الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        وأخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل ببغداد، قال: حدثنا أحمد بن سلمان النجار الفقيه إملاء قال: قرئ على يحيى بن [ ص: 477 ] جعفر وأنا أسمع قال: أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي قال: حدثني فرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن ضبة بن محصن العنزي، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة ذكرها قال: فقال عمر: والله لليلة من أبي بكر ويوم خير من عمر عمر، هل لك أن أحدثك بليلته ويومه؟ قال: قلت نعم , يا أمير المؤمنين قال: أما ليلته فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم هاربا من أهل مكة خرج ليلا فتبعه أبو بكر، فجعل يمشي مرة أمامه، ومرة خلفه، ومرة عن يمينه، ومرة عن يساره، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما هذا يا أبا بكر؟ ما أعرف هذا من فعلك؟" قال: يا رسول الله، أذكر الرصد فأكون أمامك، وأذكر الطلب فأكون خلفك، ومرة عن يمينك ومرة عن يسارك، لا آمن عليك قال: فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلته على أطراف أصابعه حتى حفيت رجلاه، فلما رآه أبو بكر رضي الله عنه أنها قد حفيت حمله على كاهله، وجعل يشتد به حتى أتى به فم الغار، فأنزله، ثم قال: والذي بعثك بالحق لا تدخله حتى أدخله، فإن كان فيه شيء نزل بي قبلك، فدخل فلم ير شيئا، فحمله فأدخله، وكان في الغار خرق فيه حيات وأفاع، فخشي أبو بكر أن يخرج منهن شيء يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقمه قدمه فجعلن يضربنه ويلسعنه: الحيات والأفاعي، وجعلت دموعه تنحدر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: "يا أبا بكر لا تحزن، إن الله معنا" ، فأنزل الله سكينته وطمأنينته لأبي بكر، فهذه ليلته.

                                        وأما يومه فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتدت العرب، فقال بعضهم: نصلي، ولا نزكي , وقال بعضهم: لا نصلي ولا نزكي، فأتيته ولا آلوه نصحا، فقلت: يا خليفة رسول الله، تألف الناس وارفق بهم، فقال: جبار في الجاهلية خوار في الإسلام، فبماذا أتألفهم أبشعر مفتعل أو بشعر مفترى؟ قبض النبي صلى الله عليه وسلم وارتفع الوحي، فوالله لو منعوني عقالا مما كانوا يعطون رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه.

                                        قال: فقاتلنا معه فكان والله رشيد الأمر فهذا يومه ".


                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية