الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
تمهيد

الحمد لله رب العالمين، حمدا كثيرا مباركا، كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد وآله وصحبه أجمعين، وسائر الأنبياء والمرسلين.

أما بعد:

فهذا كتاب في المنهج، يعرض لتطبيق قواعد ونظرات من مسائل الدرس اللغوي والبلاغي على نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة؛ لإخراج المعارف المنهجية من إطارها النظري المسطور في كتب مناهج تحليل النصوص والأساليب، إلى ميدان التطبيق على نصوص بليغة، لها قيمة عملية وقوة إنجازية واقعية.

والقصد من هـذا التطبيق لفت الانتباه إلى منهج من المناهج الحديثة، التي يرجى أن تسهم في فهم نصوص القرآن والحديث فهما متكاملا، يؤدي إلى وضع النص في إطاره العام الذي نتج به أول مرة، وهو المنهج السياقي ، في مستوياته اللغوية المتعددة -النحوية والصرفية والمعجمية والبلاغية- التي ترشد إلى فهم مراد المتكلم ومقاصده العليا بقرائن نصية؛ لفظية ومعنوية. [ ص: 25 ] ويضاف إلى السياق اللغوي سـياق آخر؛ هـو سياق الحال أو المقام، وما يتصل به من عناصر الحال والزمان والمكان والمتكلم والمخاطب.

ولا شك أن المنهج السياقي ببعديه: البعد اللغوي الداخلي، والبعد الخارجي المقامي، يقدم بين يدي فهم النص الشرعي نسقا من العناصر التي تقوي طريق فهمه وتفسيره والاستنباط منه؛ لأن العلم بخلفيات النصوص وبالأسباب التي تكمن وراء نزولها أو ورودها يورث العلم بالمسببات، وينفي الاحتمالات والظنون غير المرادة، ويقطع الطريق على المقاصد المغرضـة التي لم يردها الشـارع الحكيم ولم يرمها، ويصحـح ما اعوج من أساليب التطبيق؛ كاقتطاع النص من سياقه والاستدلال به معزولا عن محيطه الذي نزل فيه، هـذه الأساليب التي أخرجت النصوص عن مقاصدها العليا ودفعت بها إلى وجوه من المعاني والاستنباطات البعيدة، ظاهرها حق، وباطنها باطل وجور.

و الله الموفق. [ ص: 26 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية