الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
المبحث الرابع: المعامـلات

المطلب الأول: المعاملات والنصوص الواردة في التعامل مع غير المسلمين

المطلب الثاني: مسائل في المعاملات

إن الإسلام دين استوعب الحياة كلها بتشريعاته، فنظم علاقة الإنسان بخالقه، وعلاقة الناس بعضهم ببعض، أفرادا وجماعات.

ولما كان الإنسان لا تسعـه العزلة، ولا يمكنه أن يحقق أمـور معاشـه إلا من خلال تبادل المنافع مع الآخرين، فقد وضع الشرع ضوابط تحكم أمـور التعامـل، وبنـاها على أسس سليمة قائمـة على الحـق والعـدل، دونما حرج أو عنت.

المطلب الأول: المعاملات والنصوص الواردة في التعامل مع غير المسلمين

المعاملات: هـي الأحكام الشرعية المتعلقة بأمر الدنيا، لتصريفها وصيانتها، كالبيع والشراء والإجارة ونحوهما.

وهناك نصوص وقواعد تجيز التعامل مع غير المسلمين:

من القرآن

قوله تعالى: ( ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ) (آل عمران: 75) . [ ص: 129 ] ‎‎

ومن السنة

( ما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما إلى أجل، ورهنه درعه ) [1] .. وثبت أنه اشترى سلعة من يهودي إلى الميسرة [2] ( وما رواه عبـد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه قال: (كنـا مـع النبي صلى الله عليه وسلم ثم جاء رجل مشرك بغنم يسوقها فاشترى منه النبي صلى الله عليه وسلم شاة ) [3] وغير ذلك من النصوص.

ومن عمل الصحابة

" أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: (كاتبت أمية بن خلف [4] كتابا بأن يحفظني في صياغتي (أي أهلي ومالي) بمكة ، وأحفظه في صياغته بالمدينة " [5]

‎‎ومن الإجماع

(أجمع المسلمون على جواز معاملة المسلمين الكفار إذا وقع ذلك على ما يحل) [6]

‎ ومن أقوال العلماء

جاء في كشف الأسرار على أصول البزدوي: (ولهذا كان الكافر أهلا لأحكام لا يراد بها وجه الله (أي لا تحتاج إلى نية [ ص: 130 ] كالعبادات) ، مثل المعاملات... لأنه أهل لأدائها، إذ المطلوب من المعاملات مصالح الدنيا، وهم (أي الكفار) أليق بأمور الدنيا من المسلمين، لأنهم آثروا الدنيا على الآخرة) [7] ‎ قال ابن بطال : (معاملة الكفار جائزة، إلا بيع ما يستعين به أهل الحرب على المسلمين) .

‎‎ وقال ابن حجر : (تجوز معاملة الكفار فيما لم يتحقق تحريم عين المتعامـل فيـه، وعـدم الاعتبـار بفسـاد معتقدهـم ومعاملاتهـم فيما بينهم) [8] فدلت الآيات والأحاديث والآثار وأقوال العلماء بمجموعها، على جواز التعامل مع الكتابي والوثني.

التالي السابق


الخدمات العلمية