الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        إذا وجد بالمبيع عيبا ، فقال البائع : حدث عند المشتري ، وقال المشتري : بل كان عندك ، نظر ، إن كان العيب مما لا يمكن حدوثه بعد البيع كالأصبع الزائدة ، وشين الشجة المندملة ، وقد جرى البيع أمس ، فالقول قول المشتري . وإن لم يحتمل تقدمه ، كجراحة طرية ، وقد جرى البيع والقبض من سنة ، فالقول قول البائع من غير يمين . وإن احتمل قدمه وحدوثه كالمرض ، فالقول قول البائع ; لأن الأصل لزوم العقد واستمراره .

                                                                                                                                                                        وكيف يحلف ؟ ينظر في جوابه للمشتري . فإن ادعى المشتري أن بالمبيع عيبا كان قبل القبض ، فأراد الرد ، فقال في جوابه : ليس له الرد علي بالعيب الذي يذكره ، أو لا يلزمني قبوله ، حلف على ذلك ، ولا يكلف التعرض لعدم العيب يوم البيع ، ولا يوم القبض ، لجواز أنه أقبضه معيبا وهو عالم به ، أو أنه رضي به بعد البيع ، ولو نطق به لصار مدعيا مطالبا بالبينة . وإن قال في الجواب : ما بعته إلا سليما ، أو : ما أقبضته إلا سليما ، فهل يلزمه أن يحلف كذلك ، أم يكفيه الاقتصار على أنه لا يستحق الرد ؟ أو : لا يلزمني قبوله ؟ فيه وجهان .

                                                                                                                                                                        أصحهما : يلزمه التعرض لما تعرض له في الجواب ، لتطابق اليمين الجواب ، وبهذا قطع صاحب " التهذيب " وغيره . وهذا التفصيل والخلاف ، جاريان في جميع الدعاوى والأجوبة . ثم يمينه تكون على البت ، فيحلف : لقد بعته وما به هذا العيب . ولا يكفيه أن يقول : بعته ولا أعلم به هذا العيب . وتجوز اليمين على البت إذا اختبر حال العبد ، وعلم خفايا أمره ، [ ص: 491 ] كما يجوز بمثله الشهادة على الإعسار وعدالة الشهود ، وغيرهما . وعند عدم الاختبار ، يجوز أيضا الاعتماد على ظاهر السلامة إذا لم يعلم ، ولا ظن خلافه .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو زعم المشتري أن بالمبيع عيبا ، فأنكره البائع ، فالقول قوله . ولو اختلفا في بعض الصفات ، هل هو عيب ؟ فالقول قول البائع مع يمينه ، وهذا إذا لم يعرف الحال من غيرهما . قال في " التهذيب " : إن قال واحد من أهل المعرفة به : إنه عيب ، ثبت الرد . واعتبر في " التتمة " شهادة اثنين . ولو ادعى البائع علم المشتري بالعيب ، أو تقصيره في الرد ، فالقول قول المشتري .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        مدار الرد على التعيب عند القبض ، حتى لو كان معيبا عند البيع ، فقبضه وقد زال العيب ، فلا رد بما كان ، بل مهما زال العيب قبل العلم أو بعده وقبل الرد ، سقط حقه من الرد .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية