الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      وفيها بعد فراغ قتال أهل الردة بعث أبو بكر الصديق خالد بن الوليد إلى أرض البصرة ، وكانت تسمى أرض الهند ، فسار خالد بمن معه من اليمامة إلى أرض البصرة ، فغزا الأبلة فافتتحها ، ودخل ميسان فغنم وسبى من القرى ، ثم سار نحو السواد ، فأخذ على أرض كسكر وزندورد بعد أن استخلف على البصرة قطبة بن قتادة السدوسي ، وصالح خالد أهل ألليس على ألف دينار في شهر رجب من السنة ، ثم افتتح نهر الملك ، وصالحه ابن بقيلة صاحب الحيرة على تسعين ألفا ، ثم سار نحو أهل الأنبار فصالحوه .

                                                                                      ثم حاصر عين التمر ونزلوا على حكمه ، فقتل وسبى . وقتل من المسلمين بعين التمر : بشير بن سعد بن ثعلبة أبو النعمان الأنصاري الخزرجي ، وكان من كبار الأنصار ، شهد بدرا والعقبة ، وقيل : إنه أول [ ص: 63 ] من أسلم من الأنصار ، رضي الله عنه .

                                                                                      وفيها لما استحر القتل بقراء القرآن يوم اليمامة أمر أبو بكر بكتابة القرآن زيد بن ثابت ، فأخذ يتتبعه من العسب واللخاف وصدور الرجال ، حتى جمعه زيد في صحف .

                                                                                      قال محمد بن جرير الطبري : ولما فرغ خالد من فتوح مدائن كسرى التي بالعراق صلحا وحربا خرج لخمس بقين من ذي القعدة مكتتما بحجته ومعه جماعة يعتسف البلاد حتى أتى مكة ، فتأتى له من ذلك ما لم يتأت لدليل ، فسار طريقا من طرق الحيرة لم ير قط أعجب منه ولا أصعب ، فكانت غيبته عن الجند يسيرة ، فلم يعلم بحجه أحد إلا من أفضى إليه بذلك ، فلما علم أبو بكر بحجه عتبه وعنفه وعاقبه بأن صرفه إلى الشام ، فلما وافاه كتاب أبي بكر عند منصرفه من حجه بالحيرة يأمره بانصرافه إلى الشام حتى يأتي من بها من جموع المسلمين باليرموك ، ويقول له : إياك أن تعود لمثلها .

                                                                                      قلت : وإنما جاء الكتاب بأن يسير إلى الشام في أوائل سنة ثلاث عشرة .

                                                                                      قلت : سار خالد بجيشه من العراق إلى الشام في البرية ، وكادوا يهلكون عطشا .

                                                                                      قال الواقدي : حدثنا موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، قال : أشار عمر بن الخطاب على أبي بكر أن اكتب إلى خالد بن الوليد يسير بمن معه إلى عمرو بن العاص مددا له ، فلما أتى كتاب أبي بكر [ ص: 64 ] خالدا ، قال : هذا عمل عمر حسدني على فتح العراق وأن يكون على يدي ، فأحب أن يجعلني مددا لعمرو ، فإن كان فتح كان ذكره له دوني .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية