الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( وإذا أوصى إليه في شيء لم يصر [ ص: 399 ] وصيا في غيره ) لأنه استفاد التصرف بالإذن من جهته ، فكان مقصورا على ما أذن فيه كالوكيل فإن وصى إليه في تركته وأن يقوم مقامه فهذا وصي في جميع أموره ، يبيع ويشتري إذا كان نظرا لهم ، وإن خصصها بشيء لم يتعده ( مثل أن يوصي إليه بتفريق ثلثه ) فيفعله ( دون غيره أو ) يوصي إليه ( بقضاء ديونه أو بالنظر في أمر أطفاله ) أو تزويجهم فلا يتجاوزه ( وإن جعل لكل واحدة من هذه الخصال وصيا جاز ) على ما قال ( ويتصرف كل واحد منهم فيما جعل ) الموصي ( إليه ) خاصة لما تقدم .

                                                                                                                      ( وإذا أوصى إليه بتفرقة ثلثه وقضاء دينه ، فأبى الورثة إخراج ثلث ما في أيديهم أو جحدوا ما في أيديهم وأبوا قضاء الدين أو جحدوه وتعذر ثبوتهما قضى ) الوصي ( الدين باطنا ) أي : من غير علم الورثة لأنه تمكن من إنفاذ ما وصي إليه بفعله فوجب عليه كما لو لم يجحده الورثة ، ولأنه لا حق لهم إلا بعد وفاء الدين .

                                                                                                                      ( وأخرج ) الوصي ( بقية الثلث ) الموصى إليه بتفرقته ( مما في يده ) لأن حق الموصى لهم بالثلث متعلق بأجزاء التركة ، وحق الورثة مؤخر عن الوصية ووفاء الدين فوجب تقديمها ، ومحل كونه يجب على الوصي ذلك ( إن لم يخف تبعة ) أي : رجوع الورثة عليه بما دفعه في الدين أو الوصية وينكروهما ولا بينة بهما .

                                                                                                                      فلا يجب عليه ذلك للعذر ( ويبرأ مدين باطنا بقضاء دين يعلمه على الميت ) فيسقط عن ذمته بقدر ما يقضي عن الميت كما لو دفعه إلى الوصي بقضاء الدين فدفعه في دين الميت إذ لا فرق بينهما سوى توسط الوصي بينهما ( ولو ظهر دين يستغرق التركة ) لم يضمن الوصي ما صرفه في الوصية ( أو جهله ) وصي ( له فتصدق ) الوصي ( بجميع الثلث هو أو حاكم ثم ثبت ذلك ) أي : الموصى له ( لم يضمن ) الوصي ولا الحاكم لرب الدين ولا للموصى له بالثلث شيئا لأنه معذور بعدم العلم .

                                                                                                                      وفي الرعاية الكبرى قلت : بل يرجع به لوفاء الدين وقال ابن نصر الله : لو كان فيها أي : التركة عين مستحقة فباعها وتصدق بثمنها ضمنها لتعلق حق صاحبها بعينها بخلاف الدين .

                                                                                                                      ( ولو أقام الذي له الحق ) من دين أو وديعة ونحوها ( بينة شهدت بحق ) عند الموصي ( لم يشترط الحاكم بل تكفي الشهادة عند الوصي ) فله قضاء الحق لأن البينة حجة له قال ابن أبي المجد في مصنفه : لزمه قضاؤه بدون حضور حاكم على الأصح وقدمه ابن رزين في شرحه وجعل في المغني والشرح الروايتين في جواز الدفع لا لزومه ، وهو الأليق بقوله ( والأحوط ) أن تشهد البينة ( عند الحاكم ) خروجا من الخلاف وقطعا [ ص: 400 ] للتهمة ولمدين دفع دين موصى به لمعين إليه من غير حضور الوصي والورثة وله دفعه إلى وصي في تنفيذ وصاياه ويبرأ وإن لم يوص به أو كان للميت عين ولم يوص بقبضها فأبى وارث ووصي معا وإن صرف أجنبي الموصى به لمعين في جهته لم يضمنه .

                                                                                                                      وإن وصى بإعطاء مدع عينه دينا بيمينه نفذه الوصي من رأس ماله قاله الشيخ تقي الدين ونقل ابن هانئ ببينة ونقله عبد الله ونقل عقيل مع صدق المدعي ذكره في الفروع .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية