الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو رضي بوضع الجذوع والبناء عليها ) أو بوضعها فقط أو بالبناء عليه بلا وضع جذوع ( بعوض فإن آجر رأس الجدار للبناء ) عليه ( فهو إجارة ) لصدق حدها عليه لكن لا يشترط فيها بيان المدة فتتأبد للحاجة نعم لو كانت وقفا عليه وجب بيانها كما قطع به القاضي واعتمده الزركشي لامتناع شائبة البيع فيه ( وإن قال بعته للبناء ) أو الوضع ( عليه أو بعت حق البناء ) أو الوضع ( عليه ) أو صالحتك على ذلك ولم يقدرا مدة ( فالأصح أن هذا العقد فيه شوب بيع ) نظرا للفظه المقتضي لكونه مؤبدا ( و ) شوب ( إجارة ) نظرا لمعناه ؛ لأن المستحق به منفعته فقط وجاز ذلك هنا كحق الممر ومجرى الماء لمسيس الحاجة إليه والقول بأنه إجارة محضة ردوه بأنها لا تنفسخ بتلف الجدار بل يعود حقه بعوده اتفاقا [ ص: 212 ] أما إذا قدرا مدة فهو إجارة محضة وأما إذا باعه أو صالحه ولم يتعرض للبناء أو بشرط أن لا يبني عليه فإنه ينتفع بما عدا البناء من مكث وغيره وأصل الشوب الخلط ويطلق على المخلوط به وهو المراد هنا ومثله الشائبة خلافا لمن زعم تخطئة التعبير بها .

                                                                                                                              ( فإذا ) أراد أن يبني لم يكن للبائع منعه ولا هدم بناء نفسه وإذا ( بنى ) بعد البيع أو الإجارة المؤبدة ( فليس لمالك الجدار نقضه ) أي : بناء المشتري أو المستأجر ( بحال ) أي : مجانا أو مع أرش نقصه ؛ لأنه استحق دوام البناء عليه بعقد لازم نعم لمالك الجدار شراء حق البناء من المشتري كما صرح به جمع وإن استشكله الأذرعي وحينئذ يمكن من الخصلتين السابقتين في الإعارة .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله لكن لا يشترط فيها بيان المدة ) عبارة الروض وشرحه فلو عقد على ذلك بلفظ الإجارة صح وتأبد الحق إن لم يؤقت بوقت وإلا فلا يتأبد ويتعين لفظ الإجارة وجاز تأبيد هذه الحقوق للحاجة إليها على التأبيد كالنكاح والعقد في صورة الإجارة التي لا توقيت فيها عقد إجارة اغتفر فيه التأبيد لما ذكر ا هـ .

                                                                                                                              وقوله عقد إجارة ظاهر جدا في أنه ليس فيه شائبة البيع وحينئذ يشكل قوله في مسألة القاضي لامتناع شائبة البيع فيه ؛ إذ لا شائبة بيع في العقد بلفظ الإجارة مع عدم التوقيت فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله فيتأبد للحاجة ) أي : وفيها حينئذ شائبة بيع على ما يشعر به قوله لامتناع شائبة البيع فيه ( قوله ردوه بأنها لا تنفسخ بتلف الجدار إلخ ) قد يقتضي أنه إذا كان إجارة مؤبدة كما تقدم انفسخت بتلفه وذلك يخالف ما سيأتي من أن للمستأجر الإعادة إذا أعيد الجدار المنهدم فليتأمل .

                                                                                                                              وقد يجاب بأن في المؤبد شوب بيع [ ص: 212 ] كما يدل عليه قوله السابق لامتناع شائبة البيع فيه وثبوت الإعادة الآتية المقتضي لعدم الانفساخ نظرا لهذه الشائبة وإن أوهم صنيع المتن خلاف ذلك كما أشرنا إليه آنفا وقضية ذلك أنه لو كانت الإجارة مؤقتة انفسخت ولا إعادة بعد الإعادة وهو ظاهر .

                                                                                                                              ( قوله فهو إجارة محضة ) ظاهره ولو بلفظ البيع وليس مرادا قال في شرح الروض وإلا أي : وإن أقت بوقت فلا يتأبد ويتعين لفظ الإجارة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله المؤبدة ) أخرج المؤقتة وكان وجهه أن للمالك بعد المدة القلع مع غرم أرش النقص كما في غير هذه الصورة من صور فراغ مدة الإجارة للبناء أو الغراس ( قوله شراء حق البناء ) ينبغي واستئجاره ( قوله السابقتين ) أي : في قوله وفائدة إلخ .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ولو رضي إلخ ) وحكم البناء على الأرض أو السقف أو الجدار بلا جذوع كذلك ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله للبناء عليه ) أي : الجدار أو على الجذوع أو لوضعها فقط ( قوله بيان المدة ) أي ولا بيان تقدير أجرة دفعه فيكفي أن يقول آجرتك كل شهر بكذا ويغتفر الغرر في الإجارة كما اغتفر في المعقود عليه ويصير كالخراج المضروب قاله شيخنا البرماوي سم على منهج ومن ذلك الأحكار الموجودة بمصرنا فيغتفر الغرر فيها ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله فتتأبد ) أي : إذا لم يبين المدة كما يأتي في الشرح عبارة سم عن الروض وشرحه فلو عقد على ذلك بلفظ الإجارة صح وتأبد إن لم يوقت بوقت وإلا أي : وإن وقت بوقت فلا يتأبد ويتعين لفظ الإجارة ا هـ .

                                                                                                                              وفي البجيرمي أما إذا قال له : آجرتك مائة سنة بكذا مثلا فإجارة حقيقة ويترتب عليها أنه إذا انهدم انفسخت بخلاف ما إذا لم توقت فإنها لا تنفسخ حلبي وم ر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله للحاجة ) تعليل للصحة على التأبيد قال سم والرشيدي أي : وفيها حينئذ شائبة بيع على ما يشعر به قوله لامتناع شائبة البيع فيه وإن اقتضت مقابلة المتن خلافه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لو كانت ) أي : الدار ا هـ نهاية ( قوله وقفا عليه ) أي مثلا نهاية أي : أو موصى له بمنفعتها أو مستأجرة ع ش ( قوله وجب بيانها ) أي : وبعد انقضاء المدة يخير الآذن بين تبقيتها بالأجرة والقلع مع غرامة أرش النقص إن أخرج من خالص ملكه أما إذا كان ما يدفعه من غلة الوقف فلا يجوز بل يتعين التبقية بالأجرة وكذا لو انتقل الحق لمن بعد الآذن يتعين التبقية بالأجرة ا هـ ع ش ( قوله أو صالحتك ) أي بشرطه من كونه على إقرار وسبق خصومة ولو لم تكن عند القاضي [ ص: 212 ] ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله أما إذا إلخ ) محترز قوله ولم يقدرا مدة ( قوله فهو إجارة إلخ ) ظاهره ولو بلفظ البيع وليس مرادا قال في شرح الروض وإلا أي : وإن أقت بوقت فلا يتأبد ويتعين لفظ الإجارة ا هـ سم ورشيدي .

                                                                                                                              وقال ع ش ولا ينافيه أي : كونه إجارة محضة قوله بعتك ؛ لأنه لما عقبه بقوله لحق البناء عليه دل على أنه لم يرد به حقيقة البيع ا هـ ولعله لم يطلع على ما مر عن شرح الروض المذكور نقل المذهب .

                                                                                                                              ( قوله وأما إذا باعه إلخ ) محترز قول المتن للبناء إلخ ( قوله أو بشرط إلخ ) عطف على لم يتعرض للبناء ( قوله به ) يعني بشيء آخر ( وهو المراد هنا ) يقتضي منع صحة بقائه على أصله وليتأمل توجيهه ا هـ بصري ( قوله للبائع ) أي : أو المؤجر ( قوله بعد البيع ) أي : بقوله بعته للبناء أو بعت حق البناء عليه نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله المؤبدة ) أخرج المؤقتة وكان وجهه أن للمالك بعد المدة القلع مع غرم أرش النقص كما في غير هذه الصورة من صور فراغ مدة الإجارة للبناء أو الغراس ا هـ سم عبارة البصري الأولى ترك قيد التأبيد هنا لإيهامه أن لمالك الجدار نقضه بعد بناء المستأجر مع أنه ليس كذلك وإنما يحتاج إلى هذا القيد عند قوله ولو انهدم إلخ فإنه في المؤقتة تنفسخ به الإجارة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله شراء حق البناء ) ينبغي واستئجاره ا هـ سم قال ع ش ومثل ذلك ما لو تقايلا فيما يظهر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وإن استشكله الأذرعي ) لم يبين ما استشكل به ا هـ ع ش ( قوله وحينئذ ) أي : حين إذ وجد الشراء ( قوله يمكن ) من التمكين ( قوله من الخصلتين ) وهما التبقية بالأجرة والقلع وغرامة أرش النقص ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله السابقتين إلخ ) أي : في قول المتن وفائدة الرجوع إلخ ا هـ سم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية