الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( و ) يجوز السلم في الكتان لكن بعد دقه لا قبله وفي ( ما صبغ غزله قبل النسج كالبرود ) إذا بين الصبغ ونوعه وزمنه ولونه وبلده ( ولأقيس صحته في ) الثوب ( المصبوغ بعده ) أي النسج كالغزل المصبوغ ( قلت الأصح منعه وبه قطع الجمهور والله أعلم ) ؛ لأن الصبغ بعده يسد الفرج فلا يظهر فيه نحو صفاقة أو رقة ويجوز في الحبرة وعصب اليمن إن وصفه حتى تخطيطه نص عليه في الأم وقول شارح إلا عصب اليمن غلط فيه والأولى حمله على ما لا يضبطه الوصف ( وفي التمر ) والزبيب ( لونه ونوعه ) كمعقلي أو برني ( وبلده وصغر الحبات أو كبرها وعتقه وحداثته ) وكون جفافه [ ص: 27 ] بأمه أو الأرض لا مدة جفافه إلا في بلد يختلف بها ولا يصح في التمر المكنوز بالقواصر لتعذر استيفاء صفاته المشترطة حينئذ وظاهر أنه لو لم يعترض لكنزه فيها جاز قبول ما فيها ويذكر في الرطب والعنب غير الأخيرين ( والحنطة وسائر الحبوب كالتمر ) فيما ذكر فيه حتى مدة الجفاف بتفصيلها نعم لا يصح خلافا لما في فتاوى المصنف كالبحر في أرز في قشرته إذ لا يعرف حينئذ لونه وصغر حبه وكبرها لاختلاف قشره خفة ورزانة وإنما صح بيعه فيه ؛ لأنه يعتمد المشاهدة والسلم يعتمد الصفات ومن ثم صح بيع نحو المعجونات دون السلم فيها وبحث صحته في النخالة والتبن ومثله قشر البن فيذكر في كل ما يختلف به الغرض فيه ( وفي العسل ) وهو حيث أطلق عسل النحل ( جبلي أو بلدي ) وناحيته [ ص: 28 ] ومرعاه لتكيفه بما رعاه من داء كنور الفاكهة أو دواء كالكمون ( صيفي أو خريفي ) ؛ لأن الخريفي أجود ( أبيض أو أصفر ) قوي أو رقيق ويقبل ما رق لحر لا لعيب ( ولا يشترط ) فيه ( العتق والحداثة ) أي ذكر أحدهما ؛ لأنه لا يتغير أبدا بل كل شيء يحفظ به .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله بعد دقه ) ينبغي أن يراد به ما يشمل تخليصه من ساسه المسمى في عرف مصرنا بالنقض إذ هو قبل ذلك لا ينضبط ( قوله وزمنه ) من شتاء أو صيف قاله الماوردي انتهى .

                                                                                                                              ( قوله غلط فيه ) غلطه في القوت [ ص: 27 ] قوله لا مدة جفافه ) عبارة العباب مع شرحه وإذا شرط العتق يقبل وجوبا ما يسمى عتيقا ولا يجب ذكر المدة التي مضت عليه كأن يقول إنه عتيق عام أو عامين مثلا لكنه أي تقديرها أحوط ومن ثم يستحب أن يبين عتق عام أو عامين فإن أطلق فالنص الجواز وينزل على مسمى العتيق وهو قول البغداديين وقال البصريون لا يصح وحملوا النص على تمر الحجاز الذي لا يتفاوت بتفاوت عتقه إلى آخر ما أطال به وصدر الكلام بنسبة ذلك للجواهر وغيرها وللرافعي في بعضه ( قوله نعم لا يصح إلخ ) حاصل المعتمد جواز بيع الأرز قشرته العليا دون السلم .

                                                                                                                              ( قوله وبحث صحته في النخالة ) في شرح الروض نقل صحته في النخالة عن فتاوى ابن الصلاح إذا انضبطت بالكيل ولم يكثر تفاوتها فيه بالانكباس وضده انتهى .

                                                                                                                              وقال في شرح الروض أيضا قال الروياني وفي جوازه في السويق والنشا وجهان المذهب الجواز كالدقيق انتهى .

                                                                                                                              ( قول المصنف جبلي أو بلدي ) عبارة شرح [ ص: 28 ] المنهج أن يذكر مكانه كجبلي أو بلدي ويبين بلده كحجازي أو مصري انتهى .

                                                                                                                              ( قوله ومرعاه ) ظاهره في الجبل أيضا .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله بعد دقه ) أي ونفضه لا قبله فيذكر بلده ولونه وطوله أو قصره ونعومته أو خشونته ورقته أو غلظه وعتقه أو حداثته إن اختلف الغرض بذلك نهاية ومغني قال ع ش وفي سم ما يوافقه قوله أي ونفضه أي من الساس ولعله ؛ لأنه لا يمكن ضبطه قبل نفضه بالوصف ولا يشكل عليه جواز بيعه ؛ لأن البيع يعتمد المعاينة بخلاف السلم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله الصبغ ونوعه وزمنه ) عبارة النهاية والمغني ما يصبغ به وكونه في الشتاء أو الصيف ا هـ قول المتن ( والأقيس ) أي الأوفق بالقياس على القواعد الفقهية ا هـ ع ش ( قوله لأن الصبغ إلخ ) يؤخذ منه أن ما غسل بحيث زال انسداد الفرج يجوز السلم فيه بأن يقول أسلمت في مصبوغ بعد النسج مغسول بحيث لم يبق انسداد فيه إلخ ولا مانع منه ا هـ ع ش عن سم على منهج عن الطبلاوي وأخذ منه أن ما لا ينسد بصبغه شيء من فرجه كما هو المشاهد في بعض أنواعه يجوز السلم فيه ( قوله ويجوز في الحبرة ) والحبرة كالعنبة برد يماني موشى مخطط والجمع حبر كعنب وحبرات والعصب كفلس برود يمنية يعصب غزلها أي يجمع ويشد ثم يصبغ وينسج فيأتي موشى لبقاء ما عصب منه أبيض لم يأخذه صبغ وقيل هي برود مخططة ا هـ رشيدي ( قوله غلط فيه ) غلطه في القوت ا هـ سم ( قوله حمله ) أي قول الشارح قول المتن ( لونه ) كأبيض أو أحمر ا هـ مغني قول المتن ( وبلده ) أي كبصري أو مدني قول المتن ( وصغر الحبات وكبرها ) أي أحدهما ؛ لأن صغير الحب أقوى وأشد نهاية ومغني قول المتن ( وعتقه ) بكسر العين كما قاله الإسنوي وبضمها كما نقله ابن الملقن عن ضبط المصنف بخطه ا هـ مغني قال ع ش قال الإسنوي بكسر العين مصدر عتق بضم التاء وفي شرح المنهج بضم العين انتهى عميرة وفي المصباح بفتح العين وكسرها ا هـ وكلام القاموس يفيد أنه بالفتح والضم ولم يتعرض للكسر فيحتمل أن قول المحشي بكسر العين تحريف عن بضم العين ويدل عليه قوله مصدر عتق بالضم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وكون جفافه ) إلى قوله ومثله في النهاية إلا قوله وظاهر إلى ويذكر وكذا في المغني [ ص: 27 ] إلا قوله وإلا في بلد يختلف بها ( قوله بأمه أو على الأرض ) أي على النخل أو بعد الجداد فإن الأول أبقى والثاني أصفى ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله لا مدة جفافه ) ويستحب أن يبين عتق عام أو عامين أو نحو ذلك فإن أطلق فالنص الجواز وينزل على مسمى العتق ا هـ مغني زاد الإيعاب وإذا شرط العتق يقبل وجوبا ما يسمى عتيقا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله في التمر المكنوز إلخ ) وهو المعروف بالعجوة نهاية ومغني ( قوله غير الأخيرين ) أي غير العتق والحداثة ا هـ ع ش عبارة المغني والرطب كالتمر فيما ذكر ومعلوم أنه لا جفاف فيه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لتعذر استقصاء صفاته ) هذا قد يفهم صحة السلم في العجوة المنسولة أي المنزوع نواها وصرح بذلك شيخنا العلامة الشوبري ا هـ ع ش وتقدم في الشارح خلافه وعن المغني وفاقه ( قوله فيما ذكر إلخ ) أي في شروطه المذكورة فيبين نوعها كالشامي والمصري والصعيدي والبحري ولونه فيقول أبيض أو أحمر أو أسود قال السبكي وعادة الناس اليوم لا يذكرون اللون ولا صغر الحبات وكبرها عادة فاسدة مختلفة لنص الشافعي والأصحاب فينبغي أن ينبه عليها ا هـ مغني ( قوله حتى مدة الجفاف ) ويصح السلم في الأدقة فيذكر فيها ما مر في الحب إلا مقداره ويذكر أيضا أنه يطحن برحى الدواب أو الماء أو غيره ، وخشونة الطحن ونعومته ويصح في النخالة كما قاله ابن الصباغ إن انضبط بالكيل ولم يكثر تفاوتها فيه بالانكباس وضده ويصح في التبن قال الروياني وفي جوازه في السويق والنشا وجهان المذهب الجواز كالدقيق ويجوز السلم في قصب السكر بالوزن أي في قشره الأسفل ويشترط قطع أعلاه الذي لا حلاوة فيه كما قاله الشافعي وقاله المزني وقطع مجامع عروقه من أسفله ولا يصح السلم في العقار ؛ لأنه إن عين مكانه فالمعين لا يثبت في الذمة وإلا فمجهول ويصح في البقول كالكراث والبصل والثوم والفجل والسلق والنعنع والهندبا وزنا فيذكر جنسها ونوعها ولونها وصغرها وكبرها وبلدها ولا يصح في السلجم والجزر إلا بعد قطع الورق ؛ لأن ورقها غير مقصود ويصح في الأشعار والأصواف والأوبار فيذكر نوع أصله وذكورته أو أنوثته ؛ لأن صوف الإناث أنعم واغتنوا بذلك عن ذكر اللين والخشونة وبلده واللون والوقت هل هو خريفي أو ربيعي والطول والقصر والوزن ولا يقبل إلا منقى من بعر ونحوه كشوك ويجوز شرط غسله ولا يصح في القز وفيه دود حيا أو ميتا ؛ لأنه يمنع معرفة وزن القز أما بعد خروجه منه فيجوز ويصح في أنواع العطر العامة الوجود كالمسك والعنبر والكافور والعود والزعفران لانضباطها .

                                                                                                                              فيذكر الوصف من لون ونحوه ، والوزن والنوع نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله بتفصيلها ) أراد به قوله المار إلا في بلد يختلف بها ( قوله لا يصح خلافا إلخ ) حاصل المعتمد جواز بيع الأرز في قشرته العليا دون السلم ا هـ سم ( قوله في قشرته ) أي العليا نهاية ( قوله وكبرها ) أي الحب وتأنيث الضمير لكون الحب اسم جنس جميعا ( قوله إنما صح بيعه ) أي في قشرته العليا .

                                                                                                                              ( قوله وبحث صحته في النخالة ) هذا ظاهر إن انضبطت بالكيل ولم يكثر تفاوتها فيه بالانكباس وضده نهاية ومغني ( قوله في النخالة والتبن ومثله قشر اللبن ) ويجوز في الثلاثة كيلا ووزنا ويعتبر في الكيل كونه بآلة يعرف مقدار ما تسع ويعتبر في كيله ما جرت به العادة في التحامل عليه ينكبس بعضه على بعض ولو اختلفا في صفة كيله من تحمل أو عدمه يرجع لأهل الخبرة أو في صفة ما يكال به تحالفا لأن اختلافهما في ذلك اختلاف في قدر المسلم فيه ا هـ ع ش ( قوله فيذكر في كل [ ص: 28 ] إلخ ) عبارة النهاية ويصح في التبن فيذكر أنه من تبن حنطة أو شعير وكيله أو وزنه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بما رعاه إلخ ) ما وجه إطلاقه أن نور الفاكهة داء ا هـ سيد عمر عبارة المغني قال الماوردي فإن النحل يقع على الكمون والصعثر فيكون دواء ويقع على أنوار الفاكهة أو غيرها فيكون داء ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أو دواء ) قال الأذرعي وكأن هذا في موضع يتصور فيه رعي هذا بمفرده وهذا بمفرده وفيه بعد نهاية ومغني قال ع ش قوله وفيه بعد أي فلو اتفق وجود ذلك في بلد اشترط وإلا فلا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أي ذكر ) إلى قول المتن والأظهر في النهاية ( قوله بل كل شيء إلخ ) أي من خواصه أنه إذا طرح فيه شيء وترك المطروح فيه بحاله لا يتغير ا هـ ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية