة : فلا يدخل في هذا .

                                                                                                                              والمتكسب له : هو المتوسع في المأكول والمشروب ، زائدا على المعتاد .

                                                                                                                              [ ص: 16 ] وقيل : المراد بالسمن هنا : أنهم يتكثرون بما ليس فيهم ، ويدعون ما ليس لهم : من الشرف ، وغيره .

                                                                                                                              وقيل : المراد : جمعهم الأموال .

                                                                                                                              والأول : أولى .

                                                                                                                              وفي هذه الأحاديث : دلائل للنبوة ، ومعجزات ظاهرة للرسالة . فإن كل الأمور التي أخبر بها : وقعت كما أخبر . ولله الحمد .




                                                                                                                              الخدمات العلمية