الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( ومن ) أنكر فوجهت عليه اليمين ( فلم يحلف ) وامتنع ( قال له حاكم : إن حلفت وإلا قضيت عليك بالنكول ) نصا ، ( ويسن تكراره ) أي قوله : إن حلفت وإلا قضيت عليك بالنكول ( ثلاثا ) قطعا لحجته ، ( فإن لم يحلف قضى عليه ) القاضي ( بشرطه ) أي بأن [ ص: 525 ] يسأله المدعي الحكم لحديث " { شاهداك أو يمينه } " حيث حصر اليمين في جهة المدعى عليه ، فلم تشرع لغيره .

                                                                          ولما روى أحمد عن ابن عمر " أنه باع زيد بن ثابت عبدا وادعى عليه زيد أنه باعه إياه عالما بعيبه فأنكره ابن عمر ، فتحاكما إلى عثمان فقال عثمان لابن عمر : احلف أنك ما علمت به عيبا فأبى ابن عمر أن يحلف فرد عليه العبد " ، ( وهو ) أي النكول ( كإقامة بينة ) بموجب الدعوى على ناكل ( لا كإقرار ) ; لأن الناكل قد صرح بالإنكار وبأن المدعي لا يستحق المدعى به وهو مصر على ذلك متورع عن اليمين ، فلا يقال : إنه مقر مع إصراره على الإنكار ويجعل مكذبا لنفسه ، وأيضا لو كان مقرا لم تسمع منه بينة بعد نكوله بالإبراء أو الأداء ; لأنه يكون مكذبا لنفسه ، وأيضا الإقرار إخبار وشهادة للمرء على نفسه ، فكيف يجعل مقرا شاهدا على نفسه بسكوته ؟ ( ولا كبذل ) لأنه إباحة وتبرع ، والناكل لم يقصد ذلك ولا يخطر بباله ، وقد يكون المدعى عليه مريضا مرض الموت المخوف ، فلو كان النكول بدلا لاعتبر خروج المدعى به من الثلث وحيث انتفى أن يكون كالإقرار والبذل تعين أن يكون كالبينة ; لأنها اسم لما يبين الحق ، ونكول عن اليمين الصادقة التي يبرأ بها مع تمكنه منها دليل ظاهر على صحة دعوى خصمه .

                                                                          ( لكن لا يشارك من قضي له به ) أي النكول ( على محجور ) عليه ( لفلس غرماءه ) أي المفلس الثابت حقهم بالبينة أو الإقرار قبل الحجر عليه ، لاحتمال تواطؤ المحجور عليه مع المدعي على الدعوى والإنكار والنكول عن اليمين ليقطعا بذلك حق الغرماء من مال المحجور عليه ، بخلاف ما لو أقام المدعي بينة فإنه يشاركهم على ما سبق تفصيله في الحجر .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية