575 [ ص: 7 ] ( 1 ) باب ما تجب فيه الزكاة
536 - مالك ، عن عمرو بن يحيى المازني ، عن أبيه : أنه قال : سمعت يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبا سعيد الخدري . وليس فيما دون خمس أواق صدقة وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة " . ليس فيما دون [ ص: 8 ] خمس ذود صدقة .
537 - مالك ، عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي [ ص: 9 ] صعصعة الأنصاري ، ثم المازني عن أبيه ، عن ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أبي سعيد الخدري . وليس فيما دون خمس أواقي من الورق صدقة وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة " . ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة .
538 - مالك ; أنه بلغه أن كتب إلى عامله على عمر بن عبد العزيز دمشق في الصدقة : إنما الصدقة في الحرث ، والعين ، والماشية .
كتاب الزكاة
- باب ما تجب فيه الزكاة
- باب الزكاة في العين من الذهب والورق
- باب ما جاء في المعادن
- باب زكاة الركاز
- باب ما لا زكاة فيه من الحلي والتبر والعنبر
- باب ما جاء فيما يعتد به من السخل في الصدقة
- باب العمل في صدقة عامين إذا اجتمعا
- باب أخذ الصدقة ومن يجوز له أخذها
- باب ما لا زكاة فيه من الثمار
- باب ما لا زكاة فيه من الفواكه والقضب والبقول
- باب عشور أهل الذمة
- باب اشتراء الصدقة والعود فيها
- باب من تجب عليه زكاة الفطر
- باب وقت إرسال زكاة الفطر
- باب من لا تجب عليه زكاة الفطر
التالي
السابق
12201 - قال مالك : ولا تكون الصدقة إلا في ثلاثة أشياء : في الحرث ، والعين ، والماشية .
12202 - قال أبو عمر : حديث في هذا الباب من رواية أبي سعيد الخدري عمرو بن يحيى ، عن أبيه ، عن أبي سعيد ، ومن رواية وغيره ، عن محمد بن يحيى بن حبان يحيى بن عمارة والد عمرو بن يحيى عن أبي سعيد صحيح ، ولا مطعن لأحد فيه .
[ ص: 10 ] 12203 - وأما رواية ابن أبي عبد الرحمن بن أبي صعصعة فمعلولة لا تصح عنه عن أبيه . عن أبي سعيد ؛ وإنما هي ليحيى بن عمارة عن أبي سعيد ، وقد بينا ذلك في " التمهيد " .
[ ص: 11 ] 12204 - وقال بعض أهل العلم : إن هذه السنة الثابتة من رواية ، عن النبي صلى الله عليه وسلم - لا توجد إلا من رواية أبي سعيد الخدري دون سائر الصحابة . أبي سعيد الخدري
12205 - والذي ذكره من ذلك فهو الأغلب المعروف ، إلا أني قد وجدتها من رواية ، عن أبيه ، عن سهيل بن أبي صالح ، ومن رواية أبي هريرة عن محمد بن مسلم الطائفي عن عمرو بن دينار جابر كلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقد ذكرتهما بإسناديهما في " التمهيد " .
[ ص: 12 ] 12206 - وحديث جابر المذكور أكثر بيانا وأكثر فائدة في النص .
12207 - قال : كان عمرو بن دينار يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " جابر بن عبد الله " . لا صدقة في شيء من الزرع والنخل والكرم حتى يكون خمسة أوسق ولا في الرقة حتى تبلغ مائتي درهم
12208 - وهذا أعم فائدة ولا خلاف فيه ، وإن كان إسناده فيه لين فإن إجماع العلماء على القول به تصحيح له .
12209 - وأما قوله : " " الذود : واحد الإبل ، تقول : ليس فيما دون خمس من الإبل أو خمس جمال أو خمس نوق صدقة . والذود واحد ، ومنه قيل : الذود إلى الذود إبل . ليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة
12210 - وقد قيل : إن الذود قطعة من الإبل ما بين الثلاث إلى العشر .
[ ص: 13 ] 12211 - والأول عند أكثر أهل اللغة وأشهر .
12212 - قال الحطيئة :
12213 - أي مال عليهم .
12214 - والأكثر أن الذود عند أهل اللغة من الثلاثة إلى العشرة .
12215 - قال أبو حاتم ، وتركوا القياس في الجمع ، فقالوا : " ثلاث ذود " لثلاث من الإبل ، و " أربع ذود ، وعشر ذود " كما قالوا : " ثلاثمائة وأربعمائة " على غير قياس . والقياس " ثلاث مئين ومئات ، ولا يكادون يقولون ذلك .
12216 - قال ابن قتيبة : " ذهب قوم إلى أن الذود واحد ، وذهب آخرون إلى أن الذود جميع " ، واختار ابن قتيبة قول من قال إنه جميع ، واحتج له بأنه لا يقال خمس ذود كما لا يقال خمس ثوب .
12217 - قال أبو عمر : ليس قوله بشيء ؛ لأنه لا يقال " خمس ثوب " ، [ ص: 14 ] وقد كان بعض الشيوخ لا يروونه إلا في خمس ذود على التنوين لا على الإضافة ، وعلى هذا يصح ما قاله أهل اللغة .
12218 - قال أبو عمر : الصدقة المذكورة في حديث وغيره في هذا الباب ، هي الزكاة المعروفة ، وهي الصدقة المفروضة ، سماها الله صدقة وسماها زكاة . أبي سعيد الخدري
12219 - وقال عز وجل : خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) ( 103 من سورة التوبة ) .
12220 - وقال : إنما الصدقات للفقراء والمساكين . . . الآية ( 60 من سورة التوبة ) يعني الزكاة .
12221 - وقال : وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ( 43 من سورة البقرة ) .
12222 - وقال الذين لا يؤتون الزكاة ( 7 من سورة فصلت ) .
12223 - فهي الصدقة . وهي الزكاة . وهذا ما لا تنازع فيه ، والحمد لله .
12224 - وفي هذا الحديث دليل على أن . وهذا إجماع من علماء المسلمين . ما كان دون الخمس من الإبل فلا زكاة فيه
12225 - وأفادنا قوله صلى الله عليه وسلم : " ليس فيما دون خمس ذود صدقة " فائدتين : [ ص: 15 ] إحداهما إيجاب الزكاة في الخمس فما فوقها . ونفي الزكاة عما في دونها : لا خلاف في ذلك . فإذا بلغت خمسا ففيها شاة .
12226 - واسم الشاة يقع على واحدة من الغنم ، والغنم : الضأن والمعز .
12227 - وهذا أيضا إجماع من العلماء أنه ، وهي فريضتها ، ليس في خمس من الإبل إلا شاة واحدة . فإذا بلغت الإبل عشرة ففيها شاتان
12228 - وسيأتي القول في زكاة الإبل مبسوطا في باب صدقة الماشية من هذا الكتاب إن شاء الله .
12229 - وأما قوله عليه السلام : " ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة " فإنه إجماع من العلماء أيضا .
12230 - وفيه معنيان يقتضيان فائدتين ، كما ذكرنا فيما قبل في الإبل ، إحداهما : نفي الزكاة عما دون خمس أواق ، والثانية : إيجابها في هذا المقدار وفيما زاد عليه بحسابها .
12231 - هذا ما يوجبه ظاهر الحديث لعدم النص عن العفو منها فيما بعد الخمس الأواقي حتى تبلغ مقدارا ، فلما عدم النص في ذلك ، وجب القول بإيجابها في القليل والكثير بدلالة العفو عما دون الخمس الأواقي ؛ لأنه إيجاب لها في الخمس فما فوقها ، وعلى هذا أكثر العلماء ، وسنذكر القائلين به والخلاف فيه في هذا الباب بعد إن شاء الله .
[ ص: 16 ] 12232 - والأوقية عندهم أربعون درهما كيلا لا خلاف في ذلك .
12233 - والأصل في الأوقية ما ذكره أبو عبيد ، قال : الأوقية اسم لوزن سلعة أربعون درهما كيلا .
12234 - والنش نصف الأوقية ، والنواة وزنها خمسة دراهم كيلا .
12235 - وما قاله أبو عبيد ذلك هو قول جمهور العلماء .
12236 - قال أبو عبيد : وكانت الدراهم غير معلومة إلى أيام فجمعها ، وجعل كل عشرة من الدراهم وزن سبعة مثاقيل . عبد الملك بن مروان
12237 - قال : وكانت الدراهم يومئذ درهم من ثمانية دوانق زيف ودرهم من أربعة دوانق جيد . قال : فاجتمع رأي علماء ذلك الوقت لعبد الملك على أن جمعوا الأربعة الدوانق إلى الثمانية ، فصارت اثني عشر دانقا ، فجعلوا الدرهم : ستة دوانق ، وسموه كيلا . فاتفق لهم في ذلك أن كل مائتي [ ص: 17 ] درهم زكاة ، وأربعين درهما أوقية ، وأن في الخمس الأواقي التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس فيما دونها صدقة " مائتي درهم لا زيادة . وهي نصاب الصدقة .
12238 - قال أبو عمر : الأوقية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجز أن تكون مجهولة المبلغ من الدراهم في الوزن ثم يوجب الزكاة عليها . وليس يعلم مبلغ وزنها .
12239 - ووزن الدينار درهمان أمر مجتمع عليه في البلدان ، وكذلك درهم الوزن اليوم أمر مجتمع عليه معروف بالآفاق ، إلا أن الوزن عندنا بالأندلس مخالف لوزنهم ، فالدرهم الكيل عندهم هو عندنا بالأندلس درهم وأربعة أعشار درهم ؛ لأن دراهمنا مبنية على دخل أربعين ومائة منها في مائة كيل من دراهمهم .
12240 - هكذا أجمع الأمراء والناس عندنا بالأندلس . وما أظن عبد الملك وعلماء عصره نقصوا شيئا من الأصل ؛ وإنما أنكروا وكرهوا الجاري عندهم من ضرب الروم فردوها إلى ضرب الإسلام . فعلى ما ذكرنا في الدرهم المعهود عندنا أنه درهم وخمسان تكون المائتا درهم كيلا مائتي درهم وثمانين درهما بدرهمنا . وقد قيل إن الدرهم المعهود بالمشرق وهو المعهود بالكيل المذكور هو بوزننا اليوم بالأندلس درهم ونصف ، وأظن ذلك بمصر وما والاها .
12241 - وأما أوزان أهل العراق فعلى ما ذكرت لك لم تختلف علينا [ ص: 18 ] كتب علمائهم أن درهمهم درهم وأربعة أعشار درهم بوزننا .
12242 - وهذا موجود في كتب الكوفيين والبغداديين إلى عصرنا هذا : ويسمونها في وثائقهم : وزن سبعة .
12243 - وقد حكى الأثرم عن أنه ذكر اختلاف الدينار والدرهم في أحمد بن حنبل اليمن وناحية عدن ، فقال : قد اصطلح الناس على دراهمنا وإن كان بينهم في ذلك اختلاف لطيف .
12244 - قال : وأما الدنانير فليس فيها اختلاف .
12245 - قال أبو عمر : فجملة النصاب ومبلغه اليوم بوزننا على الدخل المذكور خمسة وثلاثون دينارا دراهم حساب الدينار ثمانية دراهم بدراهمنا التي هي دخل أربعين درهما ومائة في مائة كيلا على حساب الدرهم الكيل درهم وأربعة أعشار كما ذكرنا عن السلف بالعراق والحجاز والخلف منهم ، وأما على حساب الدرهم الدرهم ونصف فإنها تكون سبعة وثلاثين دينارا دراهم وأربعة دراهم ، والقول الأول هو المعروف عند العلماء ، فإذا ملك الحر المسلم وزن المائتي الدرهم المذكورة من فضة مضروبة أو غير مضروبة وهي الخمس الأواقي المنصوص عليها في الحديث حولا كاملا فقد وجبت عليه صدقتها ، وذلك ربع عشرها خمسة دراهم للمساكين والفقراء ، ومن ذكر في آية الصدقة ، إلا المؤلفة قلوبهم فإن الله قد أغنى الإسلام وأهله اليوم عن أن يتألف عليه كافر ، وسنبين هذا المعنى في باب تقسيم الصدقات من هذا الكتاب [ ص: 19 ] مجودا إن شاء الله .
12246 - وأما قوله في هذا الحديث : " من الورق " ، فإن أهل اللغة قالوا : الورق والرقة هي الدراهم المضروبة ، ولا يقال عندهم لما عداها من النقود والمسبوك والمصنوع ورق ولا رقة ؛ وإنما يقال له فضة ، والفضة اسم جامع لذلك كله .
12247 - وأما الفقهاء : فالفضة والورق عندهم سواء . واختلفوا فيما زاد على المائتي درهم الخمس الأواق المذكورة من الفضة . فقال أكثرهم : ما زاد على المائتي درهم الورق فبحساب ذلك في كل شيء منه ربع عشره قل أو كثر .
12248 - هذا قول مالك والليث وأكثر أصحاب والشافعي أبي حنيفة ، منهم أبو يوسف ومحمد ، وهو قول ابن أبي ليلى ، والثوري ، والأوزاعي ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وأبي ثور وأبى عبيد ، ، وروي ذلك عن وابن علية علي . وابن عمر
12249 - روى وغيره عن سفيان الثوري أبى إسحاق السبيعي ، عن عاصم بن ضمرة ، عن علي في كل عشرين دينارا نصف دينار ، وفي كل أربعين دينارا دينار ، وفي كل مائتي درهم خمسة دراهم وما زاد فبالحساب .
[ ص: 20 ] 12250 - وروى وغيره ، عن ابن عيينة أيوب ، عن ، عن ابن سيرين جابر الحذاء ، عن ، قال : في كل مائتي درهم خمسة دراهم ، فما زاد فبالحساب . ابن عمر
12251 - وعن ، إبراهيم النخعي مثله . وعمر بن عبد العزيز
12252 - وقالت طائفة من أهل العلم أكثرهم أهل العراق : لا شيء فيما زاد على المائتي درهم حتى تبلغ الزيادة أربعين درهما ، فإذا بلغتها كان فيها درهم ، وذلك ربع عشرها مضافا إلى الخمسة دراهم تتمم ستة دراهم ، وما زاد على العشرين دينارا من الذهب فلا شيء فيه حتى تبلغ أربعة دنانير .
12253 - هذا قول يروى عن رضي الله عنه رواه عمر بن الخطاب وغيره عن الليث بن سعد يحيى بن أيوب ، عن حميد ، عن أنس ، عن . عمر بن الخطاب
12254 - وبه قال ، سعيد بن المسيب والحسن ، ، وطاوس وعطاء ، ، والشعبي ، ومكحول ، وابن شهاب الزهري ، وعمرو بن دينار ، والأوزاعي وأبو حنيفة ، وزفر ، وطائفة من أصحابنا .
[ ص: 21 ] 12255 - واحتج أبو حنيفة ومن قال بقوله لهذا المذهب بما رواه الحسن بن عمارة ، عن ، عن أبي إسحاق السبيعي عاصم بن ضمرة ، ، عن والحارث الأعور علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ; فهاتوا صدقة الرقة ربع العشر من كل مائتي درهم خمسة دراهم ومن كل عشرين دينارا نصف دينار ، وليس في مائتي درهم شيء حتى يحول عليها الحول ، فإذا حال عليها الحول ففيها خمسة دراهم فما زاد ففي كل أربعين درهما درهم ، وفي كل أربعة دنانير تزيد على العشرين دينارا درهم حتى يبلغ الذهب أربعين دينارا فيكون فيها دينار ، وفي أربعة وعشرين دينارا نصف دينار ودرهم صدقة الخيل والرقيق . قد عفوت لكم عن
12256 - هكذا روى هذا الحديث من أوله إلى آخره الحسن بن عمارة ، عن ، عن أبي إسحاق السبيعي عاصم بن ضمرة ، والحارث الخارقي ، عن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
12257 - ورواه الحفاظ من أصحاب أبي إسحاق ، عن أبي إسحاق ، عن عاصم بن ضمرة ، عن علي من قوله ، لم يذكروا فيه [ ص: 22 ] النبي صلى الله عليه وسلم .
12258 - وكذلك رواه وغيره لم يتجاوزوا به الثوري عليا رضي الله عنه ولا ساقوه المساق الذي ساقه الحسن بن عمارة ، ولا يحفظ هذا التلخيص الذي ذكره الحسن بن عمارة ، إلا من أقاويل التابعين : ، وغيره . عطاء بن أبي رباح
12259 - وقد روي عن علي أيضا خلاف هذا الحديث أنه قال : فما زاد على المائتي درهم فبالحساب .
12260 - كما روي فيه عن ، ومن ذكرنا معه . ابن عمر
12261 - وقد احتج بعض الكوفيين لمذهبه هذا من جهة النظر ، بأن قال : فما زاد على المائتي درهم إلى أن تبلغ أربعين درهما مختلف فيه ; لا يثبت باختلاف .
12262 - قال : وهم مجمعون على الأربعين الزائدة على المائتي درهم . فكأنه قال : فما زاد على المائتي درهم فبالحساب كما قال فيما زادت : ففي كل مائتين شاة .
12263 - قال : ولما أجمعوا على الأوقاص في الماشية واختلفوا في [ ص: 23 ] العين وجب رد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه من أوقاص المواشي .
12264 - قال : وهذا معنى قوله : " فبالحساب " إذا زادت تزيد إذا زادت أربعين فبالحساب في كل أربعين درهما درهم ، وكذلك الذهب إذا زادت أربعة دنانير .
12265 - قال أبو عمر : هذا غير لازم ؛ لأن ما اختلفوا فيه من هذا الباب أصول ، والأصول لا يقاس بعضها ببعض ، ولا يرد بعضها إلى بعض ، وأصل الكوفيين في ذلك غير صحيح ؛ لأن الحسن بن عمارة لا يلتفت أهل العلم بالحديث إلى حديثه لضعفه
[ ص: 24 ] 12266 - وقد روي عن في هذا الباب قول ثالث رواه طاوس ، عن ابن جريج هشام بن حجير ، عن ، قال : إذا زادت الدراهم على مائتي درهم فلا شيء فيها حتى تبلغ أربعمائة درهم . طاوس
12267 - قال أبو عمر : كأنه ذهب إلى الخبر : " في المائتي درهم خمسة دراهم " ، كما جاء في الخبر : " في كل خمس من الإبل شاة ، وفي عشر شاتان " .
12268 - ولا أعلم أحدا قاله كما رواه ابن جريح عن هشام بن حجير ، عن . طاوس
12269 - وذكر عبد الرزاق عن ، عن ابن جريج هشام ابن حجير ، عن خلاف ذلك على ما رواه طاوس عن أبيه : والذي روى ابن طاوس ، عن أبيه أنه إذا زادت الدراهم على مائتين فلا شيء فيها حتى تبلغ أربعين ، فإذا زادت الدنانير على عشرين دينار فلا شيء فيها حتى تبلغ أربعة [ ص: 25 ] دنانير على ما روي عن ابن طاوس عمر ، ، ومن ذكرنا معهما ، وهذا هو الصحيح عن وسعيد بن المسيب . طاوس
12270 - ذكر عبد الرزاق ، عن ، عن الثوري يونس ، عن الحسن ، قال : ما زاد على المائتين فلا يؤخذ منه شيء حتى يبلغ أربعين درهما كيلا .
12271 - قال : وقاله عن ابن جريج عطاء ، ، وعن وعمرو بن دينار هشام بن حجير ، عن مثله . طاوس
12272 - وأما قوله صلى الله عليه وسلم : " " ، ففيه معنيان : أحدهما نفي وجوب الزكاة عما كان دون هذا المقدار . والثاني وجوب الزكاة في هذا المقدار فما فوقه . وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة
12273 - ستون صاعا بإجماع من العلماء بصاع النبي صلى الله عليه وسلم ، والوسق أربعة أمداد بمده صلى الله عليه وسلم ، ومده زنة رطل وثلث وزيادة شيء لطيف بالرطل البغدادي ، وهو رطل الناس في آفاق الإسلام اليوم ، وعلى هذا جمهور العلماء . والصاع
12274 - وإلى هذا رجع أبو يوسف حين ناظره مالك في المد وأتاه بمد أبناء المهاجرين والأنصار بما ذكره وراثه عن النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة . وكان هو [ ص: 26 ] وأصحابه قبل ذلك يقولون في زنة مد النبي صلى الله عليه وسلم رطلان . ويقولون في الصاع : والصحيح ما قاله أهل الحجاز أن . الصاع خمسة أرطال وثلث ، والمد رطل وثلث
12275 - وقد بينا الآثار بما ذهب إليه أهل الحجاز في رواية المد والصاع في " التمهيد " .
12276 - وقد اختلف في معنى زنة المد الذي مبلغه رطل وثلث ; فقيل : هو بالماء . وقيل : هو بالبر المتوسط فمبلغ مد النبي صلى الله عليه وسلم الذي ورثه الخمسة الأوسق ألف مد ومائتي مد بالمد المدني أهل الحجاز ، وهي بالكيل القرطبي عندنا خمسة وعشرون قفيزا على حساب كل قفيز ثمانية وأربعون مدا ، وإن كان القفيز اثنين وأربعين مدا كما زعم جماعة من الشيوخ عندنا ، فهي ثمانية وعشرون قفيزا ونصف قفيز ، أو أربعة أسباع قفيز ، ووزن جميعها ثلاثة وخمسون ربعا وثلث ربع ، كل ربع منها من ثلاثين رطلا .
12277 - والأحوط عندي والأولى أن يكون النصاب خمسة وعشرين قفيزا بكيل قرطبة هو هذا المقدار الذي لا تجب الزكاة فيما دونه ، وتجب فيه وفيما دونه كيلا بحساب ذلك من كل شيء عشره .
12278 - وأما قوله : " من التمر " فهو عندي جواب السائل سأله عن فأجابه ، وسمع المحدث " التمر " فذكره على حسب ما [ ص: 27 ] سمعه . نصاب زكاة التمر
12279 - وليس ذكر التمر بمانع من جري الزكاة في غير التمر بدليل الآثار والاعتبار والإجماع ، وحديث عمرو بن يحيى ، وهو أصحها ليس فيه ذكر التمر ولا غيره ، وعموم لفظه يقتضي أن كل ما يوسق إذا بلغ خمسة أوسق ففيه الزكاة تمرا كان أو حبا .
12280 - وقد روى إسماعيل بن أمية ، عن ، عن محمد بن يحيى بن حبان يحيى بن عمارة ، عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أبي سعيد الخدري " ، الحديث . ليس في حب ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق
12281 - وسنذكر الحبوب التي تجب فيها الزكاة والثمار في بابه إن شاء الله .
12282 - وأما قول عمر بن عبد العزيز : " أن الصدقة لا تكون إلا في الحرث والعين والماشية " فهو إجماع من العلماء أن الزكاة في العين والحرث والماشية ، لا يختلفون في جملة ذلك ويختلفون في تفصيله على ما نذكره عنهم في أبوابه من هذا الكتاب إن شاء الله . ومالك بن أنس
[ ص: 28 ] 12283 - والحرث يقتضي كل ما يزرعه الآدميون ، ويقتضي الثمار والكروم .
12284 - وللعلماء فيما تجب فيه الزكاة من الثمار والحبوب اختلاف كثير سنبين وجوهه في مواضعه إن شاء الله ، وكذلك عروض التجارة .
12202 - قال أبو عمر : حديث في هذا الباب من رواية أبي سعيد الخدري عمرو بن يحيى ، عن أبيه ، عن أبي سعيد ، ومن رواية وغيره ، عن محمد بن يحيى بن حبان يحيى بن عمارة والد عمرو بن يحيى عن أبي سعيد صحيح ، ولا مطعن لأحد فيه .
[ ص: 10 ] 12203 - وأما رواية ابن أبي عبد الرحمن بن أبي صعصعة فمعلولة لا تصح عنه عن أبيه . عن أبي سعيد ؛ وإنما هي ليحيى بن عمارة عن أبي سعيد ، وقد بينا ذلك في " التمهيد " .
[ ص: 11 ] 12204 - وقال بعض أهل العلم : إن هذه السنة الثابتة من رواية ، عن النبي صلى الله عليه وسلم - لا توجد إلا من رواية أبي سعيد الخدري دون سائر الصحابة . أبي سعيد الخدري
12205 - والذي ذكره من ذلك فهو الأغلب المعروف ، إلا أني قد وجدتها من رواية ، عن أبيه ، عن سهيل بن أبي صالح ، ومن رواية أبي هريرة عن محمد بن مسلم الطائفي عن عمرو بن دينار جابر كلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقد ذكرتهما بإسناديهما في " التمهيد " .
[ ص: 12 ] 12206 - وحديث جابر المذكور أكثر بيانا وأكثر فائدة في النص .
12207 - قال : كان عمرو بن دينار يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " جابر بن عبد الله " . لا صدقة في شيء من الزرع والنخل والكرم حتى يكون خمسة أوسق ولا في الرقة حتى تبلغ مائتي درهم
12208 - وهذا أعم فائدة ولا خلاف فيه ، وإن كان إسناده فيه لين فإن إجماع العلماء على القول به تصحيح له .
12209 - وأما قوله : " " الذود : واحد الإبل ، تقول : ليس فيما دون خمس من الإبل أو خمس جمال أو خمس نوق صدقة . والذود واحد ، ومنه قيل : الذود إلى الذود إبل . ليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة
12210 - وقد قيل : إن الذود قطعة من الإبل ما بين الثلاث إلى العشر .
[ ص: 13 ] 12211 - والأول عند أكثر أهل اللغة وأشهر .
12212 - قال الحطيئة :
ونحن ثلاثة وثلاث ذود لقد عال الزمان على عيالي
12213 - أي مال عليهم .
12214 - والأكثر أن الذود عند أهل اللغة من الثلاثة إلى العشرة .
12215 - قال أبو حاتم ، وتركوا القياس في الجمع ، فقالوا : " ثلاث ذود " لثلاث من الإبل ، و " أربع ذود ، وعشر ذود " كما قالوا : " ثلاثمائة وأربعمائة " على غير قياس . والقياس " ثلاث مئين ومئات ، ولا يكادون يقولون ذلك .
12216 - قال ابن قتيبة : " ذهب قوم إلى أن الذود واحد ، وذهب آخرون إلى أن الذود جميع " ، واختار ابن قتيبة قول من قال إنه جميع ، واحتج له بأنه لا يقال خمس ذود كما لا يقال خمس ثوب .
12217 - قال أبو عمر : ليس قوله بشيء ؛ لأنه لا يقال " خمس ثوب " ، [ ص: 14 ] وقد كان بعض الشيوخ لا يروونه إلا في خمس ذود على التنوين لا على الإضافة ، وعلى هذا يصح ما قاله أهل اللغة .
12218 - قال أبو عمر : الصدقة المذكورة في حديث وغيره في هذا الباب ، هي الزكاة المعروفة ، وهي الصدقة المفروضة ، سماها الله صدقة وسماها زكاة . أبي سعيد الخدري
12219 - وقال عز وجل : خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) ( 103 من سورة التوبة ) .
12220 - وقال : إنما الصدقات للفقراء والمساكين . . . الآية ( 60 من سورة التوبة ) يعني الزكاة .
12221 - وقال : وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ( 43 من سورة البقرة ) .
12222 - وقال الذين لا يؤتون الزكاة ( 7 من سورة فصلت ) .
12223 - فهي الصدقة . وهي الزكاة . وهذا ما لا تنازع فيه ، والحمد لله .
12224 - وفي هذا الحديث دليل على أن . وهذا إجماع من علماء المسلمين . ما كان دون الخمس من الإبل فلا زكاة فيه
12225 - وأفادنا قوله صلى الله عليه وسلم : " ليس فيما دون خمس ذود صدقة " فائدتين : [ ص: 15 ] إحداهما إيجاب الزكاة في الخمس فما فوقها . ونفي الزكاة عما في دونها : لا خلاف في ذلك . فإذا بلغت خمسا ففيها شاة .
12226 - واسم الشاة يقع على واحدة من الغنم ، والغنم : الضأن والمعز .
12227 - وهذا أيضا إجماع من العلماء أنه ، وهي فريضتها ، ليس في خمس من الإبل إلا شاة واحدة . فإذا بلغت الإبل عشرة ففيها شاتان
12228 - وسيأتي القول في زكاة الإبل مبسوطا في باب صدقة الماشية من هذا الكتاب إن شاء الله .
12229 - وأما قوله عليه السلام : " ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة " فإنه إجماع من العلماء أيضا .
12230 - وفيه معنيان يقتضيان فائدتين ، كما ذكرنا فيما قبل في الإبل ، إحداهما : نفي الزكاة عما دون خمس أواق ، والثانية : إيجابها في هذا المقدار وفيما زاد عليه بحسابها .
12231 - هذا ما يوجبه ظاهر الحديث لعدم النص عن العفو منها فيما بعد الخمس الأواقي حتى تبلغ مقدارا ، فلما عدم النص في ذلك ، وجب القول بإيجابها في القليل والكثير بدلالة العفو عما دون الخمس الأواقي ؛ لأنه إيجاب لها في الخمس فما فوقها ، وعلى هذا أكثر العلماء ، وسنذكر القائلين به والخلاف فيه في هذا الباب بعد إن شاء الله .
[ ص: 16 ] 12232 - والأوقية عندهم أربعون درهما كيلا لا خلاف في ذلك .
12233 - والأصل في الأوقية ما ذكره أبو عبيد ، قال : الأوقية اسم لوزن سلعة أربعون درهما كيلا .
12234 - والنش نصف الأوقية ، والنواة وزنها خمسة دراهم كيلا .
12235 - وما قاله أبو عبيد ذلك هو قول جمهور العلماء .
12236 - قال أبو عبيد : وكانت الدراهم غير معلومة إلى أيام فجمعها ، وجعل كل عشرة من الدراهم وزن سبعة مثاقيل . عبد الملك بن مروان
12237 - قال : وكانت الدراهم يومئذ درهم من ثمانية دوانق زيف ودرهم من أربعة دوانق جيد . قال : فاجتمع رأي علماء ذلك الوقت لعبد الملك على أن جمعوا الأربعة الدوانق إلى الثمانية ، فصارت اثني عشر دانقا ، فجعلوا الدرهم : ستة دوانق ، وسموه كيلا . فاتفق لهم في ذلك أن كل مائتي [ ص: 17 ] درهم زكاة ، وأربعين درهما أوقية ، وأن في الخمس الأواقي التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس فيما دونها صدقة " مائتي درهم لا زيادة . وهي نصاب الصدقة .
12238 - قال أبو عمر : الأوقية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجز أن تكون مجهولة المبلغ من الدراهم في الوزن ثم يوجب الزكاة عليها . وليس يعلم مبلغ وزنها .
12239 - ووزن الدينار درهمان أمر مجتمع عليه في البلدان ، وكذلك درهم الوزن اليوم أمر مجتمع عليه معروف بالآفاق ، إلا أن الوزن عندنا بالأندلس مخالف لوزنهم ، فالدرهم الكيل عندهم هو عندنا بالأندلس درهم وأربعة أعشار درهم ؛ لأن دراهمنا مبنية على دخل أربعين ومائة منها في مائة كيل من دراهمهم .
12240 - هكذا أجمع الأمراء والناس عندنا بالأندلس . وما أظن عبد الملك وعلماء عصره نقصوا شيئا من الأصل ؛ وإنما أنكروا وكرهوا الجاري عندهم من ضرب الروم فردوها إلى ضرب الإسلام . فعلى ما ذكرنا في الدرهم المعهود عندنا أنه درهم وخمسان تكون المائتا درهم كيلا مائتي درهم وثمانين درهما بدرهمنا . وقد قيل إن الدرهم المعهود بالمشرق وهو المعهود بالكيل المذكور هو بوزننا اليوم بالأندلس درهم ونصف ، وأظن ذلك بمصر وما والاها .
12241 - وأما أوزان أهل العراق فعلى ما ذكرت لك لم تختلف علينا [ ص: 18 ] كتب علمائهم أن درهمهم درهم وأربعة أعشار درهم بوزننا .
12242 - وهذا موجود في كتب الكوفيين والبغداديين إلى عصرنا هذا : ويسمونها في وثائقهم : وزن سبعة .
12243 - وقد حكى الأثرم عن أنه ذكر اختلاف الدينار والدرهم في أحمد بن حنبل اليمن وناحية عدن ، فقال : قد اصطلح الناس على دراهمنا وإن كان بينهم في ذلك اختلاف لطيف .
12244 - قال : وأما الدنانير فليس فيها اختلاف .
12245 - قال أبو عمر : فجملة النصاب ومبلغه اليوم بوزننا على الدخل المذكور خمسة وثلاثون دينارا دراهم حساب الدينار ثمانية دراهم بدراهمنا التي هي دخل أربعين درهما ومائة في مائة كيلا على حساب الدرهم الكيل درهم وأربعة أعشار كما ذكرنا عن السلف بالعراق والحجاز والخلف منهم ، وأما على حساب الدرهم الدرهم ونصف فإنها تكون سبعة وثلاثين دينارا دراهم وأربعة دراهم ، والقول الأول هو المعروف عند العلماء ، فإذا ملك الحر المسلم وزن المائتي الدرهم المذكورة من فضة مضروبة أو غير مضروبة وهي الخمس الأواقي المنصوص عليها في الحديث حولا كاملا فقد وجبت عليه صدقتها ، وذلك ربع عشرها خمسة دراهم للمساكين والفقراء ، ومن ذكر في آية الصدقة ، إلا المؤلفة قلوبهم فإن الله قد أغنى الإسلام وأهله اليوم عن أن يتألف عليه كافر ، وسنبين هذا المعنى في باب تقسيم الصدقات من هذا الكتاب [ ص: 19 ] مجودا إن شاء الله .
12246 - وأما قوله في هذا الحديث : " من الورق " ، فإن أهل اللغة قالوا : الورق والرقة هي الدراهم المضروبة ، ولا يقال عندهم لما عداها من النقود والمسبوك والمصنوع ورق ولا رقة ؛ وإنما يقال له فضة ، والفضة اسم جامع لذلك كله .
12247 - وأما الفقهاء : فالفضة والورق عندهم سواء . واختلفوا فيما زاد على المائتي درهم الخمس الأواق المذكورة من الفضة . فقال أكثرهم : ما زاد على المائتي درهم الورق فبحساب ذلك في كل شيء منه ربع عشره قل أو كثر .
12248 - هذا قول مالك والليث وأكثر أصحاب والشافعي أبي حنيفة ، منهم أبو يوسف ومحمد ، وهو قول ابن أبي ليلى ، والثوري ، والأوزاعي ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وأبي ثور وأبى عبيد ، ، وروي ذلك عن وابن علية علي . وابن عمر
12249 - روى وغيره عن سفيان الثوري أبى إسحاق السبيعي ، عن عاصم بن ضمرة ، عن علي في كل عشرين دينارا نصف دينار ، وفي كل أربعين دينارا دينار ، وفي كل مائتي درهم خمسة دراهم وما زاد فبالحساب .
[ ص: 20 ] 12250 - وروى وغيره ، عن ابن عيينة أيوب ، عن ، عن ابن سيرين جابر الحذاء ، عن ، قال : في كل مائتي درهم خمسة دراهم ، فما زاد فبالحساب . ابن عمر
12251 - وعن ، إبراهيم النخعي مثله . وعمر بن عبد العزيز
12252 - وقالت طائفة من أهل العلم أكثرهم أهل العراق : لا شيء فيما زاد على المائتي درهم حتى تبلغ الزيادة أربعين درهما ، فإذا بلغتها كان فيها درهم ، وذلك ربع عشرها مضافا إلى الخمسة دراهم تتمم ستة دراهم ، وما زاد على العشرين دينارا من الذهب فلا شيء فيه حتى تبلغ أربعة دنانير .
12253 - هذا قول يروى عن رضي الله عنه رواه عمر بن الخطاب وغيره عن الليث بن سعد يحيى بن أيوب ، عن حميد ، عن أنس ، عن . عمر بن الخطاب
12254 - وبه قال ، سعيد بن المسيب والحسن ، ، وطاوس وعطاء ، ، والشعبي ، ومكحول ، وابن شهاب الزهري ، وعمرو بن دينار ، والأوزاعي وأبو حنيفة ، وزفر ، وطائفة من أصحابنا .
[ ص: 21 ] 12255 - واحتج أبو حنيفة ومن قال بقوله لهذا المذهب بما رواه الحسن بن عمارة ، عن ، عن أبي إسحاق السبيعي عاصم بن ضمرة ، ، عن والحارث الأعور علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ; فهاتوا صدقة الرقة ربع العشر من كل مائتي درهم خمسة دراهم ومن كل عشرين دينارا نصف دينار ، وليس في مائتي درهم شيء حتى يحول عليها الحول ، فإذا حال عليها الحول ففيها خمسة دراهم فما زاد ففي كل أربعين درهما درهم ، وفي كل أربعة دنانير تزيد على العشرين دينارا درهم حتى يبلغ الذهب أربعين دينارا فيكون فيها دينار ، وفي أربعة وعشرين دينارا نصف دينار ودرهم صدقة الخيل والرقيق . قد عفوت لكم عن
12256 - هكذا روى هذا الحديث من أوله إلى آخره الحسن بن عمارة ، عن ، عن أبي إسحاق السبيعي عاصم بن ضمرة ، والحارث الخارقي ، عن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
12257 - ورواه الحفاظ من أصحاب أبي إسحاق ، عن أبي إسحاق ، عن عاصم بن ضمرة ، عن علي من قوله ، لم يذكروا فيه [ ص: 22 ] النبي صلى الله عليه وسلم .
12258 - وكذلك رواه وغيره لم يتجاوزوا به الثوري عليا رضي الله عنه ولا ساقوه المساق الذي ساقه الحسن بن عمارة ، ولا يحفظ هذا التلخيص الذي ذكره الحسن بن عمارة ، إلا من أقاويل التابعين : ، وغيره . عطاء بن أبي رباح
12259 - وقد روي عن علي أيضا خلاف هذا الحديث أنه قال : فما زاد على المائتي درهم فبالحساب .
12260 - كما روي فيه عن ، ومن ذكرنا معه . ابن عمر
12261 - وقد احتج بعض الكوفيين لمذهبه هذا من جهة النظر ، بأن قال : فما زاد على المائتي درهم إلى أن تبلغ أربعين درهما مختلف فيه ; لا يثبت باختلاف .
12262 - قال : وهم مجمعون على الأربعين الزائدة على المائتي درهم . فكأنه قال : فما زاد على المائتي درهم فبالحساب كما قال فيما زادت : ففي كل مائتين شاة .
12263 - قال : ولما أجمعوا على الأوقاص في الماشية واختلفوا في [ ص: 23 ] العين وجب رد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه من أوقاص المواشي .
12264 - قال : وهذا معنى قوله : " فبالحساب " إذا زادت تزيد إذا زادت أربعين فبالحساب في كل أربعين درهما درهم ، وكذلك الذهب إذا زادت أربعة دنانير .
12265 - قال أبو عمر : هذا غير لازم ؛ لأن ما اختلفوا فيه من هذا الباب أصول ، والأصول لا يقاس بعضها ببعض ، ولا يرد بعضها إلى بعض ، وأصل الكوفيين في ذلك غير صحيح ؛ لأن الحسن بن عمارة لا يلتفت أهل العلم بالحديث إلى حديثه لضعفه
[ ص: 24 ] 12266 - وقد روي عن في هذا الباب قول ثالث رواه طاوس ، عن ابن جريج هشام بن حجير ، عن ، قال : إذا زادت الدراهم على مائتي درهم فلا شيء فيها حتى تبلغ أربعمائة درهم . طاوس
12267 - قال أبو عمر : كأنه ذهب إلى الخبر : " في المائتي درهم خمسة دراهم " ، كما جاء في الخبر : " في كل خمس من الإبل شاة ، وفي عشر شاتان " .
12268 - ولا أعلم أحدا قاله كما رواه ابن جريح عن هشام بن حجير ، عن . طاوس
12269 - وذكر عبد الرزاق عن ، عن ابن جريج هشام ابن حجير ، عن خلاف ذلك على ما رواه طاوس عن أبيه : والذي روى ابن طاوس ، عن أبيه أنه إذا زادت الدراهم على مائتين فلا شيء فيها حتى تبلغ أربعين ، فإذا زادت الدنانير على عشرين دينار فلا شيء فيها حتى تبلغ أربعة [ ص: 25 ] دنانير على ما روي عن ابن طاوس عمر ، ، ومن ذكرنا معهما ، وهذا هو الصحيح عن وسعيد بن المسيب . طاوس
12270 - ذكر عبد الرزاق ، عن ، عن الثوري يونس ، عن الحسن ، قال : ما زاد على المائتين فلا يؤخذ منه شيء حتى يبلغ أربعين درهما كيلا .
12271 - قال : وقاله عن ابن جريج عطاء ، ، وعن وعمرو بن دينار هشام بن حجير ، عن مثله . طاوس
12272 - وأما قوله صلى الله عليه وسلم : " " ، ففيه معنيان : أحدهما نفي وجوب الزكاة عما كان دون هذا المقدار . والثاني وجوب الزكاة في هذا المقدار فما فوقه . وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة
12273 - ستون صاعا بإجماع من العلماء بصاع النبي صلى الله عليه وسلم ، والوسق أربعة أمداد بمده صلى الله عليه وسلم ، ومده زنة رطل وثلث وزيادة شيء لطيف بالرطل البغدادي ، وهو رطل الناس في آفاق الإسلام اليوم ، وعلى هذا جمهور العلماء . والصاع
12274 - وإلى هذا رجع أبو يوسف حين ناظره مالك في المد وأتاه بمد أبناء المهاجرين والأنصار بما ذكره وراثه عن النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة . وكان هو [ ص: 26 ] وأصحابه قبل ذلك يقولون في زنة مد النبي صلى الله عليه وسلم رطلان . ويقولون في الصاع : والصحيح ما قاله أهل الحجاز أن . الصاع خمسة أرطال وثلث ، والمد رطل وثلث
12275 - وقد بينا الآثار بما ذهب إليه أهل الحجاز في رواية المد والصاع في " التمهيد " .
12276 - وقد اختلف في معنى زنة المد الذي مبلغه رطل وثلث ; فقيل : هو بالماء . وقيل : هو بالبر المتوسط فمبلغ مد النبي صلى الله عليه وسلم الذي ورثه الخمسة الأوسق ألف مد ومائتي مد بالمد المدني أهل الحجاز ، وهي بالكيل القرطبي عندنا خمسة وعشرون قفيزا على حساب كل قفيز ثمانية وأربعون مدا ، وإن كان القفيز اثنين وأربعين مدا كما زعم جماعة من الشيوخ عندنا ، فهي ثمانية وعشرون قفيزا ونصف قفيز ، أو أربعة أسباع قفيز ، ووزن جميعها ثلاثة وخمسون ربعا وثلث ربع ، كل ربع منها من ثلاثين رطلا .
12277 - والأحوط عندي والأولى أن يكون النصاب خمسة وعشرين قفيزا بكيل قرطبة هو هذا المقدار الذي لا تجب الزكاة فيما دونه ، وتجب فيه وفيما دونه كيلا بحساب ذلك من كل شيء عشره .
12278 - وأما قوله : " من التمر " فهو عندي جواب السائل سأله عن فأجابه ، وسمع المحدث " التمر " فذكره على حسب ما [ ص: 27 ] سمعه . نصاب زكاة التمر
12279 - وليس ذكر التمر بمانع من جري الزكاة في غير التمر بدليل الآثار والاعتبار والإجماع ، وحديث عمرو بن يحيى ، وهو أصحها ليس فيه ذكر التمر ولا غيره ، وعموم لفظه يقتضي أن كل ما يوسق إذا بلغ خمسة أوسق ففيه الزكاة تمرا كان أو حبا .
12280 - وقد روى إسماعيل بن أمية ، عن ، عن محمد بن يحيى بن حبان يحيى بن عمارة ، عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أبي سعيد الخدري " ، الحديث . ليس في حب ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق
12281 - وسنذكر الحبوب التي تجب فيها الزكاة والثمار في بابه إن شاء الله .
12282 - وأما قول عمر بن عبد العزيز : " أن الصدقة لا تكون إلا في الحرث والعين والماشية " فهو إجماع من العلماء أن الزكاة في العين والحرث والماشية ، لا يختلفون في جملة ذلك ويختلفون في تفصيله على ما نذكره عنهم في أبوابه من هذا الكتاب إن شاء الله . ومالك بن أنس
[ ص: 28 ] 12283 - والحرث يقتضي كل ما يزرعه الآدميون ، ويقتضي الثمار والكروم .
12284 - وللعلماء فيما تجب فيه الزكاة من الثمار والحبوب اختلاف كثير سنبين وجوهه في مواضعه إن شاء الله ، وكذلك عروض التجارة .