الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        بيع المرابحة مبني على الأمانة ، فعلى البائع الصدق في الإخبار عما اشترى به ، وعما قام به عليه إن باع بلفظ القيام . ولو اشترى بمائة ، وخرج عن ملكه ، ثم اشتراه بخمسين ، فرأس ماله خمسون ، ولا يجوز ضم الثمن الأول إليه . ولو اشتراه بمائة ، وباعه بخمسين ، ثم اشتراه ثانيا بمائة ، فرأس ماله مائة ، ولا يجوز أن يضم إليه خسرانه أولا ، فيخبر بمائة وخمسين . ولو اشتراه بمائة ، [ ص: 532 ] وباعه بمائة وخمسين ، ثم اشتراه بمائة ، فإن باعه مرابحة بلفظ رأس المال ، أو بلفظ " ما اشتريت " ، أخبر بمائة . وإن باعه بلفظ " قام علي " ، فوجهان .

                                                                                                                                                                        أصحهما : يخبر بمائة . والثاني : بخمسين .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        يكره أن يواطئ صاحبه فيبيعه بما اشتراه ، ثم يشتريه منه بأكثر ، ليخبر به في المرابحة . فإن فعل ذلك ، قال ابن الصباغ : ثبت للمشتري الخيار ، وخالفه غيره .

                                                                                                                                                                        قلت : ممن خالفه صاحب " المهذب " وغيره . وقول ابن الصباغ أقوى . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو اشترى سلعة ، ثم قبل لزوم العقد ، ألحقا بالثمن زيادة أو نقصا ، وصححناه ، فالثمن ما استقر عليه العقد . وإن حط عنه بعض الثمن بعد لزوم العقد ، وباع بلفظ " ما اشتريت " ، لم يلزمه حط المحطوط عنه ، وإن باع بلفظ " قام علي " ، لم يخبر إلا بالباقي . فإن حط الكل ، لم يجز بيعه مرابحة بهذا اللفظ ، ولو حط عنه بعض الثمن بعد جريان المرابحة ، لم يلحق الحط المشترى منه على الصحيح . وفي وجه : يلحق كما في التولية والإشراك .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو اشترى شيئا بعرض ، وباعه مرابحة بلفظ الشراء ، أو بلفظ القيام ، [ ص: 533 ] ذكر أنه اشتراه بعرض قيمته كذا ، ولا يقتصر على ذكر القيمة . وإن اشتراه بدين على البائع ، فإن كان مليئا غير مماطل ، لم يجب الإخبار به . وإن كان مماطلا ، وجب .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        يجوز أن يبيع مرابحة بعض ما اشتراه ، ويذكر قسطه من الثمن . وكذا لو اشترى قفيزي حنطة ونحوها ، وباع أحدهما مرابحة . ولو اشترى عبدين أو ثوبين ، وأراد بيع أحدهما مرابحة ، فطريقه أن يعرف قيمة كل واحد منهما يوم الشراء ، ويوزع الثمن على القيمتين ، ثم يبيعه بحصته من الثمن .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        يجب الإخبار بالعيوب الحادثة في يده ، سواء حدث العيب بآفة سماوية ، أو بجنايته ، أو بجناية غيره ، سواء نقص العين أو القيمة . ولو اطلع على عيب قديم ، فرضي به ، ذكره في المرابحة . ولو تعذر رده بعيب حادث وأخذ الأرش ، فإن باعه بلفظ : " قام علي " ، حط الأرش ، وإن باع بلفظ : ما اشتريت ، ذكر ما جرى به العقد والعيب ، وأخذ الأرش . ولو أخذ أرش جنايته ، ثم باعه ، فإن باع بلفظ " ما اشتريت " ، ذكر الثمن والجناية . وإن باع بلفظ : " قام علي " فوجهان . أحدهما : أنه كالكسب والزيادات ، والمبيع قائم عليه بتمام الثمن .

                                                                                                                                                                        [ وأصحهما : يحط الأرش من الثمن ، كأرش العيب . والمراد من الأرش هنا : قدر النقص ، لا المأخوذ بتمامه ] . فإذا قطعت يد العبد ، وقيمته مائة فنقص ثلاثين ، أخذ خمسين من الجاني ، وحط من الثمن ثلاثين ، لا خمسين ، هذا هو [ ص: 534 ] الصحيح . وفي وجه : يحط جميع المأخوذ من الثمن ، وهو شاذ . ولو نقص من القيمة أكثر من الأرش المقدر ، حط ما أخذ من الثمن ، وأخبر عن قيامه عليه بالباقي ، وأنه نقص من قيمته كذا .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو اشتراه بغبن ، لزم الإخبار به على الأصح عند الأكثرين . واختار الإمام والغزالي : أنه لا يلزم . ولو اشترى من ابنه الطفل ، وجب الإخبار به ; لأن الغالب في مثله الزيادة ، نظرا للطفل ، ودفعا للتهمة . ولو اشترى من أبيه أو ابنه الرشيد ، لم يجب الإخبار به على الأصح باتفاقهم ، كالشراء من زوجته ومكاتبه . وفي الشامل ما يقتضي ترددا في المكاتب .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو اشتراه بثمن مؤجل ، وجب الإخبار به على الصحيح .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لا يجب الإخبار بوطء الثيب ، ولا مهرها الذي أخذه ، ولا الزيادات المنفصلة ، كالولد ، واللبن ، والصوف ، والثمرة . ولو كانت حاملا يوم الشراء ، أو كان في ضرعها لبن ، أو على ظهرها صوف ، أو على النخلة طلع ، فاستوفاها ، حط بقسطها من الثمن . وهذا في الحمل بناء على أنه يأخذ قسطا من الثمن .

                                                                                                                                                                        [ ص: 535 ]

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية