الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
منهج السياق

في فهم القرآن الكريم وتفسيره

أولا: تقديم وتعريف: السياق وأنواعه :

السياق إطار عام تنتظم فـيه عناصر النص ووحداته اللغوية، ومقياس تتصل بوساطته الجمل فيما بينها وتترابط، وبيئة لغوية وتداولية ترعى مجموع العـناصر المعرفية التي يقدمها النص للقارئ. ويضبط السـياق حركات الإحالة بين عناصر النـص، فلا يفهم معـنى كلـمة أو جملة إلا بوصـلها بالتي قبلها أو بالتي بعدها داخل إطار السياق. وكثيرا ما يرد الشبه بين الجمل والعبارات مع بعض الفوارق التي تميز بينها، ولا نستطيع تفسير تلك الفوارق إلا بالرجوع إلى السياق اللغوي، [ ص: 27 ] ولحظ الفوارق الدقيقة التي طرأت بين الجمل. فكل مساق للألفاظ يجر ضربا من المعنى بجزئياته وتفاصيله







[1] .

والسياق : الصورة الكلية التي تنظم الصور الجزئية، ولا يفهم كل [ ص: 28 ] جزء إلا في موقعه من «الكل». وقد أثبت العلم أن الصورة الكلية تتكون من مجموعة كبيرة من النقاط الصغيرة المتشابهة أو المتباينة، تدخل كلها في تركيب الصورة.

هذا، وإن التحليل بالسياق يعد وسيلة من بين وسائل تصنيف المدلولات

















[2] ، لذلك يتعين عرض اللفظ القرآني على موقعه؛ لفهم معناه، ودفع المعاني غير المرادة.

وللسياق أنواع كثيرة لا بد من لفت الانتباه إليها، منها: [ ص: 29 ]

- السياق المكاني : ويعني سياق الآية بين الآيات داخل السورة، وموقعها بين السابق من الآيات واللاحق؛ أي: مراعاة سياق الآية في موقعها من السورة، وسياق الجملة في موقعها من الآية، فيجب أن تربط الآية بالسياق الذي وردت فيه، ولا تقطع عما قبلها وما بعدها.

- والسياق الزمني للآيات أو سياق التنزيل ويعني سياق الآية بين الآيات بحسب ترتيب النزول.

- والسياق الموضوعي ومعناه دراسة الآية أو الآيات التي يجمعها موضوع واحد؛ سواء أكان الموضوع عاما كالقصص القرآني أو الأمثال أو الأحكام الفقهية، أم كان خاصا كالقصة المخصوصة بنبي من الأنبياء وحكم من الأحكام أو غير ذلك، وتتبع مواقعها في القرآن الكريم كله.

- والسياق المقاصدي ومعناه النظر إلى الآيات القرآنية من خلال مقاصد القرآن الكريم والرؤية القرآنية العامة للموضوع المعالج.

- والسياق التاريخي بمعنييه:

العام: وهو سياق الأحداث التاريخية القديمة التي حكاها القرآن الكريم والمعاصرة لزمن التنزيل.

والخاص: وهو أسباب النزول.

- والسياق اللغوي وهو دراسة النص القرآني من خلال علاقات ألفاظه بعضها ببعـض، والأدوات المستعملة للربط بين هـذه الألفاظ، وما يترتب على تلك العلائق من دلالات جزئية وكلية.

وينبغي تحكـيم كل هـذه الأنواع من السياق عند إرادة دراسة النص القرآني بمنهج سياقي متكامل، وإلا فإن الاقتصار على السياق التاريخي [ ص: 30 ] سيحـوم حول النص ولا يعدوه. وأما الاقتصار على السياق الداخلي وحده دون الالتفات إلى الأحـداث التاريخية المحيطة به أو المصاحبة لنزوله فسيجعل النص بنية لغوية مغلقة تقتصر على ما تفيده الألفاظ من معان ودلالات.

التالي السابق


الخدمات العلمية