الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        [ ص: 48 ] 12367 - قال مالك : الأمر المجتمع عليها عندنا في إجارة العبيد وخراجهم ، وكراء المساكين . وكتابة المكاتب : أنه لا تجب في شيء من ذلك الزكاة . قل ذلك أو كثر . حتى يحول عليه الحول . من يوم يقبضه صاحبه .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        12368 - قال أبو عمر : أما إجارة العبيد ، وكراء المساكين ، وكتابة المكاتب فقد وافقه الشافعي على ذلك . وهو قول أبي حنيفة وسائر الفقهاء إلى معاني تأتي في باب زكاة الدين من اشتراط الفقد في حين العقد على الريع أو غيره ، والمكتري ملى ثم يتأخر قبضه من قبل ربه .

                                                                                                                        12369 - وأما تفصيل جملة أقوال العلماء في الفوائد غير ما تقدم من الربح وما ذكر معه ف . .

                                                                                                                        12370 - قال مالك : تضم الفوائد من الدنانير والدراهم في الحول إلى النصاب منها . ومن ملك عنده من أحدهما نصابا ، ثم أفاد نصابا أو دون نصاب قبل الحول فإنه يزكي كلا على حوله . وهذا عنده بخلاف الفوائد في الماشية ، وهو قول الليث بن سعد .

                                                                                                                        12371 - وروى ابن وهب وعبد الله بن صالح ، عن الليث ، قال : إنما يزكى ما أضيف إلى المال من الماشية وأما الدراهم والدنانير فإنه يستأنفها حولا من يوم استفادها .

                                                                                                                        [ ص: 49 ] 12372 - قال أبو عمر : هذا كله إنما هو لمن بيده نصاب حتى يستعيد ما استفاد ، وأما من كان عنده من الدراهم والدنانير أقل من النصاب فإنه لا خلاف أنه يضم إليه ما يستفيد حتى يكمل النصاب ، فإذا كمل له نصاب استقبل به من يوم تم النصاب بيده حولا ، كرجل استفاد خمسين درهما ، ثم استفاد مائة درهم ، ثم استفاد تمام المائتين أو أكثر ، فإنه يستأنف من يوم كمل له النصاب به حولا .

                                                                                                                        12373 - هذا ما لا خلاف فيه ؛ وإنما الخلاف فيمن بيده نصاب من فضة أو ذهب ، ثم استفاد بعد شهر أو شهور فضه أو ذهبا .

                                                                                                                        12374 - فمذهب مالك ما وصفنا أنه يزكي كل مال على حوله حتى ينقص إلى ما لا زكاة فيه ، فإذا استفاد إلى ذلك لم يتم به له النصاب استأنف من يومئذ الحول هذا كله في غير التاجر .

                                                                                                                        12375 - وقد مضى القول في ربح المال ويأتي في باب زكاة العروض القول في زكاة التجارات إن شاء الله .

                                                                                                                        12376 - وقال أبو حنيفة وأصحابه ، والثوري فيما يستفيده التاجر وغيره .

                                                                                                                        12377 - قال : الفائدة في الحول تضم إلى النصاب من جنسه فتزكى بحول الأصل . والربح عندهم وغير الربح سواء .

                                                                                                                        12378 - قالوا : لا يزكى إلا أن يكون عنده في أول الحول نصاب وفي [ ص: 50 ] آخره نصاب ، فإن كان ذلك وجبت عليه الزكاة ولا يسقطها عنه نقص يدخل المال من طرفي الحول .

                                                                                                                        12379 - قالوا : ولو هلك بعض النصاب في داخل الحول ثم استفاد وحال عليه الحول وعنده نصاب فعليه الزكاة .

                                                                                                                        12380 - قالوا : ولو هلك المال كله ثم استفاد نصابا استقبل به حولا .

                                                                                                                        12381 - وهو قول إبراهيم ، والحسن ، والحكم بن عتيبة .

                                                                                                                        12382 - قال حجاج بن أرطأة : رأيت أهل الكوفة متفقين على ذلك .

                                                                                                                        12383 - وقال الأوزاعي في الرجل يكون عنده الدنانير التي لا تجب فيها الزكاة فيفيد إليها حتى يتم النصاب فقال : إن كان الذي عنده نصف ما يجب فيه الزكاة فليترك حتى يفيد ، وإن كان دون النصف فلا شيء عليه حتى يحول الحول وهو عنده .

                                                                                                                        12384 - قال أبو عمر : تفسير قوله أنه : إن تجر في عشرة دنانير فما فوقها فأتى الحول وقد كمل النصاب فعليه الزكاة . وإن تجر في خمسة دنانير أو فيما دون العشرة فكملت نصابا عند تمام الحول لم تجب عليه زكاة .

                                                                                                                        12385 - وهذا قول لا يعضده أثر ولا نظر .

                                                                                                                        12386 - وقال الحسن بن صالح بن حي : إذا كان له مائتي درهم يملكها فلما كان قبل الحول أفاد مالا من ربح أو غير ربح فحال عليه الحول [ ص: 51 ] وهما عنده زكاهما جميعا ، فإذا ذهب الحول وقد ذهب من المال الأول شيء ، فليس فيه ولا في الآخر شيء ، ويستقبل حولا من اليوم الذي أفاد المال الثاني ؛ لأنه إنما زكى الثاني بالأول ، فإذا لم يبق من الأول ما تجب فيه الزكاة لم يكن في الآخر زكاة إلا بحوله .

                                                                                                                        12387 - قال الشافعي : لا يجب على من ملك مالا صدقة إلا أن يملك الحول كله ما تجب فيه الزكاة فإن دخل المال في بعض الحول أدنى نقص ولو ساعة يستقبل بعد أن يتم له النصاب حولا كاملا .




                                                                                                                        الخدمات العلمية