الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
مقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..

إن مما يميز العصر الذي نعيشه نشوء ظاهرة وقت الفراغ في حياة الأفراد والمجتمعات بشكل يستدعي الوقوف عندها، ودراستها، ورصد متغيراتها، ومدى تأثيرها على مستوى الأفراد والمجتمعات على حد سواء.

ولقد صاحب هذه الظاهرة تزايد وتطور الوسائل الترويحية، واستحداث وسائل جديدة لشغله، فأصبح لدى المجتمعات سيل منهمر من الوسائل الترويحية، انطلق معها الإنسان بحثا عن الراحة والمتعة، وتخفيفا من العناء الذي يصيبه في هذه الحياة الدنيا. وكثيرا ما يمارس بعض المسلمين الأنشطة الترويحية بمعزل عن الضوابط الشرعية التي ينبغي أن يراعيها المسلم أثناء ممارساته الترويحية، وفي غياب عن الأهداف التي ينبغي أن يحرص المسلم على تحقيقها من الترويح، وبخاصة مع ما استجد من وسائل ترويحية في حياتنا المعاصرة.

وعلى الرغم مما كان من وجود للعملية الترويحية في وقت [ ص: 39 ] الرسول صلى الله عليه وسلم ، إلا أن من يطلع على المؤلفات، والكتب، والأبحاث التي تعنى بموضوع الترويح يجدها تخلو أو تكاد من ذكر الترويح في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وما كان يمارسه هو وصحابته رضوان الله عليهم، وكأن عصرهم خلا من هذه الممارسات الترويحية رغم كثرتها وتنوعها، وممارسته صلى الله عليه وسلم لها هو وصحابته رضوان الله عليهم أجمعين.

إن هذا العزوف الذي نلحظه عن بيان منهجه صلى الله عليه وسلم في الترويح، ليؤكد ضرورة دراسة ذلك المنهج في حياته صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه رضوان الله عليهم، ونشره، للتعرف على هديه صلى الله عليه وسلم في ممارسة الترويح، فهو خير من يقتدى بهديه ويستن بسنته في ذلك الجانب المهم من حياة المسلم، وبخاصة في وقتنا الحاضر، حيث أصبح الترويح جزءا أساسا في حياة الأفراد والمجتمعات على حد سواء.

وتأتي هذه الدراسة محاولة لتسليط بعض الضوء على مفهوم الترويح، وحكمه، وأسلوب مزاولته في العصر النبوي، وبيان الضوابط الشرعية التي ينبغي مراعاتها حين ممارسته، [ ص: 40 ] بالإضافة إلى التعرف على أهداف الترويح، والكيفية التي يمكن بواسطتها أن نضمن تحقيق تلك الأهداف.

كما تشتمل الدراسة على مبحث حول العلاقة التي أكدها كثير من الباحثين وعلماء الاجتماع بين أوقات الفراغ والانحراف، خاصة لدى الأحداث، والاتجاهات العلمية المفسرة لذلك.

ولقد قسمت الدراسة إلى المباحث التالية:

المبحث الأول: أهمية الوقت.

المبحث الثاني: نظرة الإسلام إلى وقت الفراغ.

المبحث الثالث: مفهوم الترويح وآثاره.

المبحث الرابع: حكم الترويح في الإسلام.

المبحث الخامس: ضوابط ممارسة الترويح في المجتمع المسلم.

المبحث السادس: الترويح في العصر النبوي، ويشمل:

أولا: أهداف الترويح في العصر النبوي.

ثانيا: نماذج من الترويح في العصر النبوي. [ ص: 41 ]

المبحث السابع: الفراغ طريق الانحراف، ويشمل:

الاتجاهات والعوامل الاجتماعية المفسرة للانحراف.

والله أسأل أن تكون هذه الدراسة نواة لدراسات أشمل وأوسع عن الترويح في المجتمع المسلم في حياتنا المعاصرة، تستمد أصولها من المنهج الإسلامي للترويح، وتحدد ما ينبغي للمسلم التزامه من الضوابط الشرعية حين ممارسته للترويح.

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل... [ ص: 42 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية