الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        بيع البطيخ قبل بدو صلاحه ، لا يصح

                                                                                                                                                                        [ من غير شرط القطع ] ، فإن بدا الصلاح في كله أو بعضه ، نظر ، إن كان يخاف خروج غيره ، فلا بد من شرط القطع ، فإن شرط فلم يقطع حتى اختلط ، ففي انفساخ البيع قولان يأتي نظيرهما إن شاء الله تعالى . وإن كان لا يخاف خروج غيره ، جاز بيعه من غير شرط القطع . هذا إذا أفرد البطيخ بالبيع ، ووراءه حالتان .

                                                                                                                                                                        إحداهما : لو أفرد أصوله بالبيع ، قال العراقيون وغيرهم : يجوز ، ولا حاجة إلى شرط القطع إذا لم يخف الاختلاط . ثم الحمل الموجود يبقى للبائع ، وما يحدث يكون للمشترى . وإن خيف اختلاط الحملين ، فلا بد من شرط القطع . فإن شرط ، فلم يتفق حتى وقع الاختلاط ، فطريقان سنذكرهما في نظيره إن شاء الله تعالى . ولو باع الأصول قبل خروج الحمل ، فلا بد من شرط القطع والقلع ، كالزرع الأخضر . وإذا شرط ، ثم اتفق بقاؤه حتى خرج الحمل ، فهو للمشترى .

                                                                                                                                                                        الحالة الثانية : باع البطيخ مع أصوله ، قال الإمام والغزالي : لا بد من [ ص: 559 ] شرط القطع ; لأن البطيخ مع أصوله متعرض للعاهة ، بخلاف الشجرة مع الثمرة . فلو باع البطيخ مع الأرض ، استغني عن شرط القطع ، والأرض كالشجر . ومقتضى ما ذكرناه في بيع الأصول وحدها إذا لم يخف الاختلاط ، أنه لا حاجة إلى شرط القطع . والباذنجان ونحوه ، كالبطيخ في الأحوال الثلاث .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لابن الحداد

                                                                                                                                                                        لو باع نصف الثمار على رءوس الشجر مشاعا قبل بدو الصلاح ، لم يصح . وعللوه بأن هذا البيع يفتقر إلى شرط القطع ، ولا يمكن قطع النصف إلا بقطع الكل ، فيتضرر البائع بقطع غير المبيع ، فأشبه ما إذا باع نصفا معينا من سيف . وما ذكروه من أن قطع النصف لا يمكن إلا بقطع الجميع ، إنما يستمر بتقدير دوام الإشاعة وامتناع القسمة . أما إذا جوزنا قسمة الثمار الرطبة بناء على أنها إفراز ، فيمكن قطع النصف من غير قطع الجميع ، بأن يقسم أولا ، فليكن منع البيع مبنيا على القول بامتناع القسمة ، لا مطلقا ، وعلى هذا يدل كلام ابن الحداد .

                                                                                                                                                                        قال القاضي أبو الطيب : وهو الصحيح . ولو باع نصفها مع نصف النخل ، صح وكانت الثمار تابعة . ولو كانت الثمرة لواحد ، والشجرة لآخر ، فباع صاحب الثمرة صاحب الشجرة نصفها ، فوجهان بناء على اشتراط القطع هنا . ولو كانت الأشجار والثمار مشتركة بين رجلين ، فاشترى أحدهما نصيب شريكه من الثمرة ، لم يصح . ولو اشترى نصيب شريكه من الثمرة بنصيبه من الشجر ، لم يجز مطلقا ، ويجوز بشرط القطع ; لأن جملة الثمار تصير لمشتري الثمرة ، وجملة الشجر للآخر ، ويلزم مشتري الثمرة قطع الجميع ؛ لأنه بهذه المعاملة التزم قطع النصف المشترى ، وتفريغ الأشجار لصاحبه . وبيع الشجرة على أن يفرغها البائع ، جائز . وكذا [ ص: 560 ] لو كانت الأشجار لأحدهما ، والثمرة بينهما ، فاشترى صاحب الشجر نصيب صاحبه من الثمر بنصف الشجر على شرط القطع ، جاز .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية