الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
خاتمة

وخلاصـة الكلام في هـذه الخاتمة أن المنهج السياقي في دراسة النص القرآني والنص الحديثي منهج سـديد يساعد على فهم النص في مستوياته اللغوية المتعددة؛ النحوية والصرفية والمعجمية والبلاغية، التي ترشد إلى فهم مراد المتـكلم ومقاصـده العـليا بقرائن نصية لفظية ومعنوية.

ويضاف إلى السياق اللغـوي سـياق آخر هـو سـياق الحال أو المقام وما يتصل به من عناصر الحال والزمان والمكان وصاحب الكلام والمخاطبين بالكلام، وغير ذلك من الطبقات المقامية والتداولية المختلفة، التي ينتج فيها النص أو يكون نزوله أو وروده مصاحبا لحدوثها، ويدخل في هـذه العناصر أسباب نزول القرآن الكريم، وأسباب ورود الحديث، وكل المفاهيم والمبادئ التي تسهم في بيان المراد.

هذا، وإن في الأخذ بمنهج السياق في فهم النصوص الشرعية وتفسيرها لفائدة كبيرة؛ إذ تحل مشاكل منهجية تتخبط فيها كثير من مناهج التحليل والتأويل المعاصرة:

- كالمنهج البنيوي ؛ الذي دخل ميدان تحليل النص بقصد إنارته ومقاربته، ولكنه لم يبرح مكانه وظل يتحرك في الأنساق الداخلية للنصوص قاطعا عنق أصحابها، ومدعيا أن النص متن مغلق مات صاحبه، زاعما أن البحث في ظروف قول النص وقائله وزمانه ومكانه أمور متغيرات، لا تدخل في عملية البحث عن النسق الأكبر أو النظام، فتعاقبت اتجاهات ومناهج في تحليل النص، بعد المنهج البنيوي، أعلنت فشل البديل البنيوي في تحقيق الدلالة أو المعنى. [ ص: 152 ] - والمنهج التفكيكي؛ الذي تأسس على رفض علمية النقد، وعلى الشك في كل الأنظمة والأعراف والقوانين، والتحول إلى «لا نهائية» المعنى، والتمرد على نهائية النص، وأسسوا لغة نقدية تلفت الانتباه إلى آلياتها التحليلية بعيدا عن النص المحلل [1] .

وفي نهاية المطاف انتهى التفكيكيون إلى ما انتهى إليه البنيويون؛ وهو رفض المذاهب النقدية القديمة والمعاصرة، وأدى بهم هـذا الرفض إلى حجب النص بدلا من بيانه وكشف سياقه اللغوي والمقامي.

وما يقال في البنيوية والتفكيكية وما بعد البنيوية يقال في كثير من المناهج والتيارات التي نتجتها مرحلة ما بعد الحداثة.

ولكن لا يجرمننا شطط هـذه التيارات والمناهج، أن ننتقي من كل منهج خـير ما فيه من عناصر تفيد في فهم النص القرآني والحديثي، شريطة أن يؤخذ منه ما يناسب النص وينـزله منـزلته الكريمة، ويترك ما لا يناسبه من عناصر فكرية وثقافية استنبتت من نصوص أخرى دون القرآن والحديث، وأن نضيف إلى خير ما في هـذه المناهج ما قدمه علماء النحو والبلاغة والأصول والفقه، والمفسرون وشراح الحديث، وكل من أسهم منهم في دراسة نصوص القرآن والحديث بالمنهج السياقي المتكامل، بحظ وافر.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. [ ص: 153 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية