الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وكذلك لو باع المأذون جارية واشترط الخيار لمولاه ثلاثة أيام فنقضه العبد وأجازه المولى معا فالنقض أولى ; لما بينا ، ولو اشترى المأذون جارية وقد رآها مولاه ولم يرها العبد وعليه دين أو لا دين عليه فللعبد الخيار إذا رآها ; لأنه هو المشتري والشرع إنما أثبت خيار الرؤية للمشتري والعبد في أصل التسبب مباشر لنفسه كالحر وخيار الرؤية ينبني على السبب ، ثم رؤية المولى لا تكون دليل الرضا منه بها ; لأنه ما كان يعلم أن عبده يشتريها وإن كان العبد رآها قبل الشراء ولم يرها المولى لم يكن للمولى أن يردها كان على العبد دين أو لم يكن ; لأن العبد في الشراء متصرف لنفسه ورؤيته قبل العقد دليل الرضا منه بها والفسخ من المولى يكون حجرا خاصا في إذن عام ، ولو لم يرها واحد منهما قبل الشراء ثم رأياها فالخيار للعبد ; لأن خيار الرؤية يثبت باعتبار السبب والعبد في أصل السبب متصرف لنفسه فإن رضيها المولى جازت على العبد إن لم يكن عليه دين ; لأن الرضا تقرير بحكم السبب والعبد فيما يرجع إلى الحكم نائب عن المولى إذا لم يكن عليه دين وإن كان عليه دين فرضا المولى باطل ; لأنه في الحكم أجنبي ما بقي من الدين شيء على العبد وإن نقض المولى البيع بمحضر من البائع فنقضه باطل كان على العبد دين أو لم يكن ; لأن النقض منه حجر خاص في إذن عام ، ولو رضيها المولى وردها العبد معا كان رد العبد أولى ; لما بينا أن النقض يرد على الإجازة والإجازة لا ترد على النقض ، وكذلك لو وجد بها عيبا قبل أن يقبضها فالعبد بالخيار إن شاء أخذها وإن شاء تركها ; لأن خيار العيب قبل القبض بمنزلة خيار الرؤية .

( ألا ترى ) أن الراد ينفرد به من غير قضاء ولا رضا وأنه لا يملك رد أحد العبدين به دون الآخر فإن رضيها المولى وعلى العبد دين فرضاه باطل وإن لم يكن عليه دين سوى ثمنها جاز رضا المولى عليه كما في خيار الرؤية وإن نقض المولى البيع فنقضه باطل كان عليه دين أو لم يكن ; لأنه [ ص: 190 ] خاص .

قال : ( ألا ترى ) أن رجلا لو اشترى لرجل جارية بأمره فلم يقبضها الوكيل حتى وجد بها عيبا فرضيهما الآمر جاز وإن نقض الآمر البيع لم يجز نقضه وهذا إشارة إلى الحرف الذي بينا أن الرضا تصرف في الحكم وحكم تصرف الوكيل للموكل والنقض تصرف في السبب والوكيل أصل في السبب بمنزلة العاقد لنفسه فلم يجز نقض الموكل فيه فكذلك في المأذون مع مولاه .

التالي السابق


الخدمات العلمية